أجرت “بوليتكال كيز | Political keys”، حوارًا خاصًا مع “كمال كرار” الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني، حول موقف الحزب من الأحداث الجارية في السودان والحرب الدائرة بين “الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”
وعن غموض موقف الحزب الشيوعي جراء الصراع في البلاد الدائر في البلاد، قال “كرار”، “لم يكن موقفنا غامضًا بالعكس، هو موقف واضح منذ اندلعت الحرب منذ 15/ 4، وقلنا بأن هذه الحرب عبثية، وهي صراع على النفوذ السياسي والاقتصادي بين أطراف الصراع العسكري، وأن هذه الحرب يجب أن تتوقف من أجل استمرار أهداف ثورة سبتمبر، وفصّلنا كلامنا بعد ذلك، بانّ الفترة الانتقالية آنذاك لم تكن لتحقيق هدف الثورة، وإنما كانت شراكة بين قوى جمعت بينها المصلحة في تحقيق النفوذ ووأد أهداف الثورة ومنعها من رؤية النور، وكانت مشتركة بين قوى عسكرية ومدنية متحالفة مع بعضها من بقايا النظام البائد، وحصل بعد ذلك دمج لـ”قوات الدعم السريع” وبدأ بعد ذلك الصراع على من سيسيطر على القرار العسكري والسياسي”.
وتابع “موقفنا بعد الحرب واضح بهذا الخصوص، ولازلنا ندعو كقوى مدنية لمحاصرة أطراف الحرب سعيًا لوقفها بإرادة سودانية خالصة ومن ثم الانطلاق نحو تحقيق أهداف الثورة، بسلطة انتقالية ثورية تسترد الثورة وتحقق أهدافها وشروطها مع محاكمة مجرمي الحرب، وعدم تكريس سياسة الإفلات من العقاب مرة أخرى على الجرائم المرتكبة في الحرب وماقبل الحرب، من قبل قوات ‘البرهان و”الدعم السريع” وكل الأطراف المشتركة في الحرب”.
ماهو موقف الحزب الشيوعي من إعادة العلاقات مع إيران؟
وعن موقفهم من إعادة العلاقات مع إيران، اعتبر الناطق باسم الحزب، بأتّ الحديث حول إعادة العلاقات السودانية – الإيرانية يمكن اعتباره في سبيل المفارقة والدعابة، فالسودان منذ 25 أكتوبر، فقد هيبة الدولة مع عدم وجود برلمان ولاخطط سياسية ولا اقتصادية، فالمجموعة الموجودة حاليًا والتي تشكل وزارات وغيرها كلها تعتبر لاقيمة لها، باعتبار أنّ السودان في حالة حرب، ومايسمى بالحكومة الآن يمكن أن يسمى حكومة طوارئ، أوحكومة الأمر الواقع، لكن هذه حالة اللادولة موجودة ولا يستطيع أحد إنكارها، ومقومات الدولة غير موجودة ولا يوجد أي قرار أو موقف من المجموعة تلك، وحتى هي منقسمة على نفسها، فجزء منها مع “البرهان وجزء مع “دقلو”، وجزء في الحياد، وهذا القرار (إعادة العلاقات) لايضيف جديدًا للمشهد الموجود حاليًا، وإذا كان سيلعب ككرت من قبل أطراف الصراع في سبيل الحصول على دعم عسكري أو غيره، فإيران نفسها هي موقف لاتحسد عليه من جراء الكثير من الأشياء المحيطة بها سواء من الداخل الإيراني أو ماحولها، فلا تستطيع إيران اليوم حتى لو كان الدعم عسكريًا لأحد أطراف الصراع فهذا الدعم الآن يعتبر مستحيلًا باعتبار مراقبة الأجواء والسواحل الإيرانية من قبل الولايات المتحدة”.
وبالنسبة لوفد الجبهة المدنية وسعيها لإيقاف الحرب، أكد “كرار”، أنّ “الجبهة والقوى المنضوية تحتها تسير في مسارات مختلفة عما ندعو له نحن في الهدنة السودانية، فخطنا السياسة يتمحور بأنّ المشهد الحالي انحرف عن الثورة ولم تعد قوى التغيير (التي انشققنا عنها) تمثل الثورة، فنحن منذ وقت مبكر دعونا لإسقاط حكومة “حمدوك” وبعده جاء الانقلاب فدعونا لعدم قبوله وعدم المساومة وعدم الشراكة معهم، ونحن نعتبر أنهم حاليًا يسيرون في طريق مسدود، وفي النهاية سترتد الأمور عليهم كما ارتدت سابقًا، فوقف الحرب سيكون بحراك الشعب والضغط الجماهيري ومحاصرة طرفي القتال في كل مكان لوقف الحرب”.
“الجبهة والقوى المنضوية تحتها تسير في مسارات مختلفة عما ندعو له نحن في الهدنة السودانية، فخطنا السياسة يتمحور بأنّ المشهد الحالي انحرف عن الثورة ولم تعد قوى التغيير (التي انشققنا عنها) تمثل الثورة”. كمال كرار – الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني
وأضاف “نحن نبحث في عمق الأمور ونحلل ونستقرئ الواقع وبعد ذلك نصل لقرارنا الصحيح، فالحرب هذه وحتى التفاعلات السياسية خلال الفترة الانتقالية نردها لأصلها دائمًا، فالصراع الطبقي في تفاصيله من سياسي واجتماعي واقتصادي موجود في بلدنا منذ وقت طويل، ولما جاءت الثورة كان موقفنا واضح وصريح بأن الثورة تستطيع أن تقضي على ذلك التمايز”.
ماهو مستقبل الحزب الشيوعي ؟
وعن رأيه في مستقبل الحزب الشيوعي، قال الناطق الرسمي، إنّ “الحزب الشيوعي هو مستقبل الشعب السوداني، هذا الوطن العزيز الذي نحمله في حدقات العيون، ونرى أن انتهاء هذه الحرب هو انتصار للشعب الذي لم ولن نتخلى عن تحقيق مصالحه في دولة حرة ونظام مستقر وانتماء سياسي واقتصادي لصالح الجميع، وطن يبنيه الحزب الشيوعي والقوى الأخرى المتمسكة بالتغيير الجذري في السودان، والمستقبل لا يأتِ بالأماني وإنما يأني بالعمل و بالسياسة والنضال السلمي الجماهيري بالمظاهرات والاعتصامات والتعليم وغيرها، وهو الذي خلع القوى السابقة وقادر على خلع أصحاب الثورة المضادة”.
وعن وجود تواصل مع لجنة حقوق الإنسان في جنيف بخصوص الانتهاكات من قبل طرفي النزاع في البلاد من قتل واغتصاب في مناطق الاشتباكات في السودان، أكد “كرار”، أنّ كل الملفات التي لها علاقات بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، نمتلك عنها المعلومات والتفاصيل الدقيقة، بما حدث الآن وماحدث سابقًا، وكنا في إطار التوثيق لجرائم دارفور من قبل، وأصدرنا بذلك كتابًا عن ذلك. ولايوجد عندنا تواصل مع لجنة “جنيف”، ونرى أن الشعب السوداني هو من المفترض أن يحاسب المجرمين وتنتهي قضية الإفلات من العقاب، والشعب يأخذ قضاياه بيده، ولاننتظر أي جهة لتأخذ لنا حقنا… ويوم المحاكمة قادم ونحن لن ننسى ولن نغفر، وسياسة الإفلات من العقاب هي من جرت السودان لما عليه الآن منذ عام 1965”.
ماهو موقف الحزب الشيوعي من اتفاق “جوبا”؟
وبالنسبة لموقفهم من اتفاق سلام “جوبا”، أوضح الناطق الرسمي “موقفنا واضح من اتفاق “جوبا”، بأنه لم يحقق سلامًا للسودان، وهو اتفاق محاصصة بين قادة الحركة المسلحة والحكومة الانتقالية أو مع المكون العسكري في المجلس السيادي، وقلنا بأنه سيفتج الحرب أمام المزيد من الحروب في السودان وهذا ما حصل، فهذا الاتفاق لايساوي الحبر الذي كتب به، ومطلبنا الواضح موقف كل قوى التغيير، بأنه يجب أن يلغى لصالح اتفاق سلام مستدام وليس اتفاق محاصصة”.
هل يوجد لدى الحزب تواصل مع أطراف الصراع؟
وعن وجود تواصل بين الحزب والقوى المتصارعة في السودان، أكد “كرار” أنه “ليس لدينا تواصل مع الجيش والدعم السريع، ولكن نخاطب قوى الثورة والشعب السوداني أن يوقف هذه الحرب، وأنه ينبغي أن يسمع الطرفان صوت الشعب، وذلك بعد أن دفع الشعب السوداني فاتورة باهظة الثمن، وألا تتكرر نفس المآسي في المستقبل… فهذه الأطراف التي تتقاتل الآن هي أعداء الشعب وأعداء الوطن ولا هم لهم سوى المنصب ولايهتمون للدماء المسفوكة، فلا كلام لنا معهم وإنما مع الشعب الذي سيحاسبهم”.
وأردف: نحن قلنا كلام واضح إذا كانت المواقف الدولية تدفع الطرفين لإيقاف الحرب وإيصال المساعدات فنحن معها، ولكن ألا يكون ذلك مرهون بتصور سياسي يفرض حكومة من الخارج، فموقفنا بهذا الشأن واضح تدخل يوقف الحرب ويوصل المساعدات ولكن لايفرض رأيًا سياسيًا أو حكومة لايرضاها الشعب”.
ماهو موقف الحزب الشيوعي من القضية الفلسطينية ؟
وعن موقف الحزب الشيوعي من القضية الفلسطينية واستمرار الحرب في قطاع غزة المحاصر، أفاد “كرار” إننا “مع الشعب الفلسطيني قلبًا وقالبًا وننسجم مع موقف شعبنا من جيش الاحتلال، ونردده بشكل دائم، وجددنا ذلك خلال لقائنا مع البرهان وحكومة نتنياهو، فالشعب الفلسطيني شعب مضطهد مسلوب الحقوق وإنه لا يمكن التطبيع مع الاحتلال في ظل ذلك، ونحن ندعم الشعب الفلسطيني في نضاله المستمر في تحصيل حقوقه ودولته، وهذا موقفنا منذ نشأة الحزب وهو الموقف الصحيح، ونرى أن الشعبين السوداني و الفلسطيني سيحققان غايتهما بالحرية والعدالة”.
“إننا مع الشعب الفلسطيني قلبًا وقالبًا وننسجم مع موقف شعبنا من جيش الاحتلال، ونردده بشكل دائم”. كمال كرار – الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني
وعن عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى دارفور والخرطوم، قال الناطق الرسمي، إنّ “المساعدات الإنسانية لم تكن تصل لأي مكان عبر التاريخ، بل تصل للسوق ويأخذها تجاره، والكلام ذلك كثير ومعروف، لأن منظومة الفساد في بلادنا مستمرة، وتأخذ حقوق الشعب و مستحقاته، وهي أيضًا محمية بالقانون الذي وضعته والسلاح الموجود بين يديها، فليس مستغربًا الآن ألا تصل للمحتاجين، وانتصار الثورة هو الوحيد الذي سيعيد الحقوق وسينتج الدولة التي تحقق الحرية والعدالة”.
هل يوجد خطة سياسية مستقبلية للحزب الشيوعي؟
وعن مدى وجود خطة للحزب بخصوص العملية السياسية ومستقبل السلطة المدنية والتحول الديمقراطي واستكمال أهداف الثورة السودانية، قال “كرار”: نعم لدينا رؤية سياسية متكاملة وجماهيرية، ونحن نقول إنّ إيقاف الحرب هو البداية لتحقيق أهداف الثورة السودانية، وإنّ هذا الصراع الطبقي المحموم الممزوج بالسياسة، المفروض أن يكون منتهيًا بعد الحرب. ويبدأ الإصلاح بتفكيك النظام الحالي ونفوذه الاقتصادي والمالي كي تحقق انتقالًا سياسيًا، إضافة لتفكيك الميليشيات الموجودة، مع توفير الروافع الاقتصادية لمصلحة الشعب السوداني، وتحقيق سلام تديره مفوضية سلام ذات خبرة، ويتضمن البرنامج وجود حكومة انتقالية تستمر 4 سنوات، وقبل نهاية الفترة الانتقالية بعام واحد يكون هناك مؤتمر قومي دستوري، يكتب دستور دائم للسودان نوضح فيه كافة الجوانب، كطبيعة الدولة إما برلمانية أو رئاسية، وشكل الحكم الإداري فيها، وكيفية توزيع الثروة على الأقاليم المختلفة للمواطنين جميعًا، ويتيح التعدد الثقافي والديني، ونكون بذلك وضعنا لبنة نحو انتخابات حرة ونزيهة، ويكون الشعب السوداني هو من يختار حكومته ورئيسه، هذا هو تصورنا للتدرج السياسي الذي ينبغي أن يكون، ونريد أن تكون هذه الحرب هي آخر المؤمرات على الشعب، وأن يتجه السودان لتحقيق دولة مدنية ديمقراطية، فالشعب السوداني يستحق هذا النوع من الأمل والمستقبل، في دولة تكون مواردها وثرواتها لصالح شعبها، ودولة لاتأخذ القرار من الخارج وإنما يكون قرارها من الداخل”.
“لدينا رؤية سياسية متكاملة وجماهيرية، ونحن نقول إنّ إيقاف الحرب هو البداية لتحقيق أهداف الثورة السودانية”. كمال كرار – الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني
وختم الناطق الرسمي كلامه، و”في هذا الإطار، نقول دائمًا نحن من الجماهير وإليها ونتعلم منها، وقلنا كثيرًا للقوى السياسية في الشارع السوداني، إنه ينبغي عدم تجريب المجرب وأننا إن كنا نطمح لتأسيس دولة لايمكن أن تنتصر بالتوليفة مع الفلول أو التحالف معهم أو بالمساومات على الثورة، ورؤيتنا واضحة جدًا بأنه لن تنتصر الثورة ولن تتحقق أهدافها إلابسلطة انتقالية ثورية 100%، لاتأتي بحلولها من الخارج، ولاتنتهج سياسة الإفلات من العقاب، وهذا الفكر الذي نمتلك يجب أن نقوله على رؤوس الأشهاد، ونرجو أن تكون القوى الأخرى قد تعلمت من الفترة السابقة وتقدم اعتذاراتها للشعب السوداني، وألا تنحاز لقوى الثورة المضادة الموجودة حاليًا”.