“الدعم السريع” تدفع نحو تشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية وتوزع المناصب

تشير المعطيات الميدانية والسياسية التي اطلعت عليها “بوليتكال كيز | Political Keys” في الساحة السودانية إلى تصاعد التوتر بين مكونات المعارضة المدنية، لا سيما مع تعاظم الضغوط الممارسة على تحالف “صمود” بقيادة عبد الله حمدوك، من قبل المجموعات المرتبطة بقوات الدعم السريع، والتي تسعى إلى جرّه إلى شراكة سياسية غير مباشرة، تحت مظلة شرعية حكومة موازية مدعومة من الجناح العسكري المناوئ للبرهان “قوات الدعم السريع”.
في النصف الثاني من أيار/ مايو، تحركت الكتلة السياسية المتحالفة مع قوات الدعم السريع، المعروفة باسم تحالف تأسيس السودان، نحو إعادة هيكلة سلطتها السياسية عبر تعيين رئيس وزراء وتقاسم مراكز الحكم، بما في ذلك مواقع سيادية، في مشهد موازٍ للسلطة المركزية القائمة في بورتسودان.
هذه الخطوة تمثل تطورًا نوعيًا في سعي قوات الدعم السريع لتكريس واقع سياسي منفصل، ومحاولة استقطاب تحالف “صمود”، الذي رغم تقاطعه المبدئي مع بعض بنود ميثاق الدعم السريع كالفيدرالية والديمقراطية، لا يزال يرفض فكرة وجود إدارة تنفيذية موزاية ذات طابع ميليشيوي.
الضغوط تتصاعد داخل “صمود”، إذ يجد نفسه عالقًا بين تمسكه بخطاب مدني جامع، من جهة، وبين محاولات عزل مستمرة من المنظومة الدولية التي تميل تدريجيًا للاعتراف بالسلطة القائمة في بورتسودان بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.
الدعم المصري لمؤتمر لندن، وموقف القاهرة الرافض لأي صيغة لا تعترف بمؤسسات الدولة الرسمية، قد فتح قناة تواصل مؤثرة مع مفوضية الاتحاد الإفريقي، لا سيما في ظل ترحيب رئيسها الجديد محمود علي يوسف بتعيين كامل الطيب إدريس رئيسًا لحكومة موالية للبرهان، الأمر الذي أغضب “صمود” ودفعه للتنديد بما اعتبره انحرافًا عن مبادئ الاتحاد الإفريقي.
التحركات الإقليمية والدولية لا تنفصل عن سياق إعادة تشكيل آلية إدارة النزاع في السودان، حيث تعمل إيغاد، إلى جانب الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، على تطوير آلية جديدة بقيادة جيبوتية، ما يعكس انزياحًا في مراكز التأثير لصالح معسكر بورتسودان.
في المقابل، تواصل حركة “صمود” تحركاتها الدبلوماسية القائمة على مبادرة حمدوك التي أطلقها في آذار/ مارس، والتي تتضمن وقف إطلاق النار غير المشروط، وتحرير الأسرى، وتهدئة الإعلام الرقمي، وفتح المجال للمساعدات، والعودة إلى طاولة الحوار.
هذه المبادرة ما زالت قيد التداول بين “صمود” وعدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، لكنها حتى الآن لم تحظَ بدعم تنفيذي كافٍ على الأرض، وسط تصاعد الاستقطاب بين الكيانات المدنية والعسكرية، وتزايد المبادرات الجزئية ذات الطابع الفصائلي.
ميدانيًا، يبدو أن محاولات قوات الدعم السريع لشرعنة وجودها السياسي عبر آليات موازية تضعف من فرص المبادرات المدنية غير المنخرطة في الصراع المسلح، وتدفع المشهد السوداني نحو مزيد من الانقسام السياسي، في ظل تراجع فرص التسوية الشاملة، وتعنت كلا المعسكرين في تقديم تنازلات جوهرية.