ملفات خاصة

في ظل الانحياز الأمريكي للمغرب.. مصير غامض يواجه بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية

تواجه بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) واحدة من أدق لحظاتها منذ تأسيسها قبل أربعة وثلاثين عامًا، وسط ضغوط مالية متصاعدة وتحولات جيوسياسية تعيد رسم ملامح الملف.

البعثة التي أنشئت عام 1991 بهدف الإشراف على وقف إطلاق النار والتحضير لاستفتاء يحدد مصير الإقليم المتنازع عليه، تجد نفسها اليوم في قلب تساؤلات حول جدوى وجودها، لا سيما مع التقارب الأمريكي المغربي وتبدل أولويات السياسة الخارجية لواشنطن.

التقارير المتداولة في وسائل إعلام مغربية وصحراوية حول تقليص محتمل لحجم البعثة قوبلت بنفي رسمي، إذ أكد متحدث باسمها أن تعليق توظيف الموظفين المدنيين هو إجراء مؤقت ينسجم مع الإجراءات المالية العامة للأمم المتحدة، ولا يقتصر على مينورسو وحدها، إلا أن هذا التصريح لا يخفي الواقع المالي المأزوم للبعثة، التي رُصد لها مبلغ 69.3 مليون دولار لولايتها الحالية، في حين بلغت المساهمات غير المدفوعة حتى مطلع أيلول/ سبتمبر 54.2 مليون دولار، ما أثر فعليًا على قدرتها في تنفيذ مهامها ميدانيًا.

الولايات المتحدة، الممول الأكبر لعمليات حفظ السلام الأممية بنسبة تقارب 26% من الميزانية، تبدو في موقع إعادة تقييم استراتيجي لوظيفية هذه البعثة تحديدًا.

مؤسسات فكرية أمريكية محافظة كمؤسسة التراث ومعهد أمريكان إنتربرايز، المقربَين من إدارة الرئيس دونالد ترامب والتي تقف خلف مشروع “2025”، طالبت علنًا بإنهاء مهمة مينورسو، ووصفتها بأنها غير فعالة وبأن استمرار دعمها يتعارض مع روح اتفاقيات أبراهام التي كرست اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

الاصطفاف الأمريكي إلى جانب الرباط تجدد تأكيده مطلع نيسان/ أبريل في لقاء جمع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بنظيره المغربي ناصر بوريطة، حيث أعادت واشنطن تأكيد اعترافها بسيادة المغرب على الإقليم، واعتبرت خطة الحكم الذاتي المغربية الأساس الوحيد لحل النزاع، وهو موقف يعزز المحور المغربي-الأمريكي بعد اتفاقيات أبراهام، لكنه في المقابل يقوض أسس ولاية البعثة الأممية التي نشأت لضمان حق تقرير المصير لشعب الصحراء.

في ظل هذا التوتر، تحرك المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، في جولة شملت المغرب، والجزائر، وموريتانيا، ومخيمات اللاجئين في تندوف، في محاولة لإعادة الزخم إلى العملية السياسية، إلا أن جولته لم تسفر عن اختراقات حقيقية.

وفي إحاطته المغلقة أمام مجلس الأمن، دعا دي ميستورا إلى استغلال ما وصفه بـ”الفرصة الدبلوماسية الجديدة”، مشيرًا إلى تغيرات إقليمية، كتحسن مؤقت في العلاقات بين باريس والجزائر، ودعوات واشنطن لحل مقبول للطرفين رغم دعمها للرباط.

ورغم إشاراته إلى ضرورة شرح مضامين الحكم الذاتي المغربي بشكل مفصل ومقرون بصلاحيات واضحة، فإن واقع الأرض وغياب التمويل الكافي يفرضان على البعثة قيودًا صعبة.

وقد حذر المبعوث الأممي من احتمال توقف المساعدات الغذائية للاجئين الصحراويين في تندوف خلال الصيف إذا لم يُؤمّن تمويل جديد، بينما بقي التقرير الأمني لرئيس البعثة ألكسندر إيفانكو بعيدًا عن التداول الإعلامي.

الجمود السياسي، والتحديات اللوجستية، والضغط المالي المتصاعد، كلها مؤشرات على أن بعثة مينورسو لم تعد في موقع ينسجم مع الديناميكيات الإقليمية والدولية الحالية، فمهمتها، التي وُلدت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، قد تواجه في المرحلة المقبلة إعادة تعريف جذرية، أو حتى إلغاءً فعليًا إذا ما تبلور الإجماع الدولي على أنها تجاوزها الزمن.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى