
أرجأت طهران مجددًا موعد إطلاق قمريها الصناعيين الجديدين لمراقبة الأرض، بارس 1ب وبارس 2، حتى تموز/ يوليو، بعد أن كان من المفترض إطلاقهما في آذار/ مارس، بحسب وعود سابقة من مدير وكالة الفضاء الإيرانية حسن سالاريه.
هذا التأجيل يعكس مأزقًا تقنيًا واستراتيجيًا أعمق داخل برنامج الفضاء الإيراني، ويزيد من الضغط على قدرات الاستخبارات الجيومكانية التابعة للحرس الثوري (باسداران)، الذي يتولى بدوره الإشراف المباشر على المشروع الفضائي الإيراني لأغراض عسكرية.
في الوقت الراهن، لم يعد لدى باسداران أي أقمار صناعية عاملة لمراقبة الأرض، فقد تم إخراج أقمار نور الثلاثة من الخدمة في 16 آب/ أغسطس الماضي، بعد سلسلة من الإخفاقات التشغيلية وعدم تحقيقها للمعايير الفنية المطلوبة.
كذلك، فإن القمر الصناعي بارس 1، الذي أطلقته روسيا في شباط/ فبراير 2024، لم يتمكن من الحفاظ على مداره الأولي واستمر في التدهور تدريجيًا، ما أدى إلى تقليص قدرته الفعلية.
وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الإيراني، ستار هاشمي، اعترف علنًا بأن دقة هذا القمر لم تتجاوز 15 مترًا، وهو أداء بعيد عن المواصفات التي رُوّج لها سابقًا.
تزايد الاعتماد الإيراني على الدعم الروسي بدا واضحًا، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لضمان تحسين الأداء، القمر الصناعي “خيام 1″، المُصنع من قبل شركة VNIIEM الروسية، والذي أُطلق بواسطة صاروخ “سويوز” في آب/ أغسطس 2022، يعاني هو الآخر من مشكلات مستمرة منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أجبرته على تصحيحات متكررة لمداره.
هذا القمر، الذي يُعتبر الآن الأداة الفضائية الوحيدة المتبقية بحوزة طهران، لم يكن أساسًا أولوية لدى موسكو التي ركزت بدورها على الأقمار الصناعية العسكرية المرتبطة بساحة الحرب الأوكرانية، أما القمران “خيام 2” و”خيام 4″، فتم تأجيل إطلاقهما إلى أجل غير مسمى.
النسخة المحسّنة من بارس، والمعروفة باسم بارس 1ب، من المتوقع أن تقدم تحسينات محدودة، تشمل دقة تصوير أكبر وبعض المعالجة لمشكلات تحديد الموقع، ومع ذلك، تبقى هذه التحسينات غير كافية لتحقيق معايير الاستخدام العسكري الفعال.
القمر بارس 2، من جانبه، سيقدم دقة تقدر بـ 2.5 متر، وهي مقبولة في السياق المدني لكنها لا تلبي الحد الأدنى من المتطلبات العملياتية للأجهزة الأمنية.
في ظل هذه الفجوات التقنية المتواصلة، من المرجّح أن تستمر إيران في الاعتماد على صور الأقمار الصناعية عالية الدقة التي توفرها شركات صينية شبه حكومية، وهي الجهات الوحيدة التي لا تزال تزود طهران ببيانات تصوير تقل دقتها عن متر واحد، ما يشير إلى استمرار محدودية الاستقلالية الإيرانية في مجال الاستخبارات الفضائية.