إدريس أحميد يكتب في “بوليتكال كيز | Political Keys”: الاتحاد الإفريقي والتحديات التي تواجهه
القارة الإفريقية الجغرافية والتاريخ والثروات البشرية والطبيعة، التي شهدت تهافتًا استعماريًا منذ القرن السادس عشر حتي خروجه المزعوم في القرن العشرين، حيث بقيت شركاته تسيطر على الثروات، وتوجد قواعد الاستعمار العسكرية.
منظمة الوحدة الإفريقية
تأسست المنظمة في 25 أيار/ مايو 1963 في العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا” بعضوية 32 دولة، ووضعت المنظمة أهدافًا في مقدمتها تحرير القارة من الاستعمار، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والقضاء على التخلف الاجتماعي، وأخذ القارة لمكانتها في العالم.
وقد وصل عدد دول المنظمة إلى 52 دولة، وزاد عدد الدول مع قيام الاتحاد الإفريقي إلى 55 عضوا.
الاتحاد الإفريقي
جاء تأسيس الاتحاد الإفريقي كإنجاز تاريخي، عكس الإرادة الحقيقة لدول القارة، لتأخذ خطوات قوية لتعزيز دور إفريقيا لمواجهة التحديات والمتغيرات في العالم، حيث شهدت قمة “سرت” الليبية 1999 إعلان إنشاء الاتحاد الإفريقي، بعد مجهودات كبيرة بذلتها ليبيا في عهد الراحل معمر القذافي.
وشهدت قمة لومي عاصمة التوجو عام 2000 اعتماد القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
ووضعت قمة ” لوساكا” الزامبيه عام 2001 خارطة الطريق لتنفيذ الاتحاد الإفريقي.
وجاءت قمة ديربان في جنوب إفريقيا 2002، لتعلن قيام الاتحاد الإفريقي، وتم وضع بروتوكول القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
بين الإنجاز والصعوبات
أولى التحديات التي تواجه الاتحاد الصعوبات المالية، الناتجة عن عدم قدرة الدول بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، بسبب الفساد والفقر بسبب انعدام التنمية على الرغم من الإمكانيات والثروات التي تملكها الدول الدول الإفريقية.
الأنظمة السياسية في القارة
يمثل النظام السياسي أحد أهم ركائز الدولة في التنمية والاستقرار، وقد عانت الدول الإفريقية من أنظمة حكمتها بعد الاستقلال، بما يعرف بالزعماء الذين قادوا بلدانهم نحو الاستقلال، وتمسكوا بالسلطة مدى الحياة من خلال تغاضي الدول الاستعمارية عن بقائهم في الحكم، مقابل سيطرة الشركات الاحتكارية على ثروات دولهم، واحتفاظهم بوجودهم العسكري.
الانقلابات العسكرية
تعتبر الانقلابات العسكرية الدموية والسلمية إحدى أهم المعوقات التي تعانيها القارة، والتي وقعت من خلال التدخل الأجنبي وأهمها الاغتيالات التي عرفتها القارة، وخاصة الزعماء الذين أرادوا الاستقلال عن التعبية، حيث شهدت غالبية الدول الإفريقية انقلابات خلال الستين السنة الماضية، وقع أكثر من عشرين انقلاب منذ عام 2000، وبهذا الخصوص قرر الاتحاد الإفريقي قرارات لمواجهة الانقلابات في قمة “الجزائر” عام 1999 ، واعتمد في إعلان “لومي” عام 2000 ما يعرف بالتغييرات غير الدستورية وحددها:
1- الانقلاب العسكري على حكومة منتخبة ديمقراطيا.
2- تدخل المرتزقة لاستبدال حكومة منتخبة ديمقراطيا.
3- إسقاط حكومة منتخبة ديمقراطيا من قبل مجموعات مسلحة أو من قبل حركات متمردة.
4- رفض حكومة قائمة التخلي عن السلطة للحزب الفائز في انتخابات حرة ونزيهة وقانونية.
ولكن الانقلابات عادت لبعض الدول، ولم يتمكن الاتحاد الإفريقي من تفعيل قراراته، واكتفى بتجميد العضوية والمطالبة بالعودة عن الانقلابات، كما حدث في مالي وبوركينا فاسو وغينيا بيساو والنيجر وآخرها الغابون.
الصراع والتنافس الدولي
لا تزال القارة الإفريقية ذات أهمية للقوي الكبرى، بعد انتهاء الحرب الباردة لتتجدد حرب باردة أخرى مع الغرب بعد مطالبات شعوب القارة بالتغيير، من خلال رفض الاستعمار الأوروبي القديم الذي أوصلها للفقر والجوع والبطالة للشباب الإفريقي، الذي يغامر في الصحراء من أجل الوصول لأوروبا أو الموت في عرض البحار.
وتأتي الصين الشعبية القوة الاقتصادية في العالم، راهنت الصين على إمكانيات إفريقيا، فكانت سباقة لطرق أبواب الدول الإفريقية وسبق أن ارتبطت بعلاقات سياسية ودعمت حركات التحرر، وقدمت مساعدات في مجال التعليم للطلاب الأفارقة في الستينات والسبعينات القرن الماضي.
وقد جددت الوجود في إفريقيا في ظل إستراتيجياتها الجديدة في العالم واستطاعت توسيع نشاطها التجاري الذي بلغ 280 مليار دولار للعام 2023 وبذلك أصبحت الشريك الأول للقارة الإفريقية.
أما الاتحاد السوفييتي السابق والتي حلت محله روسيا الاتحادية، فقد كان له دور كبير في القارة الأفريقية، من خلال دعمه لحركات التحرر إبان الحرب الباردة في جميع المجالات العسكرية والاقتصادية والتعليمية، وبعدها نالت الدول الإفريقية استقلالها في الستينات من القرن الماضي وانقسمت إفريقيا بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية وتراجعت أهمية إفريقيا لدى أمريكا والغرب.
في عودة للولايات المتحدة الأمريكية للقارة بعد تقلبات في سياسات الإدارات الأمريكية، عقدت قمتين، الأولى عام 2014 في عهد الرئيس باراك أوباما، وآخرها في عهد الرئيس دونالد ترامب، المعروف بسياسته ” أمريكا أولا”.
انعقدت القمة الثانية عام 2022 بمشاركة 49 دولة إفريقية وتعهدت أمريكا بالتزامها بتقديم 55 مليار دولار خلال ثلاثة سنوات.
أما في المجال الأمني والعسكري الذي تركز عليه أمريكا فيما يعرف بمكافحة الإرهاب، من خلال القيادة العسكرية المركزية في إفريقيا “الأفريكوم” التي أنشئت في عام 2007 وترتبط بتعاون عسكري مع 53 دولة إفريقية، التي تتحرك في بعض الدول الإفريقية تنتشر “أفريكوم” على 15 دولة في القارة الإفريقية، تتمثّل بـ13 قاعدة دائمة، تضاف إليها 17 قاعدة غير دائمة.
وتحتفظ بقوات بأربعة قواعد أهمها في جيبوتي وكينيا والصومال وشيشل، وتحتضن جيبوتي 9 قواعد لدول أخرى، كفرنسا المستعمر القديم للقارة، وتعد جيبوتي ذات أهمية لفرنسا وخاصة بعد خروجها من النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وتمتلك فرنسا قواعد في ساحل العاج والغابون والسنغال.
أيضا تتواجد الصين عسكريا في جيبوتي وقوات حفظ السلام في بعض الدول الإفريقية، وتسعى روسيا الاتحادية لتعزيز وجودها العسكري وأخذت تتبع خطى أمريكا وفرنسا، من خلال التعاون العسكري وبيع الأسلحة، وأصبحت قوات “فاغنر” أحد الأذرع للجيش الروسي في مالي وبوركينا فاسو وإفريقيا الوسطى، ولربما في النيجر وتشاد.
الاتحاد الإفريقي ودوره في الحفاظ على كيانه
نعتقد بأن التنافس والصراع الدولي سوف يزداد في السنوات القادمة حول القارة الإفريقية، وستحاول الدول الكبرى كسب هذا الكيان الذي يملك إمكانيات اقتصادية هائلة وجيو سياسية وثروات بشرية، وعلى الاتحاد الإفريقي أن يبذل قصارى جهد لكي لا يتحول لساحة لتلك الصراعات التي قد لا تكون نزيهة، وتؤدي للتأثير على هذا الاتحاد الذي يمثل إنجازًا تاريخيًا بإمكانه أن يكون منافسًا للتكتلات الأخرى ويفرض مصالحه بجدارة.
وعليه أن يستفيد من سياسات الهيمنة في التعامل مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، التي جربتها الدول الإفريقية وترفض شعوبها ذلك.
أمام الاتحاد الإفريقي كيانات جديدة وأهمها “البريكس” الذي تعد إفريقيا أحد مؤسسيه، والذي يضم دولًا قوية كالصين وروسيا وتجد قبولًا لدي شعوب القارة الإفريقية، ومجموعة العشرين أو التعاون الثنائي بين الاتحاد الإفريقي ودول كالبرازيل والهند وتركيا وإيران.