إدريس أحميد يكتب في “بوليتكال كيز | Political Keys”: دول الجوار ودورها في حل الأزمة الليبية
ترتبط ليبيا جغرافيًا بحدود مع جمهورية مصر والسودان وتشاد والنيجر والجزائر وتونس، وبطبيعة الحال هناك علاقات وروابط اجتماعية واقتصادية من خلال التنقلات البينية، وقد شهدت ليبيا توترات سياسية وأمنية منذ 2011، مما أثر على دول الجوار أمنيًا.
الدور المصري في ليبيا
وتنظر جمهورية مصر في عدم الاستقرار في ليبيا بعين الاهتمام وخاصة أن البلدين شهدا ثورة في 2011، غير أن مصر استقرت أمنيًا وسياسيًا لأنها دولة تمتلك الإمكانيات البشرية والعسكرية والاقتصادية، ولكنها تتابع الأوضاع في ليبيا في إطار المحافظة على مصالحها الاستراتيجية من خلال استقرار ليبيا.
وفي هذا السياق، تمثل مصر طرفًا مهمًا وتلعب دورا بالتوافق مع الدول الكبري، وترتبط مصر بعلاقات مع جميع الفرقاء الليبيين لإيجاد دور يحافظ على مصالحها.
وقد كان لها دور مهم في وقف إطلاق النار في ليبيا عام 2020، من أجل خلق توازن في المعادلة الليبية، ودعم حلفائها في الشرق الليبي المتمثل في البرلمان الليبي والقيادة العامة للجيش الليبي.
واستطاعت مصر أن تمد جذورها لبقية ليبيا للتعامل مع الغرب الليبي وتحديدًا مع حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة، وأصبحت القاهرة ملتقىً للحوارات واللقاءات الليبية المستمرة.
وقد شهدت العلاقات المصرية التركية خلافات في عدة ملفات ومنها الملف الليبي، بسبب تأييد كلا منهما لطرف، والوجود التركي في الغرب الليبي الذي عارضته مصر.
وبعد عودة العلاقات بينهما سوف ينعكس ذلك إيجابا على الملف الليبي وفق مصالحهما المشتركة، وفي مقدمتها المصلحة الليبية العليا التي يجب أن تتحقق في استقرار وتوافق الليبيين.
الدور الجزائري في ليبيا
رفضت الجزائر التدخل الأجنبي في ليبيا عام 2011، وأخذت تراقب الأوضاع في ليبيا، خوفا من تأثير ذلك على أمنها واستقرارها، ولم تكن الأمور واضحة للجزائر بحيث يتبلور موقف واضح، في نفس الوقت لا تريد خسارة السلطات الجديدة في ليبيا، وتريد المحافظة على مصالحها الاقتصادية مع ليبيا في مجال الطاقة.
ولم يكن الموقف الجزائري واضحًا من الاتفاقية الأمنية وقعتها حكومة الوفاق مع تركيا، مع رفضها للحرب وتوسع رقعتها على حدودها، وفي الوقت نفسه ترتبط الجزائر بعلاقات وتنسيق مع تركيا.
وقد احتضنت الجزائر في أيلول/ سبتمبر 2021، كان الاجتماع الأول لوزراء خارجية دول جوار ليبيا، وجمهورية الكونغو والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والجامعة العربية، وجاء ذلك في إطار محاولة الجزائر لممارسة دور في الأزمة الليبية، وجاءت زيارة رئيس الدبلوماسية الجزائرية “أحمد عطاف” الأسبوع الماضي، كمبعوث للرئيس “عبد المجيد تبون”.
وشدد أحمد عطاف على رفض الجزائر للتدخلات الخارجية في الشأن الليبي، فالجزائر تمثل أحد الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فهل يمكنها ذلك من إيجاد حل للأزمة الليبية؟
الدور التونسي في ليبيا
على الرغم من الفوضى التي شهدتها ليبيا، لم تتأثر العلاقات بين تونس وليبيا، حيث يرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية وتعاملات وتحركات اجتماعية، حيث استقبلت تونس في عام 2011 الآلاف من الليبيين، واحتضنت تونس اجتماعات وحوارات سياسية وأمنية ليبية برعاية الأمم المتحدة.
فالموقف التونسي يدعو إلى ضرورة استقرار ليبيا، في ظل العلاقات والمصالح المشتركة، على الرغم من انشغالها بوضعها الداخلي بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها.
الدور المغربي في ليبيا
على الرغم من بعد المسافة الجغرافية بين المغرب وليبيا، إلا أنها أحد دول المغرب الكبير، وتراوحت العلاقات بين البلدين بين التميز في عهد المملكة الليبية، والتوتر والقطيعة في عهد الجمهورية والجماهيرية، حيث دعمت ليبيا “البوليساريو” منذ تأسيسها حتي توقيع معاهدة الاتحاد العربي الإفريقي بين البلدين وجدة المغربية في آب/ أغسطس 1984.
وتوترت العلاقات بين البلدين عام 1986 بسبب استقبال الملك الراحل، الحسن الثاني، لرئيس الوزراء الإسرائيلي “شيمون بيريز”، وعادت العلاقات بين البلدين بعد توقيع اتفاقية المغرب العربي في مراكش في شباط/ فبراير 1989.
دعمت المملكة المغربية ثورة شباط/ فبراير 2011 ، وانخرطت في الوساطة بين الفرقاء الليبيين في حواراتهم، ولعل أهمها اتفاق الصخيرات 2015 والذي توصل فيه المتحاورون إلى اختيار حكومة الوفاق.
تواصلت اللقاءات والاجتماعات في المغرب، وآخرها اجتماع لجنة 6+6 في أبوزنيقة بين مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة، وتوصلهما للاتفاق على قوانين وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
أما دول تشاد والسودان والنيجر فلكل منها مشاكله الداخلية، ونعتقد بأن الدور المصري والدور المغربي، هما الأكثر اضطلاعًا بالملف الليبي، من خلال التواصل مع الأمم المتحدة والدول الكبرى والدول العربية التي تدخلت في ليبيا كقطر والإمارات وتركيا.