ترجمات

ماهو التحدي الذي يشكله الفلسطينيون في إبرام اتفاق سعودي إسرائيلي؟

بقلم: دوف ليبر
المصدر: صحيفة “ويل ستريت جورنال” الأمريكية
ترجمة: بوليتكال كيز

إنّ رهان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تحقيق تقارب تاريخي مع المملكة العربية السعودية يواجه تحديًا كبيرًا، حيث يطالب الفلسطينيون بالحصول على أرض مقابل موافقتهم على الصفقة، ومع ذلك، يعارض شركاء نتنياهو في الائتلاف هذه الفكرة بشدة.

وقد كانت المحادثات حول الحوافز الاقتصادية للفلسطينيين للمشاركة في هذا التحالف المحتمل في الشرق الأوسط متقلبة بفضل دور الوساطة الأمريكي، تضمنت هذه الحوافز جهودًا واسعة لتطوير البنية التحتية في الضفة الغربية، مثل تحسين البنية الطرقية والاتصالات، بالإضافة إلى زيادة تصاريح العمل للفلسطينيين في إسرائيل، مع تخصيص مئات الملايين من الدولارات من المساعدات السعودية لهذا الغرض.

وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على تفكير نتنياهو: “الفكرة الرئيسية هي كيفية تسهيل حياة الشعب الفلسطيني”

فالمال وحده قد لا يكفي لإرضاء القادة الفلسطينيين الذين يسعون للتأثير على تفاصيل الصفقة. وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، فهناك أفراد في القيادة الفلسطينية يرون ضرورة أن تتخلى إسرائيل عن سيطرتها على أجزاء صغيرة من الضفة الغربية المحتلة وتقوم بهدم بعض المستوطنات الإسرائيلية هناك.

ولكن على الرغم من أن هذا المطلب يمثل موقفًا أقل حدة من إقامة دولة فلسطينية منفصلة، وهو الموقف الذي تمثله تاريخيًا كل من الفلسطينيين والسعوديين، فإن شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم يعارضونه بشدة.

وقد عاد نتنياهو إلى الحكم مؤخرًا في اتفاقية تحالف مع أحزاب اليمين المتطرف، وهؤلاء الأحزاب تؤيد فكرة السيطرة الكاملة على الضفة الغربية من قبل السلطات الإسرائيلية، وتعارض أيضًا أي مبادرة تشبه اتفاقيات أوسلو للسلام لعام 1993، التي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية ووضعت الأسس لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وفي سياق متصل، فقد أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش، في تصريحات سابقة خلال شهر أيلول/سبتمبر الجاري، أن حكومته لن تقترب من أي اتفاق يشبه أو يذكر بأي شكل من الأشكال اتفاق أوسلو، حتى ولو كانت رائحته مشابهة له.

ومن جهته، فإن غسان الخطيب، المسؤول الفلسطيني السابق والمحاضر في الدراسات الدولية في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، أشار إلى أن من غير المرجح أن يقبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أي اتفاق لا يتضمن عنصرًا سياسيًا واضحًا، وأكد الخطيب أن العنصر المالي وحده لن يكون كافيًا، وأن أي اتفاق يجب أن يحتوي على عنصر سياسي ملموس.

من جهة أخرى، تسعى إدارة بايدن إلى تشجيع إسرائيل على اتخاذ إجراءات تساعد في الحفاظ على إمكانية إقامة دولة فلسطينية جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في المستقبل، ومع ذلك، لم يتم توضيح تفاصيل محددة حول هذه الخطوات حتى الآن.

إنّ العنصر المجهول في هذا السيناريو هو مدى اهتمام السعودية بالمسألة، حيث يعتبر غسان الخطيب، أن مطالب الفلسطينيين قد لا تكون “قضية حاسمة” بالنسبة للسعودية.

ومن الجدير بالذكر أن المسؤولين السعوديين قد أشاروا في السر إلى أنهم يريدون تنازلات كبيرة من الفلسطينيين قبل الاعتراف الرسمي بوجود إسرائيل كدولة، ومع ذلك، لا يزال غامضًا ما يمكن أن يشمله هذا التنازل.

وإذا فشل بنيامين نتنياهو في تحقيق التوافق المطلوب، سيضطر إما لرفض الصفقة التي قد تؤثر على إرثه السياسي الذي استمر لثلاثة عقود في الحياة العامة، أو الاستمرار بها بدعم من خصومه في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، مما قد يؤدي إلى انهيار حكومته.

هذا الديناميت يجعل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني واحد من القضايا الأكثر تعقيدًا في الصفقة المتعددة الطبقات، و بالفعل، يسعى السعوديون إلى التوصل إلى اتفاقية دفاع رسمية مع الولايات المتحدة والحصول على دعم أمريكي في مجال بناء برنامج للطاقة النووية.

ويعتقد ويليام ويشسلر، مدير N7 Initiative وهي منظمة تعمل على التكامل الإقليمي في الشرق الأوسط، أن العنصر الفلسطيني هو الجزء الأكثر تعقيدًا في هذه الصفقة.

وتشير تجربة الولايات المتحدة إلى صعوبة التفاوض فيما يتعلق بالسلام الإسرائيلي الفلسطيني بناءً على تقلب سجلها في هذا المجال.

ولم يتم ذكر التنازلات الدقيقة التي ستقبلها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية للفلسطينيين حتى الآن، بينما لم يعلق بنيامين نتنياهو علنًا على هذا الأمر بشكل محدد، باستثناء تأكيده على أن أي تنازل لن يضر بأمن إسرائيل، كما أشار إلى أن الفلسطينيين يجب أن يكونوا جزءًا من الصفقة، ولكنهم لا يجب أن يكون لديهم حق النقض عليها.

ومن جهته، أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، أهمية القضية الفلسطينية للمملكة، وعلى الرغم من ذلك، لم يصرح بصراحة بضرورة إنشاء دولة فلسطينية، وهو الموقف الذي تمسكت به المملكة العربية السعودية في السابق، وبدلاً من ذلك، أعرب عن أمله في أن تسهم الصفقة في تحسين ظروف حياة الفلسطينيين، مما يشير إلى تقارب بعض وجهات نظر الإسرائيليين.

أما سموتريتش وغيره من المشرعين الإسرائيليين، بما في ذلك العديد من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو والذين يعارضون التنازلات الإقليمية، سيدعمون أيضًا التنازلات الاقتصادية للفلسطينيين.

فقد تبنى أحد مساعدي وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش، موقفًا يرى فيه تحسين حياة الفلسطينيين مصلحة مشتركة، وهو مستعد لدعم مشاريع تحسين مخيمات اللاجئين والبنية التحتية للصرف الصحي والمياه، بالإضافة إلى إنشاء مراكز تجارية.

تزامن صعود بتسلئيل سموتريش إلى السلطة مع تحول حاد في الرأي العام الإسرائيلي بشأن التنازل عن الأرض مقابل السلام مع الفلسطينيين، وهذا التحول بدأ بعد الانتفاضة الفلسطينية العنيفة الثانية التي استمرت من عام 2000 إلى عام 2005.

وقد فقدت فكرة الحل بشكل دولتين زخمها بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة وتصاعد نفوذ حركة حماس هناك، واعتبارًا من ذلك الوقت، شهدت العلاقات بين الجانبين تصاعد التوترات والصراعات=واستبينت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع الدعم بين اليهود الإسرائيليين حل بشكل دولتين، حيث انخفض من 46% في عام 2013 إلى 35% في استطلاعات أجريت في آذار/ مارس، ونيسان/ أبريل.

ويشار إلى أنه لم يكن الفلسطينيون جزءًا من اتفاقيات التطبيع السابقة بين إسرائيل وأربع دول ذات أغلبية مسلمة في عام 2020، والمعروفة باسم اتفاقيات إبراهام، كما رفضوا بشكل قاطع اقتراح السلام الذي قدمته إدارة ترامب والذي اعتبره الفلسطينيون متحيزًا بشدة لصالح إسرائيل.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى