الأسلحة الإيرانية داخل مخزون الحوثيين
بقلم: روبي جرامر – جاك ديتش
المصدر: مجلة “فورن بوليسي” الأمريكية
ترجمة: بوليتكال كيز
منذ أن بدأ الحوثيون لأول مرة في إطلاق هجمات صاروخية وطائرات بدون طيار على السفن التجارية احتجاجًا على الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة في نوفمبر الماضي، وقام الحوثيون في اليمن بقطع التجارة البحرية بشكل كبير في البحر الأحمر، وهو ممر تجاري عالمي استراتيجي.
فمنذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني، وقع ما لا يقل عن 30 هجومًا على السفن في البحر الأحمر، تعرض 13 منها لضربات مباشرة بطائرات بدون طيار أو صاروخية.
أدت الضربات الأمريكية والبريطانية على أهداف عسكرية للحوثيين، والتي بدأت في 11 يناير/كانون الثاني، إلى إتلاف ترسانة الحوثيين، لكنها لم توقف أو حتى تبطئ هجمات الجماعة حتى الآن، “لقد أثبتت الهجمات أنها كانت بمثابة نعمة كبيرة لسمعة الحوثيين وأوراق اعتمادهم داخليًا في اليمن وفي المنطقة، وسط موجة من الغضب إزاء ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة”.
هناك سؤالان رئيسيان يدوران في أذهان الجميع في واشنطن وهم يتدافعون للتعامل مع هذه الأزمة، الأول، ما هو حجم الضرر الذي يمكن أن يحدثه الحوثيون؟ والثاني، ما هو المدة التي يمكنهم الاستمرار فيها؟
فعلى الجانب الاقتصادي، فقد وقع الكثير من الضرر بالفعل، لقد أحدثت هجمات الحوثيين موجات صادمة في الاقتصاد العالمي حيث قامت شركات الشحن البحري بإعادة توجيه سفن الحاويات الخاصة بها لتجنب البحر الأحمر، وحذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة الشهر الماضي من أن التجارة البحرية عبر قناة السويس المصرية، الممر المائي الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر، انخفضت بنسبة 42% في الشهرين الماضيين، مما يضع ضغوطًا جديدة على سلاسل الإمدادات الغذائية العالمية حيث تعتمد أفريقيا وآسيا على الإمدادات الأوروبية و تصدير المواد الغذائية الأساسية عبر البحر.
وهناك أيضًا خوف جديد مزعج من أن الحوثيين، أو مؤيديهم في إيران، قد يلجأون إلى استهداف الكابلات البحرية في المنطقة التي تحمل تقريبًا جميع البيانات والاتصالات المالية بين أوروبا وآسيا.
خطر تصاعد الصراع
لا تريد الولايات المتحدة ولا إيران أن تتحول هذه الصراعات المحدودة بالوكالة إلى حرب شاملة، ولكن هذا لا يزيل خطر التصعيد الكبير، من خلال ضربة الحوثيين المحظوظة أو سوء التقدير.
حتى الآن، تمكنت السفن الحربية الأمريكية في المنطقة من إسقاط جميع صواريخ الحوثيين والطائرات بدون طيار التي اقتربت منها – بما في ذلك ضربة قريبة بشكل خاص الأسبوع الماضي – ولكن ضربة محظوظة واحدة من قبل وابل من الحوثيين تتسبب في خسائر أمريكية يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الصراع بشكل كبير.
ومن المؤكد أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيواجه موجة كبيرة من الضغوط السياسية، خاصة من الصقور في إيران، لشن رد مدمر إذا تسببت هجمات الحوثيين في وقوع خسائر في الأرواح الأمريكية أو ضرب السفن الحربية الأمريكية، إذن، إلى متى يمكن للحوثيين أن يستمروا في ذلك؟
لقد نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا حتى الآن ثلاث جولات من الضربات المشتركة في اليمن استهدفت الترسانة العسكرية للحوثيين – وقد وافقت إدارة بايدن على عدة ضربات أخرى من جانب واحد – وكان الجيشان الأمريكي والبريطاني منفتحين بشأن ما ضربوه. في الضربة الأخيرة، على سبيل المثال، أعلن الجيش الأمريكي أنه، ليلة الأربعاء، أسقط صاروخين كروز متحركين مضادين للسفن تابعين للحوثيين جاهزين للإطلاق، وبعد حوالي ساعتين قام بضربة ثانية ضد صاروخ كروز متحرك للهجوم البري للحوثيين.
ولكن لا يزال هناك الكثير لا نعرفه، والجدير بالذكر أنه لم تكن أي حكومة غربية صريحة بشأن تقديرات عدد الصواريخ والطائرات بدون طيار التي تركها الحوثيون، ومن الصعب جدًا الحصول على هذه المعلومات الدقيقة إذا لم يكن لديك تصريح أمني.
تقرير استخباراتي جديد يلقي بعض الضوء
أصدرت الذراع الاستخباراتية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية تقريرًا جديدًا “غير سري” هذا الأسبوع يشرح بالتفصيل ما يوجد في ترسانة الحوثيين – ومعظمها من التكنولوجيا التي يمكن ربطها بإيران، ويشمل ذلك المركبات الجوية بدون طيار (UAV) التي تعمل كمفجرين انتحاريين عن بعد.
ويزعم الحوثيون أن طائرات صماد الهجومية أحادية الاتجاه الخاصة بهم يبلغ مداها أكثر من 1100 ميل ويمكن أن تحمل حمولة تتراوح بين 45 إلى 110 رطل، (تبدو طائرة “صماد” متطابقة تقريبًا مع نموذج طائرة بدون طيار إيرانية تسمى “صياد” أو KAS-04).
وتتمتع الطائرات بدون طيار الأطول مدى التي منحتها إيران للحوثيين بالقدرة على ضرب أهداف تصل إلى مسافة تصل إلى 1500 ميل، مما قد يعرض جميع القوات الأمريكية البالغ عددها 30 ألف جندي والمتمركزة الآن في المنطقة للخطر.
ومنذ عام 2015، كما يشير تقرير الاستخبارات الدفاعية، زودت إيران الحوثيين بترسانة من الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى، بما في ذلك صاروخ “آصف” الباليستي المضاد للسفن الذي تم إطلاقه على أهداف في البحر الأحمر والصواريخ الأطول، مدى الصاروخ الباليستي طوفان (الذي يشبه بشكل ملحوظ الصاروخ الباليستي الإيراني شهاب 3 متوسط المدى).
و لا يوجد الكثير من المعلومات المتاحة للعامة حول الحجم الدقيق لترسانة الحوثيين، لكن حربهم الأهلية المستمرة منذ سنوات ضد القوات المدعومة من السعودية في اليمن توفر لمحة جزئية على الأقل عن هذا السؤال، وبين عامي 2015 ونهاية 2021، أطلق الحوثيون 851 طائرة بدون طيار و430 صاروخًا وقذائف باليستية ضد أهداف سعودية، وفقًا لبيانات من القوات المسلحة السعودية.
وهناك شيئان يجب أخذهما في الاعتبار، الأول هو أنه على الرغم من أن إمدادات الحوثيين ليست بلا حدود، فقد أظهرت الجماعة بالفعل أنها قادرة على إحداث الكثير من الضرر بعدد محدود من الضربات، وحتى ترسانة مكونة من بضع عشرات من الصواريخ وبضع عشرات من الطائرات بدون طيار يمكنها مواصلة الضغط على التجارة في البحر الأحمر، وعلى الدوريات البحرية الأمريكية فيه، لأشهر قادمة.
والثاني هو، كما قلنا، أن الحوثيين منخرطون في حرب لمدة ثماني سنوات ضد الحكومة المدعومة من السعودية في اليمن، وقد حافظوا على ترسانتهم تحت سنوات من الضربات الجوية السعودية، ولسوء الحظ بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فقد أصبحت المجموعة جيدة جدًا في ذلك.
ويقول “علي فايز” من مجموعة الأزمات الدولية: “لدينا سجل سعودي يجب أن ننظر إليه”، وأضاف: “ثماني سنوات من محاولة إضعاف قدرات الحوثيين ومنعهم من تجديد أسلحتهم من خلال الحظر الصارم، لم تنجح”، و”يمكننا أن نكرر نفس التجربة مرارًا وتكرارًا ونتوقع نتيجة مختلفة، ولكن من الصعب أن نتصور أن يتغير ذلك.”
باختصار، لعبة الضربات الحوثية والضربات الأمريكية والبريطانية المضادة ليس لها أي نهاية في الأفق حتى الآن.