حسين عابديني يكتب لـ”بوليتكال كيز”: عن الدور المشبوه للنظام الإيراني في بلدان المنطقة
منذ العقد الثامن من الألفية الماضية وبعد سقوط نظام الشاه في إيران وقيام النظام الإيراني، بدأ الحديث عن هذا النظام يتزايد بصورة ملفتة للنظر، خصوصًا بعد أن بدأ النظام بالترکيز على موضوع مايسمى بمبدأ “تصدير الثورة” ومع مرور الزمن وبعد أن شرع هذا النظام بالعمل من أجل تفعيل هذا المبدأ وجعله واقعًا ملموسًا، فإن الحديث عن هذا النظام من جانب الاوساط السياسية والإعلامية في المنطقة بصورة خاصة يتسم بنوع من القلق ولاسيما مع استغلال العامل الديني من أجل التغلغل في بلدان المنطقة والذي بدأ خطواته الاولى في لبنان.
فتأسيس نظام ولاية الفقيه في إيران، لم يکن مجرد حدث أو تطور عادي مر بإيران والمنطقة والعالم، وإنما کان تطورًا غير عادي ترك ويترك ولازال يترك آثارًا وتداعيات مختلفة على جميع الاصعدة، لکن المحصلة والنتيجة النهائية التي يمکن استخلاص النتائج والعبر منها، تشير إلى أنّ هذا النظام قد جاء بدور غريب وفريد من نوعه بل وحتى غير مسبوق في المنطقة وذلك بتأسيس أحزاب وتنظيمات تابعة له تقوم بالتبشير والدعوة لأفکاره ومنطلقاته السياسية ـ الفکرية المختلفة وفي نفس الوقت بالعمل من أجل تنفيذ مشروعه ومخططاته في المنطقة مع ملاحظة إنه وکما توضح لاحقًا فإن النظام الايراني قد إستخدم دوره هذا من أجل تقوية وتعزيز دور ونفوذ وهيمنة هذا النظام على بلدان المنطقة.
وإن الأحداث والتطورات الجارية قد أکدت هذه الحقيقة وأظهرت بإن هذا النظام استمد ويستمد أسباب بقائه واستمراره من بقاء واستمرار هيمنته ونفوذه على دول المنطقة.
إنّ مراجعة سجل هذا النظام، على صعيد إيران والمنطقة والعالم، يظهر بأن هذا النظام کان دائمًا مصدر مشاکل وأزمات بمختلف الاتجاهات، وإن جميع الأطراف المعنية بالقضية الإيرانية صاروا متيقنين من الدور السلبي والمشبوه وغير المسؤول لهذا النظام.
منذ 44 عامًا، والشعب الإيراني يشهد أوضاعا وظروفا بالغة السلبية من جراء السياسة والنهج المشبوه لهذا للنظام وانعکاسات وتأثيرات ذلك على الداخل الإيراني، فيما نجد وبنفس الاتجاه مايلاقيه الشعب الايراني، من ممارسات وإجراءات قمعية بحقه وسعي هذا النظام من أجل مصادرة حقوقه المختلفة ولاسيما حرياته، غير أنه وفي نفس الوقت نجد أنفسنا في مواجهة ماتلاقيه شعوب ودول في المنطقة أيضًا من تنفيذ مخططات مشبوهة من جانب طهران بحقها والسعي من أجل إخضاعها والسيطرة عليها بمختلف الطرق والسبل، وفي نفس الوقت فإن تزايد الهجمات الإرهابية في مختلف دول العالم ولاسيما في الدول الغربية منها، له علاقة أکثر من مشبوهة بقضايا الشد والجذب في الأمور المتعلقة بالملف النووي الإيراني وقضايا أخرى ذات صلة.
ومن دون شك، فإن المواقف المثيرة للشبهات الصادرة من قبل قادة النظام الإيراني بخصوص الحرب في غزة والتي تتعارض أساسًا مع الخط والمسار العام للمواقف الدولية والإقليمية الهادفة لإيقاف هذه الحرب وإيجاد حل مناسب للمشکلة من أساسها ولاسيما بطرح حل الدولتين، فإن ذلك يعني وبکل وضوح إن هذا النظام ليس يسعى فقط من أجل العمل على إدامة واستمرار هذه الحرب وإنما حتى على اتساع رقعتها لتشمل مناطق أخرى.
وبإجراء عملية بحث ومراجعة دقيقة لأوضاعه الداخلية ووصولها إلى منعطف حساس وخطير، فإنه من الممكن جدًا فهم واستيعاب هدف وغاية النظام من دوره وسعيه الحالي بخصوص الحرب في غزة، فهذا النظام يخاف کثيرًا من استباب السلام والاستقرار والأمن في غزة لأنه سيجعله يفقد إحدى أوراقه التي يسعى للمناورة واللعب بها من أجل تحقيق أهدافه ولذلك ويقف بقوة ضد ذلك ويعمل بکل مافي وسعه من أجل استمرار الحرب واتساع دائرتها وذلك لايخدم أحدًا في المنطقة سواه الذي کان ولايزال يستمد بقائه واستمراره من سياسة إثارة الحروب والانقسامات في المنطقة من أجل بقاء نفوذه وهيمنته ودوره التخريبي المشبوه وقبل ذلك قمع الشعب الإيراني في الداخل.