أفريقياسياسة

بعد نهاية جولة مفاوضات سد النهضة “الأخيرة” بين مصر وإثيوبيا… ما هي النتائج؟

أعلنت مصر، مساء الثلاثاء 20 كانون الأول/ ديسمبر، انتهاء الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا والسودان دون تحقيق أي نتيجة، متهمة أديس أبابا برفض أي حلول وسط، ومشددة على الاحتفاظ بحق الدفاع عن أمنها المائي.

وهذا المسار تم إطلاقه في إطار توافق بين دولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان) وإثيوبيا على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد (المقام على النيل الأزرق) خلال أربعة أشهر.

وزارة الري المصرية: الاجتماع لم يسفر عن أي نتيجة

وقالت وزارة الري المصرية، في بيان، إن “الاجتماع (في أديس أبابا) لم يسفر عن أية نتيجة نظرًا لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي إثيوبيا في النكوص عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة”.

وأضافت: “كما بات واضحًا، عزم الجانب الإثيوبي على الاستمرار في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق (الرافد الرئيس لنهر النيل)، بمعزل عن القانون الدولي”.

الوزارة تابعت أنه “على ضوء هذه المواقف الإثيوبية تكون المسارات التفاوضية قد انتهت، وتؤكد مصر أنها سوف تراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وتحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حاله تعرضه للضرر”.

إثيوبيا لم تعلق على المفاوضات بعد

ولم يصدر تعقيب إثيوبي ولا إفادة سودانية بشأن المفاوضات المتعثرة التي بدأت قبل نحو عقد من الزمن وشهدت فترات توقف، وجاءت الجولات الأربع الأخيرة بعد تجميد للمفاوضات استمر أكثر من عامين، وتحديدا منذ أبريل/ نيسان 2021؛ إثر فشل مبادرة للاتحاد الإفريقي في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث.

وتتمسك مصر والسودان بالتوصل أولًا إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا بشأن ملء وتشغيل السد، ولاسيما في أوقات الجفاف؛ لضمان استمرار تدفق حصتيهما من مياه نهر النيل.

وفي 10أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد نجاح مرحلة رابعة من ملء خزان السد بالمياه، وهو ما اعتبرته القاهرة “انتهاك جديد من أديس أبابا وعبء على المفاوضات”.

كيف بدأت أزمة سد النهضة؟

بدأت الأزمة بين الدول الثلاث في مايو 2010، حين وقّعت 6 دول مشتركة في حوض النيل من بينها إثيوبيا، اتفاق “عنتيبي” في أوغندا، والذي رفضته مصر والسودان والكونغو الديمقراطية.

واستهدفت اتفاقية “عنتيبي” استبدال اتفاقية تقاسم مياه النيل التي أبرمتها الحكومة البريطانية بصفتها الاستعمارية، نيابة عن عدد من دول الحوض (أوغندا وتنزانيا وكينيا)، في عام 1929 مع الحكومة المصرية، وحظرت إقامة أي أعمال ري أو مشاريع كهرومائية على النيل وفروعه دون اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية.

كما سعت إلى استبدال اتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان، والتي تحدد الحصة السنوية لمصر من مياه النيل، إذ تصل حصة مصر الفعليّة إلى 55.5 مليار متر مكعب، ويبلغ نصيب السودان 18.5 مليار متر مكعب.

وقد وضعت إثيوبيا حجر الأساس الخاص ببناء سد النهضة في 2011، لكنها بدأت فعليًا في تشييده بقرار أحادي عام 2013 على النيل الأزرق، تزامنًا مع موافقة البرلمان الإثيوبي في العام نفسه على اتفاق “عنتيبي”.

إعلان مبادىء سد النهضة

اتفقت الدول الثلاث، في أيلول 2014، على استكمال المفاوضات، حتى آذار 2015. وانعقدت قمة ثلاثية بالخرطوم بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس السوداني السابق عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي مريام ديسالين، أقروا خلالها “إعلان مبادئ سد النهضة” في عام 2015، لحلّ مشكلة تقاسم مياه نهر النيل وسد النهضة الإثيوبي.

وينص إعلان المبادئ على “تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء خلال المراحل المختلفة للمشروع”، كما اشترط إعلان المبادئ، ضرورة اتفاق الدول الـثلاث على قواعد ملء السد، والاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي بالتنسيق بين مصر والسودان وإثيوبيا.

وانخرطت الدول الثلاث في 9 جولات من التفاوض جرى بعضها بوساطة من الولايات المتحدة، والاتحاد الأفريقي، إلّا أنها شهدت تعثرًا مستمرًا حتى الآن.

لماذا تخشى مصر من بناء سد النهضة؟

نهر النيل يعتبر المصدر الرئيسي للمياه في مصر، إذ تبلغ حصتها منه 55.5 مليار متر مكعب، تمثل 68.5% من جملة الموارد المائية عام 2019 / 2020، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

وتعتبر مصر أن سد النهضة يمثل تهديدًا وجوديًا لها، إذ تعاني من إمدادات المياه الشحيحة أصلاً من النيل، والتي يعتمد عليها أكثر من 100 مليون نسمة بشكل شبه كامل.

وتوقعت دراسة أجرتها جامعة القاهرة أن تفقد مصر 51% من أراضيها الزراعية حال إتمام عملية ملء الخزان خلال 3 سنوات، وفي حال أجريت عملية الملء في 6 سنوات فإن نسبة الخسائر ستنخفض لتفقد مصر نحو 17% من أراضيها الزراعية بدلاً من ذلك، كما أنه سيتسبب في بطالة عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الزراعي، والذين يمثلون ربع القوى العاملة في مصر.

وتحتاج زراعة مليون فدان من الأراضي إلى 5 مليار متر مكعب من المياه، واقتطاع الكمية ذاتها من حصة مصر السنوية من مياه النيل يعني إمكانية خسارة مليون فدان، بما يوازي خسارة دخل سنوي يقدر بـ3 إلى 4 مليار دولار، بحسب ما قاله أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة.

لماذا شيّدت إثيوبيا سد النهضة؟

يُعد سد النهضة حجر الأساس الذي تبني عليه إثيوبيا طموحاتها في أن تصبح أكبر دولة مصدّرة للكهرباء من المصادر المائية في أفريقيا، بعدما كانت واحدة من أفقر دول العالم، إذ من المرجح أن يولد السد 5 آلاف إلى 6 آلاف ميغاوات من الطاقة الكهربائية، ما يساهم في إحداث نقلة اقتصادية عبر تصدير الطاقة للدول المجاورة.

أين يقع سد النهضة؟

ويقع سد النهضة على بعد 20 كيلو مترًا من الحدود مع شرق السودان، ويبلغ ارتفاعه 145 مترًا فيما يصل طوله إلى 1708 أمتار، ومن المتوقع أن تصل تكلفة إنشائه إلى 4.8 مليار دولا، ويمكن أن يستوعب خزان سد النهضة 74 مليار متر مكعب من الماء، أي 3 أضعاف حجم بحيرة تانا، أكبر بحيرة في إثيوبيا.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى