حسين عابديني يكتب في “بوليتكال كيز | Political Keys”: وهم اندماج النظام الإيراني مع العالم وتخليه عن نهجه
من خلال متابعة دقيقة لمسار التواصل الدولي مع النظام الإيراني والتفاوض والحوار معه بخصوص مختلف المسائل التي يدور حولها الخلاف، فإننا نجد من الضروري التساؤل ماالذي حصل عليه العالم من جهة والنظام الإيراني من جهة أخرى… وهل کل هذه الأعوام الطويلة من الحوار والتواصل والتفاوض مع هذا النظام کان يستحق هذا العناء؟
قد لانبالغ إذا ماقلنا إن کل ماقد حصل عليه العالم من ثمرة لکل ذلك الجهد والعناء من المفاوضات الماراثونية لم يزد عن ذلك الاتفاق النووي الهش للعام 2015، والذي أثبتت معظم الدراسات والتحليلات بأنه لم يکن بذلك الاتفاق المثالي الذي بإمکانه أن يضع النظام في الزاوية ويحد من مساعيه السرية المتواصلة من أجل إنتاج القنبلة الذرية.
من الجانب الآخر، فإن النظام الإيراني ولاسيما بعد الاتفاق النووي قويت شوکته واتسعت دائرة نفوذه وهيمنته وصار يسعى علنًا لکي يمد قدميه خارج نطاق المنطقة وقام بذلك فعلًا، والأنکى من کل ذلك أنه واصل مساعيه السرية في برنامجه النووي على قدم وساق، هذا بالإضافة إلى أنّ مستوى ممارساته القمعية وانتهاکاته في مجال حقوق الإنسان بحق الشعب الايراني قد زادت بصورة مطردة.
إنّ السٶال المهم الذي يجبُ أن يطرَحَهُ المجتمع الدولي عمومًا والدول الغربية خصوصَا هو، هل النظام الإيراني جاد فعلًا في محادثاته مع المجتمع الدولي.. وهل سيقوم بما هو مطلوب منه في النهاية؟ العبرة ليست في الأقوال بل في الأفعال، ولايجب النظر أبدًا إلى ماقاله ويقوله النظام الإيراني وإنما النظر إلى مافعله ويفعله والذي جميعه على الضد تمامًا من أقواله بل وحتى على النقيض 100% مما يطلبه منه المجتمع الدولي عمومًا والدول الغربية خصوصًا.
“الملاحظة المهمة جدًا التي يجب على الدول الغربية عدم التغافل عنها، أن قائمة مطالب النظام الإيراني تتزايد عامًا بعد عام، وذلك يحدث بالتزامن مع تزايد مستوى الخطر والتهديد الذي يمثله بالنسبة للمنطقة والعالم”. حسين عابديني – نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا
الملاحظة المهمة جدًا التي يجب على الدول الغربية عدم التغافل عنها، أن قائمة مطالب النظام الإيراني تتزايد عامًا بعد عام، وذلك يحدث بالتزامن مع تزايد مستوى الخطر والتهديد الذي يمثله بالنسبة للمنطقة والعالم، إذ من المفيد جدًا هنا التذکير کيف أن النظام وبعد اندلاع إنتفاضة 16 سبتمبر 2022 ضده، وفي إجراء احترازي کان هدفه الأساسي التخفيف من حدة الانتفاضة وکذلك مغازلة البلدان الغربية عندما قام بإيقاف عمل دوريات الإرشاد سيئة الصيت التي قتلت “مهسا أميني”، لکنه وبعد مرور عام والتقاط أنفاسه، قام ليس بإعادة دوريات الأرشاد فقط بل ورفع صوته عاليًا ضد أنشط معارضة إيرانية جدية ضده وهي منظمة “مجاهدي خلق”، مطالبًا الدول الغربية بالقيام بإجراءات ضدها وإعادة 104 من أعضائه الى إيران لمحاکمتهم، ناهيك عما قام به من عمل وتنسيق مع الحکومتين الفرنسية والألبانية من أجل التأثير السلبي على نشاطات المنظمة.
بعد کل هذه الأعوام من التفاوض والتواصل مع هذا النظام في سبيل اندماجه مع المجتمع الدولي وتخليه عن نهجه المشبوه، فإن النظام الإيراني ليس فقط لم ينصع لما يتم مطالبته به دوليًا، بل إنه يطالب المجتمع الدولي أن يکون عونًا له في قمع شعبه والقضاء على المعارضة الوطنية الفعالة ضده!