حسين عابديني يكتب في “بوليتكال كيز | Political Keys”: كلنا في سفينة واحدة
عاش ولا يزال يعيش البعض من الذين يواظبون على اتباع سياسة مسايرة واسترضاء النظام الإيراني في وهم إمکانية حدوث تغيير داخل النظام بسبب الاختلافات السائدة فيه والتعويل على مايسمى بجناح “الاعتدال والإصلاح” فيه، لکن وعلى الرغم من أن إن هذا الجناح قد حکم إيران لثمانية دورات رئاسية، لکن لم يحدث أي تغيير بل وحتى إن الاوضاع قد ساءت أکثر خلال هذه الدورات الرئاسية تحديدا.
اليوم، ومع الاستعدادات الجارية للانتخابات في إيران وحالة الانقسامات والصراع الجارية فيه خصوصا بعد أن لم تتمکن حکومة ابراهيم رئيسي من تحقيق الوعود التي قطعتها للشعب والتي کان خامنئي قبل تنصيب رئيسي قد بشر بها، وفي ظل التوقعات المغرقة بالتشاؤم ولاسيما خلال تمرير مشروع قانون ميزانية حكومة رئيسي، فقد أعرب يوسف داوودي، عضو البرلمان، عن خشيته من انتشار السخط والتجمعات الاحتجاجية.
وقال: “مع هذه الموازنة، ستنخفض قيمة العملة الوطنية أكثر وستنخفض القدرة الشرائية للشعب وستؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية في البلاد”، بل وإن عضوًا آخر في البرلمان أشار الى حالة التخبط والفوضى في مشروع قانون هذه الميزانية عندما قال: “لقد جئنا وخصصنا التعديل بنسبة واحد في المئة من القيمة المضافة، أي نخرجها من جيب الابن والحفيد ونضعها في جيب المتقاعد، وهو أمر غير مقبول، لم يتم دفع أي أموال لأي مشاريع سوى سفر الرئاسة”، ولذلك تبدو الأوضاع وکأنها قد وصلت الى حدود الانفجار وليس کما زعم ويزعم القادة والمسٶولون في النظام خلال الأشهر الأخيرة بأنها على مايرام.
لکن الأنکى من ذلك والمثير للسخرية إلى أبعد حد أن رجل الدين نوروزي عضو البرلمان، قال إن أي عرض لزيارة رئيسي للمحافظات هو “مشروع” مكلف وبمليارات الدولارات لأنه، يأخذ معه جيشا لحمايته قوامه 500 رجل لإبعاد الناس! وهذا يدل على حالة القطيعة والمواجهة بين الشعب والنظام عموما وحکومة رئيسي خصوصا، ولاسيما أن الاضرابات والتحرکات الاحتجاجية المستمرة إلى جانب نشاطات خلايا وحدات المقاومة وشباب الانتفاضة تؤکد بأن مشاعر الرفض والکراهية للنظام مستمرة، ولذلك فإن رئيسي مضطر أن يرافقه جيش عرمرم من أجل حمايته من الشعب!
الحقيقة التي لا غبار عليها أن النظام الإيراني برمته يعيش حالة من التخبط والفوضى المفعمة بالقلق والخوف من المستقبل المجهول الذي ينتظرهم، ولذلك فإنهم مضطرون للمراهنة على الأحداث والتطورات الخارجية ولا سيما من حيث سعيهم للعمل من أجل إثارة المزيد من الحروب والفتن وتأزيم الاوضاع.
وإن أجنحة النظام کلها تعلم بأنها ستکون هدفا للشعب في حال اندلاع انتفاضة أو ثورة، ولذلك فإنهم مضطرون جميعا للدفاع عن النظام والحرص على عدم غرق سفينته التي تحمل کلهم، وبهذا السياق فإن تحذير محسن هاشمي”نجل هاشمي رفسنجاني” في إطار الصراع بين أجنحة النظام في الانتخابات المرتقبة، من العنف وانتفاضة الشعب الجائع.
يمکن استشفاف واستخلاص هذه الحقيقة منها عندما يقول: “اليوم، يواجه نصف المجتمع والناس مشاكل اقتصادية خطيرة تحت خط الفقر، حتى أن بعض الناس يتم سحقهم، والمثال البارز هو نوع الميزانية التي قدمت هذا العام، لا سمح الله حلول اليوم الذي يتجه فيه الناس نحو الفوضى ويختارون الأساليب غير السلمية بدلا من الإقبال على الانتخابات، وإذا لا سمح الله اتجه البلد إلى هذه الهاوية، وإذا حدث ذلك، فما مدى خطورة ذلك على النظام، وعلى الثورة الإسلامية، كلنا في سفينة واحدة، وإذا حدث هذا وأحدث المتطرفون ثقوبا في السفينة، فكم من الأيدي يجب أن نضع أيدينا في الثقوب لكي لا نسمح أن تغرق السفينة”.