حسين عابديني يكتب لـ”بوليتكال كيز”: تعامل المجتمع الدولي مع النظام الإيراني… بين الإجبار وآلية الزناد والاسترضاء والمسايرة
إنّ هناك ملاحظتان مهمتان جدًا يجب الانتباه لهما بشأن التکتيك الذي يتبعه قادة النظام الايراني في تعاملهم مع البلدان الغربية، والملاحظة الاولى هي أنهم يفعلون کل مابوسعهم من أجل إبقاء حالة التواصل مع البلدان الغربية من خلال إسلوب الاسترضاء والمسايرة، أما الملاحظة الثانية، فهي أنهم يعملون على قدم وساق من أجل تنفيذ مخططاتهم واستمرار نشاطاتهم المشبوهة في المنطقة، وقبل ذلك الحرص على استمرار نشاطاتهم السرية في مجالات برنامجهم النووي والصواريخ والطائرات المسيرة.
ولاريب أنّ ماذکرناه يعتبرُ بمثابة حقائق ملموسة ومسلَّم بها تنعکس بصورة واضحة على أرض الواقع، وبطبيعة الحال فإن ذلك يعني أن النظامَ الايراني ومن خلال هذا التعامل ضمن تقدم بأکثر من خطوة على البلدان الغربية ووجد مساحةً للتحرك والمناورة وحتى نوعًا ما فرض الخيارات.
“النظام الإيراني يسعى دائما من أجل أن يوحي للبلدان الغربية بشکل خاص أنه يمتلك زمام الأمور في إثارة الأوضاع من جانب، وتهدئتها من جانبٍ آخر، بمعنى أنه يريد إفهامهم بأنه لاعب رئيسي في المنطقة ولايمکن تجاهله أو إبعاده من أي لعبة تجري في المنطقة”. حسين عابديني – نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا
وفي صعيد متصل، فإنّ إبقاء مناطق التوتر والسعي من إشعال بعضها ببعض بين الفترة والاخرى، مرتبط بالتکتيك الذي ذکرناه آنفًا؛ لأن النظام يسعى دائما من أجل أن يوحي للبلدان الغربية بشکل خاص أنه يمتلك زمام الأمور في إثارة الأوضاع من جانب، وتهدئتها من جانبٍ آخر، بمعنى أنه يريد إفهامهم بأنه لاعب رئيسي في المنطقة ولايمکن تجاهله أو إبعاده من أي لعبة تجري في المنطقة.
إنّ مايقوم به النظام الإيراني ويعمل عليه من أجل تحقيق أهدافه ومصالحه الخاصة لم يعد أمرًا ومسألة يجري ملاحظتها من قبل المراقبين السياسيين فقط، بل وحتى إن عامة الناس بدأت تذکر ذلك وتورد ملاحظات مستفيضة بشأنه على مواقع التواصل الاجتماعي. وهو مايعني بأن النظام الإيراني قد صار يلعب على المکشوف ولم يعد بوسعه التستر والتغطية على نشاطاته ودوره، حتى وإن جاملته أوساط غربية على حساب الحقيقة، على أمل أن تکتسب رضاه ويکُفَّ عن نهجه المشبوه.
إنّ المستحيل هو في تخلي النظام الإيراني عن نهجه، بل وحتى إنه يرفض إجراء تغيير ولو طفيف عليه، وهذا ماقد أثبتته تجارب الأعوام الماضية من التعامل الدولي عمومًا والغربي خصوصًا. إنّ هذا النظام لم يغير من نهجه المشبوه شروى نقير، بل وحتى إنه يزداد إصرارًا وحرصًا عليه مع مرور الزمن، خصوصًا وإن سياسة الاسترضاء والمسايرة تکفل له کلَّ الظروف والأجواءِ المناسبة التي يطمح إليها من أجل تنفيذ مخططاته والاستمرار في نهجه المشبوه.
لکن الذي يلفت النظرَ أکثر هو أنه ثمة تساؤل مهم وحساس مفاده، إلى متى ستستمر البلدان الغربية في اتباع سياسة الاسترضاء والمسايرة مع النظام الايراني؟ ولاسيما بعدما صار مجبرًا أن يلعب على المکشوف، ولم يعد بوسعه التغطية والتستر على أعماله ونشاطاته، بل وما لذي يمکن أن يتأملونه وينتظرونه من هذا النظام الذي يثبت يومًا بعد يوم تمسکه بنهجه وإصراره على تنفيذ مخططاته؟
هذه السياسة الغربية الخاطئة التي سعت بصورة وأخرى من أجل استبعاد أهم وأقوى عامل ضغط وتأثير فعال”أي نضال الشعب والمقاومة الايرانية ضد النظام من أجل الحرية والتغيير” من المعادلة الايرانية، في وقت هو العامل الوحيد الذي يمکنه قلب الطاولة على رأس النظام ولاسيما فيما لو توفرت له عوامل مهمة أخرى نظير استبدال سياسة الاسترضاء والمسايرة بسياسة الحزم والصرامة مع النظام واستخدام آلية الزناد إلى جانب العمل على إدراج جهاز الحرس الثوري ضمن قائمة الإرهاب، وخصوصًا أنه لم يعد هناك من أي داع للمطالبة بأدلة تثبت تورطه في الإرهاب إذ إن هذا النظام بات مکشوفًا من کل النواحي!