أفريقيا

روسيا تدفع جمهورية إفريقيا الوسطى لاستبدال فاغنر بفيلق إفريقيا

يتعرض رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى لضغوط روسية مكثفة لإعادة تشكيل علاقات بلاده الأمنية من خلال توقيع اتفاق دفاعي جديد مع “فيلق إفريقيا”، الذراع العسكري الرسمي التابع للكرملين، تمهيدا لإقصاء مجموعة فاغنر شبه العسكرية.

يأتي ذلك في سياق إعادة هيكلة الوجود الروسي في القارة الإفريقية بعد مقتل يفغيني بريغوجين، ووسط مساعٍ من موسكو لوضع جميع العمليات العسكرية الخارجية تحت إشراف وزارة الدفاع الروسية.

تود موسكو إنهاء النموذج القديم المعتمد على فاغنر، واستبداله بقوة نظامية أكثر خضوعًا وتحكمًا، غير أن الرئيس فوستين أرشانج تواديرا، الذي يملك علاقات وثيقة مع ممثل فاغنر في بانغي، ديميتري سيتي، لا يُبدي حماسًا لهذا التوجه، نظرًا لاعتماده الكبير على فاغنر في تأمين الحماية والدعم المالي.

ومع ذلك، فإن الضغوط المتواصلة من الكرملين، سواء عبر القنوات الرسمية أو من خلال شخصيات موالية مثل صدام حفتر، دفعت القيادة في بانغي إلى القبول الضمني ببدء المرحلة الانتقالية، على أن يتم التوقيع على الاتفاق الدفاعي قبل نهاية 2025، مع وصول القوات الجديدة في منتصف 2026، بعد الانتخابات الرئاسية.

رغم ما يبدو من التزام ظاهري، فإن تواديرا يسعى لمقاومة الهيمنة الكاملة لموسكو، ويُبدي قلقًا من بعض بنود الاتفاق المقترح، خاصة المطالبة بالدفع بالعملة الصعبة، وهو ما يتجاوز قدرة اقتصاد بلاده الهش، ويهدد علاقتها بالممولين الدوليين.

كما أن هناك مخاوف من أن تكون فعالية “فيلق إفريقيا” أقل من فاغنر، خاصة في ظل استمرار جيوب من انعدام الأمن في الشمال والشرق، ما قد يؤدي إلى تراجع السيطرة العسكرية التي عززتها فاغنر منذ تدخلها الحاسم في 2021.

من الناحية السياسية، يشعر تواديرا أن الاتفاق سيقيد استقلال قراره ويعزز تبعيته لموسكو، ولهذا بدأ بتحركات موازية لتقوية أوراقه الإقليمية، حيث يدرس حاليًا السماح بوجود عسكري إماراتي في الشمال الشرقي من البلاد لدعم نفوذ أبوظبي في ملف الصراع السوداني، مقابل دعم مالي ومشاريع تنموية مقدمة من الجانب الإماراتي.

وفي سياق التصفية التدريجية لفاغنر، من المقرر دمج أصولها وأفرادها ضمن الهيكلية الجديدة، لكن موسكو تستثني القيادات، وعلى رأسها ديميتري سيتي، من أي دور مستقبلي، الأمر الذي يُفاقم التوتر بين الرئاسة وروسيا، نظرًا للثقة الكبيرة التي يحظى بها سيتي داخل أوساط الحكم في بانغي، ولشراكاته الاقتصادية والإعلامية المتغلغلة في مفاصل الدولة.

تُظهر المعطيات أن مرحلة ما بعد فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى لن تكون مجرد استبدال لقوة بأخرى، بل إعادة رسم لتوازنات السلطة المحلية والارتباطات الدولية، وسط صراع مكتوم بين الولاء السياسي، والحسابات الاقتصادية، والقيود السيادية في واحدة من أكثر مناطق النفوذ الروسي حساسية في القارة

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى