ترجمات

كيفية ضمان بقاء أوكرانيا صامدة على المدى الطويل؟

بقلم: فريق التحرير في الواشنطن بوست
المصدر: واشنطن بوست
ترجمة: بوليتكال كيز

في أوائل التسعينيات وافقت الحكومة في كييف، تحت ضغط من واشنطن ولندن، على التخلي عن ترسانتها النووية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والتي كانت في ذلك الوقت ثالث أكبر ترسانتها في العالم، ونقلها إلى روسيا لتدميرها.

وقد تلقت كييف بعض التأكيدات التي من الممكن وصفها بالهشة، و لا تفي بالضمانات الفعلية، حيث أكدت الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا أنه سوف يتم احترام سيادة أوكرانيا وحدودها الحالية “وحمايتها من أي تهديدات أو استخدام القوة” ضدها.

لقد اتضح أن ذلك كان خيارًا سيئًا، فلو احتفظت كييف بأسلحة نووية في ذلك الوقت، لكانت تجنبت حربًا وجودية ضد القوات الغازية الروسية اليوم.

يعلم الأوكرانيون أنه عندما يتعلق الأمر بالمساعدة الأمنية من أصدقائهم، فإن التأكيدات لطيفة ولكن الوعود الملزمة قانونًا أفضل.

في أعقاب ما وصفته الديمقراطيات الصناعية الرائدة في العالم بالتعهد “الدائم” هذا الشهر، تم التأكيد على أهمية هذا التاريخ الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة وتعزيز التدريب وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

أوضحت مجموعة السبع، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان، أن الفكرة تكمن في التوصل إلى اتفاقيات ثنائية مع كييف، بهدف تمكين أوكرانيا من امتلاك “قوة مستدامة قادرة على الدفاع عن نفسها”، وذلك لدعم أمنها القومي وردع أي تهديدات محتملة من العدوان الروسي في المستقبل.
يعد البيان جزءًا حيويًا من استراتيجية الغرب في أوكرانيا؛ حيث يهدف إلى إظهار إرادة الغرب السياسية في التصدي للديكتاتور الروسي فلاديمير بوتين.

يركز بوتين على استمرار الحرب في أوكرانيا على أمل أن يضعف عزم الحلفاء ويفرقهم. حتى وإن بقيت أوكرانيا في وضع الانتظار للانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، كما كانت لمدة 15 عامًا، فإن الغرب مطالب بتلبية احتياجات كييف الضخمة من الأسلحة.

تقع مسؤولية القيام بذلك على عاتق الموقعين على مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى وكذلك على عاتق الحلفاء الأصغر لأوكرانيا في أوروبا. إنه واجب بشكل خاص على عاتق الولايات المتحدة، التي تتضاءل قدرتها العسكرية على الآخرين مجتمعين.

يجب على المسؤولين في البيت الأبيض والكونجرس وضع برنامج لضمان دفاع أوكرانيا على المدى الطويل، وهناك العديد من الخيارات المتاحة لحمايتها من التقلبات غير المتوقعة في المساعدة.

أحد هذه الخيارات – كما ذُكر سابقًا – هو خيار شبيه بالالتزام الدائم من قبل واشنطن بتقديم الدعم العسكري “للكيان الإسرائيلي”، والذي تم توثيقه في مذكرة تفاهم واستمر هذا الدعم لعقود طويلة.

المذكرة الحالية التي تم التوقيع عليها في عام 2016، توفر 38 مليار دولار من المساعدات العسكرية “للكيان الإسرائيلي” على مدى 10 سنوات، بما في ذلك 5 مليارات دولار لأنظمة الدفاع الصاروخي.

هذه المذكرة تعتبر أحد النماذج المستدامة والتي ثبتت فعاليتها على مر الزمن، ويمكن أن يكون استخدام نهج مشابه لتأمين دفاع أوكرانيا.

يجب أن يتم النظر في مجموعة متنوعة من الحلول المحتملة لضمان استمرار دعم وحماية أوكرانيا في مواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها.
خلال 17 شهرًا من الغزو الروسي الشامل، ارتفعت التزامات الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا لتصل إلى حوالي 80 مليار دولار، منها نحو 45 مليار دولار لشراء الأسلحة وتقديم مساعدات أمنية أخرى. هذا المبلغ يقارب نصف إجمالي المساعدة الدولية التي حصلت عليها أوكرانيا.

اتفاق واشنطن العسكري مع الكيان الإسرائيلي يفتقر إلى قوة المعاهدة، التي تتطلب دعم ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. لكنها تحظى بالفعل بدعم سياسي، يتجلى في مخصصات الكونجرس عامًا بعد عام.
و يمكن استخدام نموذج تايوان فهو مشابه لحالة أوكرانيا ودعمها في الكونجرس الأمريكي من خلال التشريع.

هذا النموذج يُمكن أخذه بعين الاعتبار وهو قانون علاقات تايوان الذي صدر في عام 1979، الذي كان يهدف إلى توفير ضمانات أمنية لتايوان بعد أن أقامت الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية الرسمية مع الصين.

رغم أن هذا النموذج لا ينطوي على التدخل العسكري الواضح في حالة هجوم صيني على تايوان، إلا أنه يلزم الولايات المتحدة بتزويد تايوان بالموارد الدفاعية والدعم اللازم للحفاظ على قدرتها على الدفاع عن نفسها. هذا يعني توفير الأسلحة والمعدات والتدريب الضروري لتعزيز القدرة الدفاعية لتايوان وضمان استمرار قدرتها على مواجهة أي تهديدات أمنية.

إن توقيع مذكرة تفاهم من قبل الإدارة السابقة التي قد لا تكون ملزمة بالنسبة للإدارة الحالية، والقوانين التي يقرها الكونغرس يمكن أن تُلغى من قبل حكومة لاحقة. ومع ذلك، في الوقت الحالي، ما زال الدعم قويًا لأوكرانيا في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون واستمر هذا الدعم رغم مشاريع القوانين التي تعارض المساعدة من بعض أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب.

يدرس الاتحاد الأوروبي إنشاء صندوق جديد تبلغ قيمته حوالي 22 مليار دولار للمساعدة في تسليح أوكرانيا على مدى السنوات الأربع المقبلة.

هذه بداية جيدة نحو جعل التزام الغرب أكثر ديمومة.

ويمكن لإدارة بايدن والكونغرس أن يحذوا حذوهما وينبغي عليهما ذلك من خلال إعطاء القوة لوعد مجموعة الدول الصناعية السبع بحماية أوكرانيا من نهب موسكو.

فمعركة أوكرانيا ضد روسيا تعتبر أمرًا محوريًا لمصالح الغرب في صد العدوان غير المبرر الذي يهدد ركائز النظام القائم على القانون في العالم.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى