ترجمات

فشل الاستخبارات الإسرائيلية هو بمثابة نداء استيقاظ لحلف شمال الأطلسي

بقلم: جاك ديتش و ريشي ينجار
المصدر: مجلة “فورن بوليسي” الأمريكية
ترجمة: بوليتكال كيز

قبل أسبوع واحد فقط من اقتحام مقاتلي حمـ.اس للسياج الحدودي مع غزة، كان جنرال إسرائيلي يطلع أكبر ضابط عسكري في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على دفاعات البلاد المتطورة على ما يبدو.

وأثناء جولته في معسكر رعيم في جنوب إسرائيل، قامت القوات الإسرائيلية بإطلاع الأدميرال روب باور، الرئيس الهولندي للجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، على جميع الإجراءات والتجهيزات التي تم نشرها على طول الحدود التي تمتد لمسافة 32 ميلاً لمنع الاقتحام، ومنها الطائرات بدون طيار، الكاميرات، الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، الجدار العميق الذي يمتد في الأرض، وأجهزة استشعار الزلازل للكشف عن محاولات حفر الأنفاق.

وكانت فرقة غزة التابعة لقوات الدفاع الإسرائيلية قد احتـ.لت في يوم من الأيام قطاعًا يمتد على مساحة تبلغ 141 ميلًا مربعًا بين إسرائيل ومصر، و قد خضعت هذه الفرقة لتدريبات استعدادًا لمواجهة حماس، وقامت بالاستعداد لهذا السيناريو.

ولكن و بعد عدة أيام من إبلاغ تلك القوات الإسرائيلية الأميرال الهولندي، الذي كان في رئاسة اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، بدأوا في القتال من أجل بقائهم.

أثار “باور” قلقًا بشكل ملحوظ من الطريقة التي تمكنت بها حمـ.اس من تجنب الكشف عنها من خلال نظام المراقبة الإسرائيلي الموحد، وأشار إلى أنه من أجل تسليح المظليين الذين اجتازوا الجدران الحصينة لإسرائيل، كان على حمـ.اس تخريجهم في المناطق الخالية لإطلاقهم، كما اضطرت المجموعة المسلحة أيضًا لتمرير أنظمة الصواريخ إلى الخارج لإطلاقها.

أما بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، الذي يكثف جهوده في مجال الذكاء الاصطناعي والدفاع السيبراني والتكنولوجيا الجديدة التي يمكن أن تربط قادة التحالف في بلجيكا مع الرماة على حدود الجهة الشرقية مع روسيا، كانت الهجمات بمثابة دعوة للاستيقاظ.

وقال “باور” في مقابلة أُجريت معه يوم الخميس الماضي، بين اجتماعات وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي: “لم يكن هناك أي تحذير ماذا يعني إذا كنت تثق في الأتمتة أو القدرات أو الأنظمة المستقلة أو الذكاء الاصطناعي، أو مزيج من كل ذلك بهذه الطريقة، ولا يزال الجميع متفاجئين”؟

ولم يكن أي من مسؤولي حلف شمال الأطلسي (الناتو) والدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين الذين تحدثوا معهم مجلة -فورين بوليسي- يمكن أن يصلوا إلى استنتاجات حول كيفية حدوث ذلك، ولكن صدمة الصور المروعة التي ظهرت على شاشات التلفزيون في جميع أنحاء المبنى وفشل وكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة وإسرائيل في التقاط علامات الهجوم دفعت إلى إجراء محاسبة ذاتية جماعية في مقر الناتو.

لقد استنفذت الحرب كل الأكسجين من الغرفة خلال الأسبوع الذي اجتمع فيه الحلف في بروكسل لدعم تسليح أوكرانيا وضمان استمرار السويد على المسار الصحيح نحو عضوية الناتو، وقال مسؤول عسكري من بلدان الشمال الأوروبي، مشترطًا عدم الكشف عن هويته، إن “التركيز تحول” في الوقت الذي ظهرت فيه قنوات إخبارية مدوية في الخلفية تعرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يجول في مقر التحالف لتغطية شاملة لحرب إسرائيل مع حماس.

في الوقت الذي يسعى فيه حلف شمال الأطلسي لتعزيز صناعة الدفاع عبر الأطلسي لإنتاج المزيد من الذخيرة والقنابل الذكية، وللتصدي للتضليل الروسي والهجمات الإلكترونية، أثارت هجمات حمـ.اس، التي اقتحمت الجدار الحدودي الإسرائيلي في ما يقرب من عشرين نقطة باستخدام السيارات المفخخة والدراجات النارية المفخخة، قلقًا بين بعض أعضاء التحالف بشأن الاعتماد الكبير على التكنولوجيا الذكية.

وسأل مسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي: “كيف يمكننا توجيه التوازن بين القدرات البشرية والبرمجيات لتحقيق تأثير معزز دون فقدان السيطرة على الموقف؟” وتحدث بناءً على قواعد الأساسية التي وضعها الحلف.

ويعمل حلف شمال الأطلسي بجدية على استغلال التكنولوجيا المتقدمة ويستعين بالشركات الناشئة والقطاع الخاص لتعزيز قدراته في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والاستشعار والمراقبة، ولكن كما أظهر الهجوم المفاجئ على إسرائيل، يمكن للتكنولوجيا ذات التكلفة المنخفضة أن تكون فعالة حتى ضد الجيوش ذات التكنولوجيا المتقدمة.

إن حمـ.اس تعتمد على تكتيكات غير نظامية مثل استخدام أنابيب المياه لتحويلها إلى صواريخ، حفر الأنفاق، وشراء طائرات بدون طيار جاهزة للاستخدام، حيث قال مسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي: “الكثير من التكنولوجيا التي يستخدمونها ليست جديدة أو رائدة، إنها تكنولوجيا يمكن أن يحملها الأفراد في منازلهم وتجدها متاحة للشراء حتى عبر الإنترنت.

من الممكن أن نستفيد من الدروس التي تعلمناها من حرب جديدة مرت للتو على الرغم من أنها استمرت لفترة قصيرة، ولكن رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، باور، أكد أهمية أن تعترف المنظمات المشاركة في هذه الحروب بأخطائها.

قال باور: “نحن دائمًا مستعدون لاستعراض أدائنا، وذلك لأن في حالة عدم نجاحنا، سيكون هناك تأثير كبير على الأرواح.” وأضاف: “نحن ملزمون بفهم ما حدث، ولماذا حدثت الأخطاء، وكيف يمكننا تحسين أدائنا، وذلك تكريمًا للجنود الذين فقدوا حياتهم والجرحى وعائلاتهم.”

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى