كشفت مصادر لـ ”بوليتكال كيز | Political Keys” أنه حتى الآن، كان القادة العسكريون في تونس متساهلين مع الرئيس قيس سعيد، الذي دعموه في الاستيلاء على السلطة في 25 تموز/ يوليو 2021، لكن خلال الأشهر القليلة الماضية، بدأت تظهر خلافات بشأن القضايا الاستراتيجية.
فعندما حضر سعيد اجتماعًا لمجلس الأمن القومي في أوائل آب/ أغسطس، والذي دعا إليه كبار الضباط، برزت اختلافات حول كيفية التعامل مع الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية، وتم التطرق إلى قضايا الاعتقالات والمشاكل القانونية التي تعرض لها عدد من المرشحين الرئاسيين، مثل لطفي المرايحي، والوزير السابق منذر الزنايدي، وزعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي.
وقبل الاجتماع، أشار رئيس أركان الجيش محمد الغول إلى العقبات البيروقراطية التي وُضعت أمام أحد المرشحين، كما دعا إلى ضرورة ضمان مصداقية بطاقة الاقتراع.
ومع ذلك، ففي 10 آب/ أغسطس، وافقت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس على ثلاثة ترشيحات فقط، من ضمنها ترشيح سعيد، من بين 17 ترشيحًا تم تقديمها، ومنذ إصلاح الهيئة في عام 2022، أصبح الرئيس مسؤولاً مباشرةً عن تعيين رئيسها، وفي أيار/ مايو من ذلك العام، تم تعيين فاروق بوعسكر، أحد مؤيدي سعيد المخلصين، في هذا المنصب.
مستشار رئاسي ساخط
وفي تجاهل آخر لموقف مجلس الأمن القومي، قرر سعيد الاحتفاظ بوزيرة العدل ليلى جافل على الرغم من التحقيق في أوجه القصور في وزارتها فيما يتعلق بخدمة السجون، وتم القبض على مستشارها، مكرم الجلاصي، وفصله نتيجة لهذا التحقيق.
ومن بين الضباط الأربعة الذين كانوا يسيطرون على قصر قرطاج، نأى مصطفى فرجاني، المدير العام للصحة العسكرية ومستشار الوزير، بنفسه عن سعيد في الأشهر الأخيرة، بالإضافة إلى مخاوفه بشأن نقص الأدوية في البلاد، يعبر عن استيائه من طريقة التعامل مع قضية بوخاطر، التي يشارك فيها شخصيًا، وكان من المقرر أن يعلن مطور العقارات الإماراتي عن إحياء مشروع مدينة تونس الرياضية في يناير/كانون الثاني، قبل أن يتم إلغاء المؤتمر الصحفي بشكل غامض.
آراء متباينة حول ندرة المياه
ولم يكن سعيد راضيًا عن تعليقات وزير الزراعة اللواء عبد المنعم بلعاطي، الذي يعتبر من الشخصيات البارزة ويحظى باحترام زملائه الضباط. يرى بلعاطي أن الضغط على موارد المياه في تونس، والذي استمر لسنوات، هو قضية بالغة الأهمية توازي قضايا الأمن القومي.
وقام بلعاطي بتحليل نقص المياه في تونس عدة مرات خلال الأشهر الماضية، نتيجة لتغير المناخ وانخفاض هطول الأمطار، وفرض هو ومحمد الهادي الأحمدي، رئيس الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، قيودًا على المياه في منطقة الساحل وأجزاء أخرى من البلاد، ثم في 17 تموز/ يوليو، ترأس بلعاطي اجتماعًا مع جوهر بودريقة، رئيس العمليات بوزارة الداخلية، للبحث في تحسين إدارة الموارد المائية في تونس.
وفي اليوم التالي، استدعى سعيد وزير الداخلية خالد نوري وكاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بصدق إلى قرطاج للتنديد “بالمسؤولين عن انقطاع المياه والكهرباء في عدة مناطق من البلاد لتأجيج التوترات الاجتماعية”، وقد أثار غياب بلعاطي عن هذا الموضوع، الذي يؤثر بشكل كبير على حقيبته الوزارية، علامات استفهام.
وفي تطور لاحق، زار سعيد سد نبهانة في محافظة القيروان فجراً، موجهًا اتهامات مبطنة لبلعاطي الذي كان من المقرر أن يزور السد في وقت لاحق من نفس اليوم، وأثناء وجوده في الموقع، وجه سعيد اتهامات غير مباشرة لبعض “الأحزاب” بالوقوف وراء أزمة المياه.
وفي بيان مصور من مكتب رئيس الوزراء في 7 آب/ أغسطس، دافع رئيس الوزراء السابق أحمد حشاني عن تعامل حكومته مع أزمة المياه. وأشار إلى الجفاف كسبب رئيسي، مثلما فعل بلعاطي، وأشاد ضمنيًا بإجراءات وزير الزراعة من خلال تجاهل نظريات قرطاج حول الموضوع، وقد تم إقالته، دون تقديم أسباب رسمية.