وصل رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أمس الإثنين 26 شباط/ فبراير، إلى العاصمة الليبية طرابلس، في زيارة رسمية.
وأفاد بيان صدر عن إعلام مجلس السيادة السوداني بأن البرهان أطلع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة خلال لقائهما بالعاصمة طرابلس على “تطورات الأوضاع في السودان على ضوء التمرد الذي قامت به مليشيا الدعم السريع المتمردة على الدولة”.
وأضاف البيان أن البرهان أطلع الدبيبة أيضا على “الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها المليشيا (الدعم السريع) واستهدافها المدنيين وانتهاج سياسة التدمير الممنهج للدولة السودانية، واحتلالها منازل المواطنين ونهب ممتلكاتهم، وممارسة التطهير العرقي”.
ونقل البيان عن الدبيبة تأكيده على “حرصه على تحقيق السلام وإحداث الأمن والاستقرار في السودان وحل الأزمة” التي تمر بها البلاد حاليا.
وفي السياق، أكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في وقت سابق الإثنين، على دعم بلده لوحدة واستقرار السودان، ولجهود البرهان الرامية لتحقيق ذلك.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده المنفي والبرهان عقب مباحثات جمعتهما في ديوان المجلس الرئاسي بطرابلس.
ورافق رئيس مجلس السيادة السوداني وزير الخارجية علي الصادق ومدير المخابرات العامة أحمد إبراهيم مفضل، وفق البيان.
وتأتي زيارة البرهان لليبيا عقب إعلان الدبيبة، السبت الماضي، عن مبادرة لـ”إحلال السلام ووقف إطلاق النار” بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كشف عنها خلال اتصال هاتفي أجراه مع قائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأجرت “بوليتكال كيز | Political Keys”، حوارًا خاصًّا مع الباحث السياسي الخبير في الشأن الإفريقي، إدريس أحميد، للحديث عن اقتراح الدبيبة الوساطة بين طرفي النزاع في السودان وزيارة البرهان لطرابلس.
وقال أحميد: “بالحديث عن الاتصال الذي جرى بين رئيس الحكومة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، والذي احتوى دعوة الدبيبة طرفي النزاع في السودان للجلوس على طاولة المفاوضات بوساطة ليبية، يجدر القول إن ملف الصراع في السودان شائك وكبير، وهو صراع بين القوى الدولية التي تدعم الطرفين، وهذا الملف تم تناوله في الوساطة السعودية والوساطة المصرية ووساطة الإيغاد والاتحاد الإفريقي، ولم يتمكنوا إلى الآن من الوصول إلى حل ينهي إطلاق النار في السودان ويخفف معاناة المواطن السوداني”.
وأضاف الخبير في الشأن الإفريقي أنه “تم تهجير مليوني سوداني إلى دول الجوار جراء الحرب، وليبيا تأثرت بهذا وكذلك مصر، بالإضافة إلى تهجير 10 ملايين سوداني داخل السودان، بالإضافة إلى معاناة السودان من الصراعات العرقية والإثنية وعدم الاستقرار”.
وتابع: “لذلك، لا أعتقد أن بإمكان السيد عبد الحميد الدبيبة أن يقوم بهذه المهمة (الوساطة بين طرفي النزاع في السودان) وأن ينجح بها، لأنه يفتقد إلى الآليات، وكان الأولى بالدبيبة أن يحل الأزمة الليبية بحيث يكون هناك دور إقليمي ودولي لليبيا، وليبيا في ظل هذا الضعف وهذه الأزمة السياسية ليس لها دور مهم فيما يتعلق بالوساطات، وقد فقدت ذلك بعدما كانت ليبيا لها دور مهم من خلال الاتحاد الإفريقي ومن خلال دورها كدولة في المحيط الإفريقي والعربي”.
ومنذ منتصف شهر نيسان/ أبريل 2023، تشهد السودان حربًا أهلية طرفاها الرئيسيان الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وأودت الحرب في السودان بحياة أكثر من 12190 شخصًا، وفق تقديرات منظمة “مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها” (أكليد)، وتسببت بنزوح أكثر من 5.4 ملايين شخص داخل البلاد بحسب الأمم المتحدة، إضافة إلى قرابة 1.5 مليون شخص نزحوا إلى دول مجاورة.
وفي الجانب الآخر، تعاني ليبيا من انقسام سياسي، بين معسكر الغرب الذي يسيطر على طرابلس وتحكمه حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومعسكر الشرق الذي يحكمه التحالف الثلاثي بين رئيس البرلمان عقيلة صالح وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ورئيس الحكومة الليبية أسامة حماد، ويتخذ من مدينة سرت عاصمة له، ولم يستطع الفرقاء السياسيون الليبيون منذ سنوات التوصل إلى تنظيم انتخابات رئاسية موحدة تنهي الانقسام الحاصل في البلاد.