أجرت “بوليتكال كيز | Political Keys”، اليوم الثلاثاء 20 شباط/ فبراير، حوارًا خاصًّا مع ناشر ورئيس تحرير موقع “ديمقراطيا نيوز”، الدكتور عبد الله بارودي، للحديث عن آخر التطورات السياسية والاقتصادية في لبنان.
أزمة الفراغ الرئاسي
وقال عبد الله بارودي عند سؤاله عن أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان وما هي السيناريوهات المتوقعة للخروج منها، إن “التعويل الحقيقي اليوم يقع على النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، لكن كلنا يعلم الواقع اللبناني، نحن بحاجة إلى توافق، وإلى مظلة إقليمية خارجية تسدي نصائح للفرقاء اللبنانيين للإسراع في الانتخابات الرئاسية”.
وأضاف بارودي أن “ما زاد الأمور تعقيدًا هو ما يحصل في المنطقة، وخاصة العدوان الإسرائيلي على غزة، إضافة إلى ما يحصل في جنوب لبنان من توسيع رقعة الاشتباكات، التصعيد يزداد خطورة يومًا بعد يوم، ولبنان بانتظار زيارة جديدة للوسيط الأمريكي لآموس أوكشتاين، للبحث في ترسيم الحدود البرية، وبالتالي، الكل أصبح يجزم اليوم بأنه لا تقدم في ملف الانتخابات الرئاسية قبل الانتهاء من الواقع الإقليمي، الحرب في غزة والجنوب اللبناني، وبالتالي الدخول في تسوية إقليمية ما، يكون لبنان جزءا منها، ويكون أول آثارها هو البدء جديًا في الانتخابات الرئاسية وتسمية رئيس جمهورية ومن ثم تسمية رئيس حكومة وتشكيل حكومة جديدة”.
عودة سعد الحريري
وحول إمكانية عودة سعد الحريري للحياة السياسية في لبنان، قال البارودي إن “هذه هي الذكرى 19 لاستشهاد والده رفيق الحريري، ولذلك كان من المؤكد والمحسوم أن الرئيس سعد سيزور لبنان في هذه الذكرى، كما هو الحال كل عام، ولكن ما اختلف هذه المرة بعد سنتين من الغياب، أن الناس وبالأخص الطائفة السنية اشتاقت للرئيس سعد الحريري، حيث لم يستطع أحد من الشخصيات السنية ملء مكانه، وباتت الطائفة السنية في لبنان تعتقد أنه ملجأهم الوحيد ومرجعيتهم وقائدهم، وبالتالي لا يمكن الاستغناء عن سعد الحريري والسياسة الحريرية”.
وتابع البارودي: “الرئيس الحريري أكد أمامي أنه هو من أعطى توجيهاته لتغطية أكبر لهذه الزيارة هذه المرة ولقائه مع الشخصيات والوفود، وهذا الأمر لم يكن حاصلا في المرات السابقة، والرسالة التي أراد الناس إيصالها من خلال تفاعلهم واضحة، ومفادها أن السياسة الحريرية لن تموت وستبقى في قلوب اللبنانيين، وقد قال الحريري بالأمس عند مغادرته لبنان: (كل شي بوقته حلو، واللقاء سيكون قريبا)، وهذا يدل على أن إمكانية العودة متاحة وجادة، لكنها تحتاج لمبررات وأسباب لم تكتمل حتى الآن، فسعد الحريري يحتاج معطيان أساسيان للعودة للبنان، الأول شريك داخلي حقيقي في وجه التطرف يشاركه الاعتدال لبناء لبنان الحديث، وهذا الشريك مفقود ولذلك استقال الرئيس سعد الحريري من الحكومة عام 2019 واعتزل العمل السياسي، والثاني هو مظلة دعم إقليمية، ولنكن واقعيين، فإن أي محاولة لإخراج لبنان مما هو فيه إلى حال أفضل سياسيًا واقتصاديًا تحتاج إلى دعم دولي ودعم عربي خليجي تحديدًا”.
وأكد البارودي أن “الحريري لم يطرح إمكانية عودته إلى رئاسة الحكومة، حتى عندما لمح لإمكانية عودته للعمل السياسي”.
وأشار البارودي إلى أن الحريري قال خلال اجتماع خاص كان هو حاضرًا فيه: “أنا لا أهوى رئاسة الحكومة ولا أريد أن أترأس الحكومة ولم أكن في السابق أيضًا أريد أن أترأس الحكومة، ولكن حين توليت رئاستها رأيت أنا ومن حولي أنه حان الوقت لأكون رئيسًا للحكومة، أما على الصعيد الشخصي فإن لم أستطع الإنجاز فلماذا أترأس حكومة، المقاعد لا تهمني”، ولفت البارودي من خلال لقاءاته ومعرفته بسعد الحريري إلى أنه “لا يهتم بكونه مرجعية سنية وإنما يعتبر نفسه مرجعية وطنية، وهو متمسك بمشروع الاعتدال والمشروع الوطني وليس المشروع الطائفي، وذلك ما كان عليه والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.
وشدد البارودي على أن “موضوع عودة سعد الحريري لرئاسة الحكومة غير مطروح بتاتًا، واسم سعد الحريري وحده لا يكفي للنهوض بلبنان على الرغم من موثوقيته، فهو لا يملك عصا سحرية، وبحاجة إلى أدوات داخلية وخارجية ذكرتها سابقا لتغيير واقع لبنان”.
أثر غياب سعد الحريري على لبنان
وبشأن ما أحدثه غياب سعد الحريري عن الحياة السياسية في لبنان، قال ناشر ورئيس تحرير موقع ديمقراطيا نيوز، إن “لبنان هو بلد طائفي شئنا أم أبينا، وبالتالي فإن غياب الرئيس سعد الحريري شكل انعدام توازن طائفي ووطني، حيث أن كل طائفة في لبنان سواء مسيحية أم شيعية أم درزية لها مرجعيتها، أما الطائفة السنية فقد فقدت مرجعيتها سعد الحريري ولم يحل أي شخص مكانه، ولذلك الطائفة السنية اليوم في لبنان تشعر باليتم، وتعتقد أنها وحدها من دفع ثمن ما حصل في 2019”.
وأوضح البارودي أن “وصول نواب مستقلين وتمكنهم من الحصول على مقاعد في البرلمان كان سببه غياب سعد الحريري والكتلة التي يترأسها، على الرغم من عودة كل النواب من كل الطوائف إلى مقاعدهم كما كانت”.
وأضاف البارودي: “أكثر من 1.2 مليون نسمة، هم الطائفة السنية أحد الطوائف المؤسسة للبنان، يشعرون اليوم أنه لا ظهر لهم، وقد لاحظنا بالفعل في الأيام الأخيرة الاستهدافات التي تطول بعض الموظفين المحسوبين على تيار المستقبل، سواء في وزارة التربية أم في دوائر أخرى، وعليه يتم حاليا تضييق الخناق والهجوم على تيار المستقبل في ظل غياب سعد الحريري”.
ولفت البارودي إلى أن “هذه المظلومية شعر بها الرئيس الحريري ولذلك قال إنه لن يسمح لأحد أن يجرؤ على إيذاء أو التشفي من أي أحد من موظفي تيار المستقبل”.
و تعليقًا على قول البعض إن غياب تيار المستقبل عن البرلمان (أكبر كتلة سنية سابقا) لم يحدث أي فرق أو خلل، بالنسبة لوزن الطائفة السنية سياسيا في لبنان، قال البارودي: “إن السنة لا يزالون 27 نائبًا في البرلمان اللبناني، هذا أمر واقعي دستوري لا يمكن تغييره حتى لو غاب الرئيس الحريري، أما قوة وتأثير هذا الحضور فهو ما يعول عليه في لبنان، ولا يمكن القول إن تأثير النواب والوزراء السنة اليوم كتأثيرهم سابقًا بقيادة سعد الحريري”.
وختم ناشر ورئيس تحرير موقع ديمقراطيا نيوز، الدكتور عبد الله بارودي، حواره الخاص مع “بوليتكال كيز | Political Keys” بالقول إن “غياب تيار المستقبل عن قيادة الطائفة السنية كان له أثر كبير عليها وعلى العمل السياسي عمومًا في لبنان، ولهذا قلت إنه لا يمكن الاستمرار بهذا الأمر لأنه سيؤدي إلى انفجار كبير يدخل البلاد في صراع داخلي لا نوده، وقد قال الحريري في لقاء أمام الإعلاميين إنه في حال حاولت الطائفة السنية الدخول في غمار التزمت والتشدد فإنه سيقطع كل شيء ويأتي ليحسم هذا الأمر ويعيد ويكرس نهج الاعتدال الذي كرسه والده الرئيس رفيق الحريري”.