أجرت منصة بوليتكال كيز حوارًا خاصًا حول آخر التطورات العسكرية والسياسية في السودان، مع القيادي بحزب الأمة القومي وقوى الحرية والتغيير “مصباح أحمد محمد” أهلا وسهلا بكم الناطق الرسمي باسم حزب الأمة القومي.
ماهو موقفكم من إجراءات بناء الثقة بين الجيش وقوات الدعم السريع؟
إنّ موقفنا من إجراءات بناء الثقة بيننا وبين قوات الدعم السريع، أننا رحبنا بعودة الطرفين لطاولة التفاوض، لأن هذا هو الموقف الصحيح الذي يجنب البلاد استمرار الحوار عبر البندقية المدمرة، وكان هذا هو موقفنا منذ بداية الحرب، وأكد حزبنا موقفه الرافض للحرب، وأكدنا أن هذا الصراع العسكري لن يحقق أيّ جدوي لأي طرف، بل سيدمر البلاد ويهدد وحدتها وتماسك مجتمعها.
وقد أثبت الواقع أن النتائج على الوطن والشعب كانت كارثية من جراء هذه الحرب اللعينة ولذلك وبالرغم من أن جولة التفاوض الحالية لم تحقق وقفًا لإطلاق كما كان منتظرًا، ولكن ما تم من إتفاق حول المسار الإنساني والاتفاق على خطوات تعزيز الثقة بين الطرفين أمر إيجابي، ونعتبره خطوة جيدة.
ولكننا نأمل من الطرفين العودة السريعة للجولة الثانية من التفاوض التي يجب أن يتم الإتفاق فيها علي وقف طويل الأجل لإطلاق النار واستكمال المسار الإنساني، والانتقال لمعالجة المسار السياسي عبر عملية سياسية شاملة تخاطب جذور الأزمة ويتم التوافق فيها بين السودانيين علي مشروع وطني يحقق الإصلاح المؤسسي ويعالج أسباب الحروب ويستعيد التحول المدني الديمقراطي.
كيف ترون استمرار المعارك بين الجيش السوداني قوات الدعم السريع؟
إنّ إستمرار المعارك أمر مزعج للشعب السوداني ومؤسف لأنه يزيد معاناة المواطنين ويؤدي إلى مزيد من حركة النزوح ويلحق مزيد من التدمير بالبنى التحتية والاقتصادية، ولذلك كنّا نأمل من الطرفين أن تكون ضمن إجراءات بناء الثقة، إيقاف الهجوم المتبادل، خاصة في المدن والمناطق المكتظة بالسكان .
هل إقالة البرهان لعضو السيادة “الهادي إدريس” تعتبر تمهيدًا لتشكيل حكومة طوارئ؟
قال مصباح: إنّ الوضع ما بعد انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر، كله غير شرعي وليس هناك سلطة لقائد الجيش بموجب الوثيقة الدستورية بما في ذلك حكومة الأمر الواقع، فهي ليست شرعية وبالنسبة لنا ليس هنالك قيمة لهذه القرارات باعتبار أن الوضع الحالي، أي ما بعد الحرب ليس فيه سلطة أصلًا لا لمجلس السيادة ولا للحكومة، وأعتقد أن القرارات كلها في إطار السيناريوهات الإعلامية المصاحبة للحرب بين الطرفين والمواطن لايكترث لذلك لأنها في إطار الصراع الذي لايخدم الشعب والوطن.
النقطة الثانية الدكتور الهادي أديس عُين عضوًا بمجلس السيادة بموجب اتفاق جوبا لسلام السودان وموجب الوثيقة الدستورية التي أسقطها الانقلاب وبالتالي هذه القرار يعد نكوص عن تنفيذ بنود الاتفاقية وتراجع عن مشروع السلام.
ولدى سؤاله عن الجبهة المدنية وما هو ثقلها؟
فأجاب: إنّ الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية مشروع قديم متجدد، وقد طرحه حزب الأمة القومي عبر مشروع العقد الاجتماعي الجديد الذي اقترح أن تتحول الحرية والتغيير إلى جبهة مدنية عريضة، وأن يطور ميثاق الحرية والتغيير الي ميثاق سياسي أوسع، وأن تطور الوثيقة الدستورية الي دستور انتقالي.
بجانب مقترحات للإصلاح المؤسسي والاجتماعي وقد تمرحل هذا المشروع إلى عدة مراحل، بدءًا بالإعلان السياسي الذي وقع في 8 أيلول/ سبتمبر 2021، ثم وسّع من قوى الحرية والتغيير.
وكان مقررًا أن تنعقد هيئة عامة موسعة ولكن انقلاب 25 أكتوبر قطع هذه الخطوات وحال البلاد إلى صراع جديد وبعد اندلاع حرب 15 أبريل التي سببها الانقلاب وفلول النظام البائد أصبح الوضع في السودان ملحًا لتكوين الجبهة المدنية الديمقراطية العريضة خاصة بعد الحرب وتزايد المهددات الوطني.
وقد وقع الإعلان التأسيسي للجبهة في 27 نيسان/ أبريل، ومن ثم تقرر أن توسع الجبهة لتشمل كل مكونات الثورة والقوي المدنية الداعمة لوقف الحرب وبالفعل تمخضت الاتصالات مع الأطراف المدنية عن تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر العام للجبهة ضمت القوي السياسية وعلى رأسها قوي الحرية والتغيير وعدد من الحركات المسلحة وقوي سياسية أخرى، والمجتمع المدني، وعدد من لجان القاومة وممثلي المبادرات والشخصيات الوطنية.
وقد عقدت اللجنة اجتماعًا موسعًا بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في الفترة من 23-26 تشرين الأول/ أكتوبر، وقد ناقشت الرؤية السياسية لإيقاف الحرب والوضع الإنساني والرؤية الاقتصادية و الإعلامية والهيكل التنظيمي.
وتمخض عن الاجتماع تشكيل هيئة قيادية برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك وعضوية سبعين من المكونات المختلفة ومكتب تنفيذي بغرض التحضير للمؤتمر العام لتنسيقية القوي الديمقراطية المدنية (تقدم) والذي سيضم عدد 1200 عضوًا من كافة أنحاء السودان ومن المقرر أن ينعقد المؤتمر في العام في شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل ليجيز الرؤي المقترحة في المحاور المذكورة آنفًا والهيكل التنظيمي.
هل المبادرات المطروحة للحل كلها على نفس السوية؟
إن المبادرات المطروحة جميعها متقاربة ولذلك فإن حزب الأمة القومي طالب بضرورة توحيد المبادرات الدولية والتركيز على منبر جدة التفاوضي ودعمه لتحقيق أهدافه، وفي الجولة الحالية كان هنالك تنسيق بين الوساطة السعودية الأمريكية والإتحاد الأفريقي وهو أمر مهم لإيجاد حل للأزمة الحالية المعقدة، وتحتاج لتضافر الجهود للضغط على طرفي الحرب من أجل الإقبال علي التفاوض بجدية للوصول لاتفاق ينهي الحرب ومعالجة الوضع الإنساني.
إن حزب الأمة القومي يتواصل بصورة مستمرة مع طرفي الحرب ومع الوساطة والأطراف الدولية الأخرى، والقوي السياسية السودانية ويعمل علي دفع كل الجهود المبذولة لإنجاح منبر جدة، وزيادة الدعم الإنساني للمتأثرين و في ذات الوقت يعمل مع القوي المدنية لتوحيد الصف الوطني والاستعداد للعملية السياسية الشاملة بعد وقف الحرب.
ما هو موقفكم من حركات سلام جوبا؟ وهل لديكم تواصل معها لإنهاء الحرب الجارية؟
بعض حركات الكفاح المسلح وقفت موقفًا إيجابيًا في هذه الحرب ولم تنحاز لأي من طرفيها، وهو موقف جنب البلاد مزيد من الاحتراب، وحزبنا على تواصل مستمر مع حركات الكفاح المسلح، وبعضهم جزء من تحالف قوي الحرية والتغيير مثل حركة تحرير السودان، والمجلس الانتقالي بقيادة الدكتور الهادي أديس، وحركة قوي تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، وجبهة الشرق والقوي المدنية بالشرق.
ولدينا تواصل مع بعض الأطراف بالكتلة الديمقراطية كالاتحادي الأصل وآخرين، ولكن الذين يدعمون الحرب ويقفون إلى جانب من يأججون الصراع هؤلاء نختلف معهم في الموقف ونأمل أن يعدلوا مواقفهم بعد النتائج الكارثة التي حلت بالوطن من جراء هذه الحرب العبثية.
ما هو مستقبل العلاقات مع طهران؟
إنّ حزب الأمة القومي يطرح مقترح إقامة مؤتمر للعلاقات الخارجية يضع الأسس لبناء علاقات خارجية متوازنة تحقق مصالح الشعب السوداني مع محيطه الإقليمي والدولي والابتعاد عن المحاور واحترام السيادة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
ونؤكد أن سياسية العلاقات للسودان بعد عودة الحكم المدني يجب أن تحكمها المبادئ المذكورة أعلاه بما في ذلك العلاقة مع الجمهورية الإيرانية.
هل لديكم خطة واضحة لما بعد الحرب؟
إنّ حزب الأمة القومي يطرح مشروع الخلاص الوطني الذي يتضمن حلولًا جذرية للأزمة الوطنية بكل جوانبها وعلي رأسها تحقيق السلام الشاملة والعادل والتحول الديمقراطي الكامل، ونعتقد أن العملية السياسية الشاملة يجب أن تبحث ملامح المشروع الوطني الذي يستوعب كل الرؤى السياسية السودانية ويضع الحلول المطلوبة لجذور الأزمة ويأسس للانتقال الديمقراطي المنشود.
لماذا يُبعد الجيش بينكم وبين قوات الدعم السريع؟
إن منبر جدة منذ البداية كان هدفه بحث التهدئة بين الطرفين وفتح الممرات الإنسانية وتسهيل وصول الإغاثات للمتضررين وهذا الجانب المعنين به طرفي الحرب بصورة أساسية.
ولكن مع تطور الأوضاع وتطاول أمد التفاوض وارتفاع كلفة الحرب وتطاول أجلها وتزايد معاناة الشعب السوداني أصبحت الحاجة ملحة لمشاركة القوي المدنية في تأمين إتفاق وقف إطلاق النار عبر طرح آليات فعالة لحماية الإتفاق وضمان تنفيذه، وكذلك فإن القوي المدنية هي المعنية ببحث عملية إنهاء الحرب عبر عملية سياسية تخاطب جذور الحروب وتعالج أسبابها وتضع الحلول الناجعة لها بجانب بحث المسار السياسي والانتقال المدني الديمقراطي.