ترجمات

يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تبطئ حملة التطبيع التي يقوم بها الأسد

بقلم: مارك كيرستن
المصدر: الجزيرة الإنجليزية
ترجمة: محمد نور شاكر

بالنسبة للجزء الأكبر، فقد أفلت الرئيس السوري بشار الأسد من العقاب. فبدلاً من تحميله المسؤولية عن الفظائع التي لا حصر لها التي ارتكبها نظامه ضد المدنيين، كان الديكتاتور السوري منشغلاً في المصالحة مع قادة العالم.
اندلعت “الحرب الأهلية السورية” في عام 2011 ومنذ ذلك الحين، يرجح أنه قد حصلت كل انتهاك لحقوق الإنسان وجريمة دولية منصوص عليها في القانون الدولي، فقد قد تم ارتكابها بشكل متكرر. في السنوات الأخيرة، كان هناك وقت للفت انتباه العالم على الجرائم والفظائع والمحنة البائسة التي حصلت للمدنيين الفارين من سوريا.
لذلك ليس من المستغرب أن تكون المحاسبة على الفظائع المرتكبة في سوريا عابرة. في البداية، أحبطت الصين وروسيا والولايات المتحدة، جهودًا للسماح للمحكمة الجنائية الدولية، التي لها حق قضائي على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، بالتحقيق في الفظائع في سوريا.
كان هناك تدفق مستمر لقضايا الدول الأوروبية التي تمارس سلطاتها القانونية لمحاكمة مجرمي الحرب السوريين في محاكمها، و على الرغم من أن هذه لا يمكن أن يعالج طبيعة واسعة النطاق والمنهجية للفظائع المرتكبة في سوريا.
كندا، من جانبها، رفضت بشكل قاطع أن تفعل الشيء نفسه متجاهلة مقاضاة حتى مواطنيها الذين انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا لمشاركتهم في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
في هذا السياق، تجدر الإشارة بشكل خاص إلى الإعلان عن بدء كندا وهولندا إجراءات قانونية ضد سوريا في محكمة العدل الدولية. قالت أوتاوا إنها تسعى إلى تحميل دمشق المسؤولية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب،

“على انتهاكات حقوق الإنسان التي لا حصر لها والتي ارتكبتها بحق الشعب السوري منذ عام 2011”.

أوتاوا


من المرجح أن تبدأ جلسات الاستماع القانونية في وقت لاحق من هذا الصيف، والتي تقدم بعض الأمل في أن ألا يتم نسيان آلاف السوريين الذين تعرضوا للوحشية والتشويه والقتل على يد #نظام_الأسد.
هذا لا يعني أن الأسد سيجد نفسه أمام محكمة دولية لمحاسبته على جرائمه الفظيعة. ولكن، ستذهب كندا وهولندا إلى “المحكمة الدولية” في محاولة لضمان امتثال سوريا للقانون الدولي فيما يتعلق بالتعذيب.
و على وجه الخصوص، تريد كل من كندا و هولندا من محكمة العدل الدولية إصدار أوامر “للحفاظ على حقوق المدنيين السوريين وحمايتها” بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تواصل سوريا انتهاكها ، وحماية أرواح الأفراد وسلامتهم الجسدية والعقلية المتواجدين في داخل سوريا حاليًا، أو الذين يتعرضون لخطر التعذيب وغيره من المعاملات المروعة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
يبقى أن نرى كيف ترد دمشق. يمكن أن تتجاهل الإجراءات تمامًا أو تنضم إليها في محاولة لشرح موقفها، مثلما اختارت ميانمار أن تفعل عندما رفعت غامبيا قضية أمام محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بالإبادة الجماعية المزعومة ضد الروهينجا.
ربما تكون الخطوة التي اتخذتها كندا وهولندا في نهاية المطاف خطوة شكلية إلى حد كبير. لكن هذه الشكليات مهمة جداً. لذلك، لا تُقاس العدالة دائمًا بالنتائج فاتخاذ الخطوات مهمة أيضا.
فعلا الرغم من تركيز اهتمام الغرب على الوضع في أوكرانيا، تُظهر قضية محكمة العدل الدولية أن كندا وهولندا تقفان بثبات في زاوية الضحايا والناجين من عنف نظام الأسد.
حيث أنهم يحاولون الحفاظ على تحقيق العدالة ومنع ارتكاب الفظائع في سوريا، فيهم يسعون لحماية السورين الذين على قيد الحياة ويرفضون نسيان آلاف المدنيين الذين تعرضوا ولا يزالون يتعرضون للتعذيب في السجون السوريا.
الحقيقة المحزنة هي أن الأسد انتصر في الحرب في سوريا. على الرغم من مقتل أكثر من 300 ألف سوري، تعمل الدول على تطبيع العلاقات مع دمشق.
في الشهر الماضي، رحبت جامعة الدول العربية بعودة الرئيس السوري بأذرع مفتوحة، على أمل التوصل إلى تعاون مع الأسد في قمع تجارة المخدرات وتخفيف أزمة اللاجئين. يمكن أيضا أن تُنسب عودته التي يضرب بها المثل إلى حليفه المقرب، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي عمل منذ فترة طويلة على كسر عزلته الدولية.
إن الحفاظ على الأمل في أن تتحقق العدالة والإمساك بالأسد في نهاية المطاف قد لا يمنع من إعادة تأهيله سياسياً، لكن قد يبطئها.
يجب أن يساعد قرار إحضار سوريا إلى محكمة العدل الدولية بشأن حملة التعذيب في إغلاق الحيز السياسي المتاح لأولئك الذين قد يفكرون في التعامل مع الأسد.
هذا سوف يجبرهم على عدم التعامل مع رجل عميل لدولة روسيا ومسؤول عن آلة التعذيب الجماعي في سوريا. كما أنه يبعث برسالة للآخرين ، مثل بوتين ، مفادها أن ذاكرتنا عن الفظائع لا تأتي مع تاريخ انتهاء الصلاحية.

التحرك الهولندي والكندي في محكمة العدل الدولية يعني أن ملاحقة الأسد دولياً عن الفظائع التي ارتكبها ستستمر، وهذا يعني أن الضحايا والناجين في سوريا سيبقون حاضرين في كل من الوعي العام وقاعة المحكمة الدولية.
غالبًا ما تكون عملية تحقيق المساءلة متعرجة وبطيئة بشكل مؤلم، ولكن بسبب جهود مثل جهود كندا وهولندا، ربما، ربما فقط، المساحة حول الأسد سوف تتقلص يومًا ما وسوف يتعب أصدقاؤه من احتكاك أكتافهم بمجرم حرب بامتياز. عندما يأتي ذلك اليوم، ستنتقل العدالة في سوريا من سراب إلى احتمال واضح.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى