خاص | علاقة الحشود العسكرية الأمريكية في سوريا باحتجاجات السويداء… حوار خاص مع العميد أحمد حمادة والعقيد عبد الجبار العكيدي
شهدت محافظة السويداء، الواقعة في الجنوب السوري، حركة احتجاجية واسعة، ضد النظام السوري للأسبوع الثاني على التوالي.
ورفع المحتجون شعارات تطالب بإسقاط النظام، ورحيل رئيسه بشار الأسد، في الوقت الذي رفع بعض المحتجين شعارات تطالب بحكم لا مركزي في المحافظة الجنوبية.
الاحتجاجات سبقها حشود عسكرية أمريكية في الشمال الشرقي لسوريا، وفي قاعدة التنف بريف حمص الشرقي على الحدود السورية – الأردنية – العراقية، وسط أنباء عن عزم واشنطن القيام بعملية عسكرية في المنطقة، منطلقها قاعدة التنف القريبة جغرافياً من محافظة السويداء.
ولمعرفة مزيد من التفاصيل حول علاقة الحشود العسكرية الأمريكية في الشرق السوري باحتجاجات محافظة السويداء في الجنوب السوري؛ أجرت منصة “بوليتكال كيز | Political keys”، حوارًا خاصًّا مع العميد أحمد حمادة، والعقيد عبد الجبار العكيدي.
وفي هذا السياق، قال العميد المنشق عن جيش النظام السوري، أحمد حمادة، في حواره مع “بوليتكال كيز | Political keys”، إن “الحراك في جبل العرب ومحافظة الجبل السويداء ليس جديدا، فهو بدأ منذ الشهر الأول لبدء الثورة السورية، ولكن لم يكن متواصلا”، مضيفًا أنه لا يتوقع أن “التحرك الأمريكي سبب في بدء هذه الموجة من التظاهرات رغم أن التحرك الأمريكي والأخبار التي تحدثت عن إقامة المثلث السني وقطع الطريق الإيراني بعث الأمل في تغيير سياسة واشنطن تجاه إيران والأسد”.
من جانبه، قال العقيد المنشق عن جيش النظام السوري، عبد الجبار العكيدي، في حواره مع “بوليتكال كيز | Political keys”، إنه لا يتوقع “أي ارتباط بين انتفاضة السويداء ضد النظام السوري والتحركات الأمريكية”، مضيفًا أن “التحركات الأمريكية ليست جديدة، بل هي قديمة ومنذ أشهر، وهناك استجلاب لأسلحة جديدة وطيران، والموضوع متعلق بالتحركات والتهديدات الإيرانية وانتهاك روسيا لقواعد الاشتباك والاتفاقيات المسبقة ومضايقة الطيران الأمريكي، وشاهدنا قبل فترة كيف رمى الطيران الروسي قنابل ضوئية على طائرة استطلاع أمريكية خلفت أضرارًا فيها، كما أن التحركات الأمريكية متعلقة بأمن الخليج وهي رسالة طمأنة لدول الخليج التي بدأت تذهب باتجاه الشرق روسيا والصين”.
وحول زيارة مجموعة من الضباط السوريين المتقاعدين في جيش النظام السوري لشيخ الطائفة الدرزية في السويداء حكمت الهجري، أوضح العميد أحمد حمادة أن “الزيارة حصلت للشيخ الهجري وماقدمه الضباط برئاسة العميد نايف العاقل كان مجرد تبادل أفكار مع الهجري ولم يرتق لإعلان”، وتابع: “المزاج العام لم يقبل بمجلس عسكري والقيادة الروحية تضبط الأمور وتسير المحافظة وفق ضوابط”.
أما العقيد عبد الجبار العكيدي فأوضح أن “مشيخة العقل لم تتبنَّ البيان الذي أصدروه باعتبار أن الحراك ما زال سلميًّا وفي بداياته ولم يتعرض أبناء السويداء لأي مضايقات من قبل جيش النظام السوري أو قوات الأمن ولم يسقط أي ضحايا، والوضع حاليا رهن التحركات القادمة للنظام تجاه هذه الاحتجاجات”.
وفيما يتعلق بلافتات رفعت خلال احتجاجات السويداء تطالب بحكم ذاتي، وحول ما إذا كانت ستشهد المنطقة نموذجًا مدعومًا أمريكيًّا للمكون الدرزي في الجنوب مشابهًا لنموذج المكون الكردي في الشمال الشرقي، أكد العميد أحمد حمادة أن “جبل العرب قليل الموارد وسكانه مرتبطون بسوريا وهم جزء أصيل منها”، مشيرًا إلى أن “الدروز سابقا رفضوا الانفصال وسيرفضون ذلك الآن”.
ونوّه حمادة إلى أن “حصار النظام وقلة الموارد تدفع باتجاه المطالبة بفتح ممر مع الأردن وتسيير أمور المحافظة بيد أبنائها الذين أغلقوا مكاتب الحزب والمؤسسات الأمنية مع الإبقاء على المراكز الخدمية”.
وبشأن اللافتات التي طالبت بحكم ذاتي، أكد العقيد عبد الجبار العكيدي أن “الوطنية العامة تشكل الإطار العام لجميع الشعارات التي رفعت خلال احتجاجات السويداء، تتحدث عن سوريا موحدة وعن إسقاط النظام، ما يدل على أنها استمرار لثورة 2011″، لافتًا إلى أن “هناك بعض الشعارات الفردية الكثيرة، منها ما طالب بإبعاد الإخوان المسلمين، ومنها ما تحدث عن قسد، ومنها حتى ما وجه رسائل شخصية لبعض الأشخاص”، منوّهًا أن “هذه الشعارات الفردية لا تعبر عن الحراك في السويداء”.
وعن الوجود العسكري لنظام الأسد في محافظة السويداء وإمكانية أن تتحرك واشنطن باتجاهها انطلاقًا من قاعدة التنف شرقي حمص، لفت حمادة إلى أن “جبل العرب يشهد وجودًا كبيرًا لقوات النظام السوري”، وعدد منها “الفرقة 15، وجزء كبير من الفرقة الخامسة، ومستودعات سلاح للإيرانيين وحزب الله والنظام، وقوات دفاع جوي، وقوات ومراكز سطع ورادار”.
وتابع حمادة كلامه مشددًا على أن “النظام والإيرانيين لن يتخلوا بسهولة، والأمريكان غير جادين حتى الآن، ولكن إذا تطور الموقف واستخدم النظام أدواته وأسلحته كما فعل بباقي المناطق – ولا أظن ذلك لحساسية الموقف – فربما يكون هناك تغيير في المواقف تجاه النظام”.
وذكر حمادة أن “الأردن يطالب بمنطقة عازلة جراء التهريب المنظم للأسلحة والمخدرات، والخطة التي يريدها الأردن من وادي اليرموك نقطة الحدود مع سوريا حتى منطقة التنف، ووفق ما تردد من التنف حتى البوكمال وبذلك يتم إغلاق الحدود وخلق منطقة عازلة بعرض 50 كيلو متر على جانبي الحدود”، ليتوصل حمادة بذلك إلى نتيجة مفادها أن “أي تحرك أمريكي من التنف باتجاه السويداء مستبعد وفق المعطيات الحالية”، مشيرًا إلى أنه “من غير المتوقع أن تشهد المنطقة أي عمل عسكري في فترة بايدن، وإن التحركات الأمريكية حتى الآن للردع والدفاع فقط”.
وحول إمكانية تحرك واشنطن انطلاقًا من التنف باتجاه السويداء، استبعد العكيدي هذا الأمر لأن “الأوضاع ما تزال سلميَّة”، وأشار إلى أن “الولايات المتحدة لو أرادت استهداف النظام فإنها تستطيع ذلك دون أن تتحرك برّيًّا، وذلك من خلال استهدافه من قواعدها سواء شرق الفرات أو التنف أو من أساطيلها في البحر الأبيض المتوسط”.
وتابع العكيدي: “إن تطور الأمر وزج النظام بقواته لقمع ثورة السويداء المحقة فيمكن للولايات المتحدة فعل ما فعلته مع فصائل الثورة السورية، أي دعم فصائل السويداء في حال تشكلت فصائل عسكرية، سواء كان الدعم مباشرًا أو غير مباشر”.
وأضاف: “الهدف المعلن لوجود القوات الأمريكية في المنطقة هو محاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة الإسلامية داعش، فالقوات الأمريكية أصلا لم تستهدف قوات النظام ولا القوات الإيرانية الموجودة في المنطقة، وهناك تخادم كبير بين الطرفين، وبالتالي فإن هذه الحشود والتحركات والمناورات الأمريكية لا تعدو كونها رسائل تطمين لدول الخليج، وأيضا هي رسائل ردع لقوات النظام والميليشيات الإيرانية والقوات الروسية الموجودين في سوريا”.
وختم العميد أحمد حمادة حواره مع “بوليتكال كيز | Political keys”، بالقول إن “هذا الحراك (احتجاجات السويداء) أسقط ورقة حماية الأقليات من يد النظام السوري، ومن غير المتوقع أن يستخدم النظام السلاح ضدها كباقي المناطق الثائرة، لأن طبيعة جبل العرب المذهبية والارتباطات بين باقي الطائفة في الدول المجاورة والتحذيرات التي يتخوف منها النظام ربما تدفعه باتجاهات أخرى، كالاغتيالات وتفعيل “الشبيحة” وأدواته الأخرى كداعش والتي استخدمها ضد السويداء مسبقا”، مضيفًا: “ربما يستخدم المسيرات بهوية مجهولة ليضرب رموز الحراك كما اغتال البلعوس سابقا”.
في حين ختم العقيد عبد الجبار العكيدي حواره مع “بوليتكال كيز | Political keys”، بالقول إن “حراك السويداء ما زال في بدايته، ورغم أن النظام استخدم القمع وزج بقواته الأمنية منذ الأسبوع الأول في احتجاجات 2011 في درعا وحمص وبقية المحافظات السورية، إلا أن الوصع في السويداء مختلف”، مشيرًا إلى أن “النظام كان يدعي ويروج للعالم أنه دولة علمانية وحامي الأقليات من المكون السني – الأكثرية التي تريد إقصاءهم بحسب زعمه – والسويداء مكون أقلّي، وأي استخدام للسلاح ضد أهالي السويداء سيقوض هذا الادعاء ويظهر زيفه”.
وتابع العكيدي: “وبالتالي فإن الوضع حاليا بالنسبة للنظام محرج، وأي استخدام للسلاح سيزيد من تأزيم الوضع وربما يكون سببا لانتفاضة محافظات أخرى منها الساحل الذي يمثل الحاضنة الأساسية للنظام، ولذلك فإنه حاليا يحاول استيعاب هذه الأزمة وتطويقها وربما يتعامل معها بشكل مختلف عما تعامل به مع ما شابهها سابقًا”.