في الذكرى 78 لقصف “هيروشيما”… العالم على أعتاب حرب نووية جديدة!
معتصم المحمد
كاتب وباحث سوري مهتم بقضايا الفكر السياسي
“طبول الحرب النووية تقرع أبواب العالم مرة جديدة”، بهذه الكلمات أحيا الأمين العام للأمم المتحدة الذكرى 78 لقصف “هيروشيما”، مناشدًا قادة العالم بالعودة إلى رشدهم، وتغليب لغة الحوار والسلام، على لغة الحرب والصراع.
سهام الأمين العام للأمم المتحدة مصوّبة نحو الحرب الروسية – الأوكرانية؛ فروسيا ما تفتأ تهدد باستخدام الأسلحة النووية بين الفَينة والأخرى، لاسيما مع كل تقدم جديد للقوات الأوكرانية على حساب جيش “موسكو”.
إلا أن الأمر لا يقتصر على الحرب في أوكرانيا، التي باتت تمثل ميدان “كسر عظام” يتنافس فيه الدب الروسي مع ضباع العالم؛ فالشرق أيضًا مشتعل، وعنوان الصراع هناك “تايوان”، والصين تهدد الجميع إذا ما تدخلوا في شؤونها الداخلية التي تصل حدودها إلى “تايوان”.
الشرق الأوسط على صفيح ساخن، فالعراق لم يعرف الاستقرار بعد، وسوريا تتأهب لحرب جديدة، ولبنان يغفو على شبح الحرب الأهلية، ويستيقظ مرتقبًا لصراع إسرائيلي جديد في الجنوب، واليمن يموت جوعًا، والاتفاق السعودي الإيراني في خطر.
في إفريقيا يبدو المشهد ليس أفضل حالاً، فمصر على عتبة الإفلاس، والجميع غارق في بحر الذهب في السودان، والسلام في ليبيا متعثر، والانقلابات تعصف بالساحل الإفريقي عصفًا.
الجميع يتأهب للحرب في “النيجر”، والمنظمة الإفريقية “إيكواس” تحوز دور البطولة في هذه الحرب، وتعلن موعد صافرة بداية الحرب على ملعب النيجر، تلبية لطلب رئيسها المحتجز “محمد بازوم” بالتدخل لإنقاذ شرعيته!
الذراع الفرنسية الأمريكية (إيكواس) تعرضت للبتر؛ فمالي وبوركينا فاسو وغينيا تقف ضد المصالح الغربية في النيجر، معلنة بأن “أي حرب على النيجر، هي بمثابة حرب على أراضيها”، وهو ما شكّل لروسيا (طبقًا من ذهب)، ما يعني أن الحرب إن وقعت، ستكون بجيوش إفريقية، ومن الخلف؛ يقف الأوروبيون والأمريكيون والروس، ولن تكون تركيا وإيران ومصر والجزائر بمعزل عن هذه الحرب، وستبحث كل دولة منهم عن حصتها من الفريسة الإفريقية.
حربٌ فيما لو أُضرمت نارُها، ستنعكس على المشهد في أوكرانيا، فإن تقدم الموالون للروس في النيجر، سترد فرنسا بزيادة تسليح الأوكرانيين، وإن تقدم الفرنسيون في النيجر، ستصعّد روسيا في أوكرانيا، وقد لا يقتصر الأمر على أوكرانيا، فبولندا وبيلاروسيا تتأهبان لحرب مرتقبة… وليس هذا وحسب، الهند وباكستان، إيران وأفغانستان، الصين والفلبين، الكويت وإيران… وفي كل جهة من هذا العالم.
مع دخول الألفية الثالثة وأزمات العالم بازدياد، والجميع يعجز عن حلها، والولايات المتحدة تفضل إستراتيجية “إدارة الأزمات” بدلًا من حلها، طامعةً بإنهاك الجميع، مؤملةً أن تنفرد على عرش العالم من جديد لوحدها، فالقوي لا يقبل أن يقاسمه السلطة أحد.
الأمريكيّون يقولون: “لم نعد وحدنا الكبار في هذا العالم”، فالدب الروسي يبحث عن أمجاده الغابرة، والتنين الصيني يتأهب، والهند وبريطانيا وامبراطوريات مضت تبحث عن مكان لها في العالم من جديد، فالموارد المتاحة لم تعد تكفي الجميع، ولا طريق نحو رسم خارطة جديدة للقوى العالمية، سوى بحرب جديدة لا تبقي ولا تذر.
الجميع بات يدرك أننا نعيش أجواءً مشابهةً لما قبل الحرب العالمية الأولى، وأكثر من 15 ألف قنبلة نووية تنتظر في مخازنها، ولم يعد أحد يسأل، هل ستكون هناك حرب؟ بل الكل بات يسأل، متى ستبدأ الحرب؟ وخطأ من سيشكل صافرة البداية!
قد لا تكون الحرب القادمة حربًا نووية، فالنووي لا يزال في اعتقاد المعظم كونه “سلاح ردع”، أكثر من كونه سلاحًا قابلًا للاستخدام، ولكن من يدري أن يكون استخدامه خيارًا أخيرًا على مبدأ: (أنا ومن بعدي الطوفان)، وعلى كل حال ما يهمنا ليس نوعية الأسلحة التي ستستخدم في الحرب القادمة، بل ما يهمنا هو كونها ستكون حربًا كبرى بالتأكيد، ستتمكن بالتزامن معها دول عديدة بالاستقلال من جديد، إن هي رسمت خططها، وأعدت برامجها، وكانت نخبها على قدر من المسؤولية.
طبول الحرب الكبرى توشك أن تقرع أبواب العالم من جديد… والحرب العالمية الثانية حينها، شكلت فرصة للاستقلال استثمرتها دول عديدة، فبنت بلادًا حرة كريمة… فرّط فيها أبناؤها بعد بضع سنين!
فهل من نخبة فتيّة سليمة من آفات القرن الماضي وإشكالات الواقع الراهن، تتصدر للمشهد من جديد، لتقرأ وتفكر وتستخلص ، ومن ثم ترسم الخطط، وتُعد البرامج، وتقود الجموع نحو الاستقلال من جديد، منتظرة ساعة الصفر؟