من نفائس الجامع الأموي “المفقودة”… مصحف ينسب لـ “عثمان بن عفان”
يقول “المؤرخون”: إن ﻣﺼﺤﻒ الخليفة ﻋﺜﻤﺎﻥ بن عفان رضي الله عنه، “وهو ﻣﺼﺤﻒٌ قد ﻛﺘﺐ ﺑﺨﻂ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ نفسه”، ﻛﺎﻥ ﻳُﺤﻔﻆ ﻓﻲ ﺧﺰﺍﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ في الجامع الأموي بدمشق، ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺤﺮﺍﺏ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﻼﻃﻴﻦ.
ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﺮﺣﺎﻟﺔ “ﺍﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ”: ﺃﻥ ﺧﺰﺍﻧﺔ ﻣﺼﺤﻒ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﺘﺢ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻴﺰﺩﺣﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ لتقبيله.
ﻭﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 680 ﻫـ 1281 ﻡ، ﺧﻮفًا ﻣﻦ ﺧﻄﺮ ﺍﻟﻤﻐﻮﻝ ، ﻭﻭﺿﻌﻮﺍ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺟﻌﻠﻮﺍ ﻳﺒﺘﻬﻠﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ أن يحفظه منهم.
ويصف “ابن كثير” مصحف دمشق فيقول: “إن زيدًا هو الذي كتب المصحف الإمام الذي بالشام عن أمر عثمان “ويضيف” وهو خط جيد ، قوي جدًا فيما رأيته”.
ويقول في كتاب فضائل القرآن “أما المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها اليوم الذي بالشام بجامع دمشق عند الركن شرقي المقصورة المعمورة بذكر الله.
وقد كان قبل ذلك بمدينة “طبرية”، ثم نقل منها إلى دمشق في حدود سنة 518هـ/ 1224م، وقد رأيته كتابًا عزيزًا جليلًا عظيمًا ضخمًا، بخط حسن مبين قوي، بحبر محكم، في رق أظنه من جلود الأبل”.
ويذكر “الذهبي” أن “الأتابك طغتكين” أمير دمشق هو الذي نقله سنة 492هـ /1098م، من طبرية إلى دمشق، وكان الصليبيون قد استولوا على بيت المقدس.
وعندما زار “ابن جبير” دمشق رأى مصحف عثمان في الركن الشرقي من المقصورة الحديثة في المحراب.
وأكد “ابن بطوطة” ذلك وأضاف أن الخزانة تفتح كل يوم جمعة بعد الصلاة فيزدحم الناس على لثم ذلك المصحف، وهناك يُحلف الناس غرماءهم ومن ادعوا عليه شيئًا.
واستمر المصحف موجودًا في الجامع الكبير حتى بداية العهد العثماني فلقد ذكر “ابن طولون” أن السلطان “سليم العثماني” لما دخل إلى دمشق سنة 922هـ /1516م، زار المسجد الأموي بليلة الإثنين السابع عشر من رمضان وقرأ بالمصحف العثماني وزار مشهد النبي يحيى عليه السلام.
وبقي المصحف في الجامع الأموي حتى الحريق الأخير، الذي أتى على كل شيء في الجامع، وذلك سنة 1310 هـ الموافقة لسنة 1893 م.
ولعل ما ذكره الأستاذُ “محمد كرد علي” عن المصحف الشامي الذي احترق في سنة 1310هـ يؤكِّد بقاء مصحف عثمان بعينه حتى ذلك التاريخ، حيث يقول عن الجامع الأموي: “حتى إذا كانت سنة 1310هـ، سرَتِ النارُ إلى جذوع سقوفه فالتهمتْها في أقل من ثلاث ساعات، فدثر آخر ما بقي من آثاره ورياشه، وحرق فيه مصحف كبير بالخط الكوفي كان جيء به من مسجد عتيق في بُصرى (في سهل حوران جنوب دمشق، وقريبة من طبرية أيضاً). وكان الناسُ يقولون: إنه المصحف العثماني”.