أزمة تيغراي تنذر بانقسام داخلي وشبح حرب إقليمية جديدة

بعد نحو عامين من توقيع اتفاق السلام في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي، عادت التوترات مجددًا إلى الواجهة، مدفوعةً بغياب الحلول الجذرية، وتفاقم التهميش المحلي، وتحرّكات إريترية أثارت مخاوف من حرب جديدة.
يأتي ذلك في ظل هشاشة الأوضاع الإقليمية، وتزامن هذه الأزمة مع نزاعات أخرى في السودان والصومال وجنوب السودان.
عيّن رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” الفريق “تاديسي ويريدي” رئيسًا للإدارة الانتقالية في تيجراي في محاولة لاحتواء الأزمة.
في الوقت ذاته، يغذي الرفض الشعبي والمحلي للاتفاق السياسي 2022 مشاعر الغضب والتمرد.
الخطر الرئيسي يتمثل في انزلاق الوضع إلى حرب جديدة، قد تكون إقليمية هذه المرة.
خلفية الاتفاق ومواضع الخلل
اتفاق تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 أنهى الحرب الأهلية التي أودت بحياة نحو 600 ألف شخص، لكنه لم يُعالج جذور النزاع.
من جذور النزاع، الخلاف حول مناطق غرب تيجراي الزراعية، وغياب بند واضح لإعادة اللاجئين والنازحين، وعدم إشراك قوات تيغراي فعليًا في صياغة الاتفاق، واستبعاد إريتريا من المفاوضات، رغم تدخلها العسكري الكبير لصالح الحكومة الإثيوبية.
الانقسام الداخلي في تيغراي
أثار تعيين “تاديسي ويريدي” رئيسًا للإدارة الانتقالية جدلًا واسعًا، خاصة في أوساط جبهة تحرير تيغراي.
ورفضت فصائل من داخل “قوات دفاع تيغراي” الاتفاق، واعتبرته “إملاءً سياسيًا” أكثر من كونه تسوية عادلة.
وأفادت تقارير بأن بعض قادة هذه الفصائل عبرت إلى إريتريا لإعادة تنظيم صفوفها.
دور إريتريا والتصعيد الإقليمي
الرئيس الإريتري “أسياس أفورقي” شعر بالتهميش بعد اتفاق 2022، رغم دوره العسكري الحاسم.
إريتريا أعلنت التعبئة العامة في شباط/ فبراير 2025، ما أعاد المخاوف من تحرّك عسكري وشيك.
تقارير استخباراتية غربية تشير إلى دعم إريتري لمقاتلين ساخطين من تيغراي، ما قد يخلق تحالفًا عسكريًا مناوئًا للحكومة الإثيوبية.
البُعد الإنساني والميداني
ما يزال نحو مليون نازح غير قادرين على العودة لمناطقهم، خاصة في غرب تيغراي.
هناك ضعف في عمليات إعادة الإعمار وتقديم الدعم الإنساني، مع استمرار نقص الغذاء والمياه والرعاية الصحية، والأمم المتحدة قلقة من موجة نزوح جديدة حال اندلاع أعمال عدائية.
أسباب النزاع
أهم أسباب النزاع هشاشة اتفاق 2022، حيث لم يُعالج جوهر النزاع، بل كرّس بعض المظالم، وغياب الشمولية، حيث إن عدم إشراك جميع الأطراف، خاصة إريتريا، أضعف الاتفاق، وانهيار الثقة، إذ تصاعد الخطاب القومي والإقصائي من كلا الطرفين، وتهديد الاستقرار الإقليمي، حيث إن أي اشتعال جديد سيؤثر على السودان، وجنوب السودان، والصومال.
المصدر: بوليتكال كيز