بدأت قبضة إيران تتراجع على حدودها الشرقية مع ازدياد هجوم جماعة “جيش العدل” البلوشية، فقد زفذت الجماعة عدة هجمات أمس الخميس في مقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرانية، وأفادت أنها استهدفت ستة مواقع للنظام الإيراني في مدينة تشابهار الساحلية وبلدة راسك الحدودية، والتي تفصل بينها أكثر من 100 ميل.
كما استهدفت أربعة مباني حكومية في تشابهار، بما في ذلك مقر قوات الحرس الثوري الإيراني في تشابهار، والفرقة البحرية لقيادة حرس الحدود المحلية، وإدارة التحقيقات الجنائية التابعة لإنفاذ القانون المحلي، ومركز شرطة محلي.
وشهدت منطقة راسك، الواقعة على حدود إيران مع باكستان، هجمات مماثلة على القاعدة الإقليمية للحرس الثوري الإيراني والموقع المحلي للحرس الثوري الإيراني. ووفقًا لوسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، قُتل 18 مسلحًا و11 من أفراد أمن النظام، بما في ذلك 7 من أعضاء الحرس الثوري الإيراني خلال الاشتباكات.
يشار إلى أنّ جيش العدل، الذي سبقه جند الله، هو جماعة انفصالية سنية بلوش تم تصنيفها من قبل كل من الولايات المتحدة وإيران ككيان إرهابي. طوعلى الرغم من أن المجموعة تصف نفسها بأنها مدافعة عن حقوق البلوش، فإن إيران تصفها بـ “المتآمرين الصهاينة”، وطوال العقد الماضي، نفذ جيش العدل أكثر من 15 هجومًا في مقاطعة بلوشستان الإيرانية وقتل ما لا يقل عن 60 من أفراد إنفاذ القانون والحرس الثوري الإيراني.
وفي الاشتباكات الأخيرة، زعمت إيران أن الجماعة اختطفت رهائن مدنيين، ونفى جيش العدل هذه الاتهامات وأضاف أنهم طالبوا بوقف مؤقت لإطلاق النار للسماح للمدنيين بالفرار. ولم تعلن وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية عن سقوط أي ضحايا بين المدنيين.
إيران وباكستان تفشلان في التنسيق رغم تقاسم التهديد
وتنطوي النزعة الانفصالية البلوشية على السيادة الإيرانية والباكستانية على السواء، ومع ذلك فقد أبدى البلدان استعدادًا محدودًا للتعامل بشكل تعاوني مع هذا القلق المشترك، وفي أعقاب هجوم جيش العدل في كانون الأول/ ديسمبر 2023 على راسك، نفذت إيران سلسلة من الضربات الصاروخية والهجمات بطائرات بدون طيار في بلوشستان الباكستانية، مدعية أنها استهدفت مسلحين يختبئون في باكستان.
وأثارت هذه الخطوة غضب باكستان، مما دفع البلاد إلى ضرب القرى الإيرانية على حدودها، ونتيجة لذلك، تدهورت العلاقات الدبلوماسية، حيث استدعت باكستان سفيرها، وهددت إيران باكستان بالتصعيد العسكري. وفي نهاية المطاف، تمكنت الدولتان من تدارك علاقاتهما المقطوعة، وسارع السفير الباكستاني لدى إيران إلى إدانة الهجمات الأخيرة التي شنها جيش العدل.
إهمال ممنهج
لقد واجهت مقاطعة بلوشستان الإيرانية إهمالًا منهجيًا، وتعتبر أكثر المقاطعات فقرًا في إيران، مما يجعلها نقطة انطلاق للاحتجاجات المناهضة للنظام، ولتجنب تحمل المسؤولية عن هؤلاء السكان، كثيرًا ما تصف إيران مجتمعها البلوشي بأنهم “مواطنون أجانب” و”غير إيرانيين”. ففي أعقاب القصف الباكستاني للقرى الإيرانية في وقت سابق من هذا العام والذي أسفر عن مقتل أربعة أطفال، سعى النظام إلى التقليل من أهمية الهجمات من خلال الادعاء بأن الضحايا كانوا “غير إيرانيين”.
وبالمثل، زعمت وسائل الإعلام الإيرانية مرة أخرى أن جميع المسلحين في الاشتباكات الأخيرة لم يكونوا إيرانيين. وهذا الخطاب يوفر طرقًا مناسبة للنظام للتهرب من المسؤولية عن معاملته للشعب البلوشي، بينما يوفر منفذًا للهروب من التصعيد بشكل انتقائي مع الدول المجاورة.