تشهد الساحة القضائية في تونس في الوقت الحالي حالة من التوتر والاضطراب، حيث تزايدت التغيرات في تشكيلات القضاء والتدخلات السياسية في شؤونه.
ووفقًا للمعلومات فإنه تم إقالة وتحويل عدد من القضاة البارزين في تونس، بما في ذلك زهير بن عبد الله، المدعي العام لدى المحكمة الابتدائية بتونس، الذي تم تحويله من منصبه إلى منصب ذو أهمية أقل، كما تم استبدال عدد من القضاة الآخرين بقضاة جدد، مما أثار جدلًا واسعًا بشأن استقلالية القضاء وتدخل السلطة التنفيذية في شؤونه.
وبحسب معلومات خاصة حصلت عليها «بوليتكال كيز | Political Keys»، فإنّ هناك تدهورًا في العلاقات بين القضاة ووزير العدل، بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، حيث أعرب ابن عبد الله عن استيائه من اتصال جافل بنوابه للحصول على معلومات حول القضايا الجارية وتمرير إرشاداتها حول كيفية المضي قدمًا.
وقد حل محله فتحي القطري الذي التحق بالمحكمة بتونس قادما من محكمة أريانة في الأسابيع الماضية، بصفته قاضي تحقيق بدائرة القضاء المالي.
ويذكر مصير ابن عبد الله بمصير زميله فتحي عروم الذي كان وكيلًا عامًا لدى محكمة النقض حتى تشرين الأول / أكتوبر الماضي، واشتهر بقربه من حركة النهضة الإسلامية وعداء الرئيس قيس سعيد، وتم تعيينه بعد ذلك رئيسًا أول لمحكمة الاستئناف في بنزرت، مما أدى إلى خفض وضعه واستبعاده فعليًا من المجلس الأعلى المؤقت للقضاء.
“تدهور الحريات”
ولا يزال وضع القضاة الـ57 الذين عزلهم سعيد في حزيران/ يونيو 2022 معلقًا، وبينما طلب عدد من القضاة المعزولين قبولهم في نقابة المحامين لممارسة مهنة المحاماة، لم يستجب نقيب المحامين حاتم مزيو لطلبهم حتى الآن، ومزيو هو أحد المقربين من رئيس مجلس نواب الشعب، إبراهيم بودربالة، وقد خلفه في رئاسة مجلس نقابة المحامين في أيلول/ سبتمبر 2022.
وبعد أن أصدرت نقابة المحامين بيانا صحفيا في 21 آذار/ مارس انتقدت فيه “تدهور وضع الحريات في البلاد”، اضطر مزيو إلى توضيح موقفه، مذكرًا بعناية بدعمه للانقلاب الرئاسي في 25 تموز/ يوليو 2021، لكنه دعا أيضًا إلى إنشاء “محكمة دستورية ومجلس أعلى مستقل للقضاء”.
المغادرة المبكرة
وقد أدى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المؤقت اليمين أمام سعيد في آذار/مارس 2022، بعد حل المجلس الأعلى للقضاء قبل بضعة أشهر، ومن بين أعضائها المدعي العام عماد درويش، مدير المصالح القضائية، الذي تقاعد في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومنصف كشاو، الرئيس الأول لمحكمة التمييز، الذي يرأس المجلس.
ونتيجة لذلك، أصبح لدى تونس الآن مجلس أعلى مؤقت للقضاء ضعيف إلى درجة أنه عفا عليه الزمن، وقد تم إقالة نائب درويش على رأس المصالح القضائية، محرز الزواوي، في منتصف آذار/ مارس، ولم يتم استبداله بعد، وهو الوضع الذي يعزز قبضة جافل على القضاء التونسي.
وفي 2 نيسان/ أبريل، تم إيقاف رئيس الغرفة الجزائية الثامنة بالمحكمة الابتدائية بتونس، بايا القيزاني، عن العمل، وكانت تلك المحكمة هي التي رفضت قبل أيام قليلة قضية لصالح المحامي عبد العزيز الصيد، منسق لجنة الدفاع عن السجناء السياسيين. وكان جافيل قد تقدم بشكوى ضده بتهمة “إسناد وقائع كاذبة إلى موظف عمومي”.