ترجمات

ما هي رؤية نتنياهو لحل الدوليتين؟

بقلم: نجلا محمد شهوان
المصدر:صحيفة ديليصباح
ترجمة: بوليتكال كيز

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا: إنه يجب على إسرائيل قطع الطريق أمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وذلك نقلًا عن التلفزيون الرسمي المملوك للدولة “كان” خلال الاجتماع المغلق مع لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست، وصرح نتنياهو بأنهم يقومون بالتحضيرات لمرحلة ما بعد الرئيس عباس، وشدد على أهمية التأكيد على أن عباس ليس لديه حاليًا خليفة واضح.

وبشأن آمال الفلسطينيين في إقامة دولة ذات سيادة، كرر نتنياهو التأكيد على أنه “يجب القضاء على طموحاتهم”،

تأتي تصريحات نتنياهو في ظل تصاعد للعنف العسكري الإسرائيلي وعنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومنذ توليه منصبه، وافق تحالف نتنياهو على الترويج لأكثر من 7000 وحدة سكنية جديدة، معظمها في مناطق عمق الضفة الغربية.

وردًا على تصريحات نتنياهو، أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية “نبيل أبو ردينة” أن الدولة الفلسطينية موجودة ومُعترف بها من قِبل أكثر من 140 دولة، وأوضح أن استقلال الدولة الفلسطينية يتطلب إنهاء الاحتلال الذي يُفرض عليها، وأشار إلى أن إسرائيل لا يمكنها أن تُديم احتلالها عبر استمرارها في ممارسة العدوان على الشعب الفلسطيني وتصعيدها لسياسات القتل والاستيطان وسرقة الأراضي والأعمال العدوانية الأخرى.

وفي إشارة إلى أن فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة والعديد من الوكالات الدولية الأخرى، طالب أبو ردينة المجتمع الدولي بـ”التدخل ومحاسبة إسرائيل على أفعالها وأقوالها التي تتعارض مع الشرعية الدولية”.

فيما أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان صحفي أن تصريحات نتنياهو “مدانة” لأنها تمثل “اعترافًا رسميًا بسياسة الحكومة الإسرائيلية المعادية للسلام ورفض القرارات السلمية”.

ويذكر أن الجولة الأخيرة من محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد انهارت في نهاية مارس 2014 بسبب اختلافاتهم حول المستوطنات والأمن والحدود.

ويسعى الفلسطينيون لإقامة دولة مستقلة بجانب إسرائيل على جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن وتكون عاصمتها القدس الشرقية.

وتصاعد العنف الإسرائيلي في واحدة من أكبر الحملات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة منذ سنوات، في فترة تتراوح بين 3 و 4 تموز / يوليو، حيث نفذت القوات الإسرائيلية أكبر حملة عسكرية لها شملت ضربات إسرائيلية بطائرات بدون طيار في مدينة جنين، مما أسفر عن مقتل 12 فلسطينيًا، من بينهم خمسة أطفال، وإصابة أكثر من 100 بجروح خطيرة، مخلفةً دماراً واسعًا للمنازل والبنية التحتية، وتشريد الآلاف بشكل تعسفي.

ووفقًا لخبراء الأمم المتحدة، فإن العدوان يرقى إلى مستوى الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي وقد يشكل جريمة حرب.

وبحسب ما ورد فرّ حوالي 4000 فلسطيني من مخيم جنين للاجئين خلال الليل بعد الضربات الجوية المميتة.

وقال الخبراء: “إنه لأمر مفجع أن نرى آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين قد نزحوا أصلاً منذ 1947-1949 قد أُجبروا مرة أخرى على الخروج من المخيم في خوف شديد مع حلول الظلام”.
حيث استنكروا ما يسمى بعمليات “مكافحة الإرهاب” التي تقوم بها القوات الإسرائيلية، وقالوا إن الهجمات لم تجد أي مبرر بموجب القانون الدولي،
وقالوا إن “الهجمات تشكل عقابا جماعيا للسكان الفلسطينيين ، الذين وصفتهم السلطات الإسرائيلية بأنهم” تهديد أمني جماعي”.

وأعربوا عن قلقهم البالغ إزاء الأسلحة والتكتيكات العسكرية التي نشرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي مرتين على الأقل خلال الأسبوعين الماضيين ضد سكان جنين.

وقال نتنياهو عند نقطة تفتيش عسكرية قريبة “في هذه اللحظات، نحن نكمل المهمة، ويمكنني أن أقول إن عمليتنا الواسعة في جنين ليست لمرة واحدة”.
وفي أعقاب عملية جنين، أغارت إسرائيل على بلدة نابلس المحتلة بالضفة الغربية وقتلت فلسطينيين اثنين، واستهدفت هذه الحملة العسكرية الإسرائيلية، على وجه التحديد المدنيين والمساجد والمنازل والبنية التحتية وسيارات الإسعاف والمرافق الطبية.

ومنذ بداية عام 2023، تفاقم الوضع مع تزايد العنف، بما في ذلك الهجمات على الفلسطينيين من قبل المستوطنين وعمليات الهدم والغارات العسكرية في مخيمات اللاجئين الأخرى، كل ذلك أدى إلى الوضع البغيض في الضفة الغربية المحتلة الآن.
وخلال السنوات الماضية، كانت إسرائيل عرضٌة للخطر بشكل كبير نتيجة احتمال تحقيق حل الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإمكانية إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، حيث تعمل الحكومات الإسرائيلية الحالية على “تشجيع” وجود ونمو المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعكست هذه السياسة استراتيجية مدروسة تهدف إلى منع ظهور دولة فلسطينية متجاورة وقابلة للحياة.

إلى جانب ذلك حث وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف “إيتمار بن غفير” المستوطنين الإسرائيليين على توسيع وجودهم في الضفة الغربية على الرغم من تصاعد العنف والدعوات الدولية لوقف أعمال البناء الجديدة،
وقال: ” نحن في ظهوركم، اذهبوا إلى أعالي القمم، واستوطنو الأرض”.

وقال أيضًا “يجب أن نشن عملية عسكرية، ونهدم المباني، ونقضي على الإرهابيين، ليس واحد أو إثنان، بل العشرات والمئات، و إذا لزم الأمر، الآلاف”.
وأضاف : “إنها الطريقة الوحيدة في نهاية المطاف للاستيلاء على هذا المكان وتعزيز سيطرتنا واستعادة الأمن للسكان”

ولطالما كان عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين سمة خطيرة للغاية للاحتلال الإسرائيلي، ومع حكومة الائتلاف اليميني المتطرف الجديدة برئاسة نتنياهو.

ويشهد الفلسطينيون أعلى مستويات العنف المسجلة والحوادث الخطيرة في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة حيث قتلت القوات الإسرائيلية 112 وأصابت 4229 فلسطينيًا في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية منذ بداية عام 2023 حتى 29 أيار /مايو، وفقًا لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
ومنذ بداية العام، تم قتل خمسة فلسطينيين وإصابة 105 آخرين جراء هجمات نفذها مستوطنون إسرائيليون غير شرعيين، حسبما ورد في التقرير.
وحتى كانون الثاني /يناير 2023، يوجد 141 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك 12 في القدس الشرقية، وأكثر من 100 بؤرة استيطانية إسرائيلية، وهناك أكثر من 700000 مستوطن إسرائيلي يقيمون في أنحاء القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية، وهذا يعد انتهاكًا للقانون الدولي.

ووفقًا لمنظمة “السلام الآن” الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، تم بناء أكثر من 13000 وحدة سكنية استيطانية في المنطقة خلال الأشهر الستة الماضية، وهذا يعادل ثلاثة أضعاف المعدل الذي كان عليه في العام السابق.

وأصدرت المنظمة بيانًا جاء فيه: “تدفعنا الحكومة الإسرائيلية بخطوات غير مسبوقة نحو الضم الكامل للضفة الغربية.”

ومن جانبها أكدت -حركة السلام الآن- أن “كل استيطان يُقام في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو غير شرعي وغير قانوني.”

وتشكل المستوطنات عددًا من التحديات المباشرة أمام إقامة الدولة الفلسطينية من خلال انتهاك السيادة الفلسطينية، وتهديد السلم الأهلي والأمن، وتعريض الموارد المائية للخطر، وعرقلة التنمية الزراعية.

ويعتبر الفلسطينيون إلى جانب معظم المجتمع الدولي، المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 في حرب الشرق الأوسط غير قانونية بموجب القانون الدولي وعقبة أمام السلام.

وفي الفترة الأخيرة أظهرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن موقفًا أكثر صراحة في انتقاد سياسات الاستيطان الإسرائيلية، وقامت بفرض ضغوط خفيفة على إسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني الذي يشكل عقبة كبيرة أمام التوصل للسلام مع الفلسطينيين.

وفي رد على خطط الاستيطان الإسرائيلية الجديدة، أعرب متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميللر، عن انزعاجهم الشديد من قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير.
حيث قال ميللر “نشعر بالقلق من التقارير التي تتحدث عن تغييرات في نظام إدارة المستوطنات الإسرائيلية في تسرع التخطيط والموافقة على المستوطنات”.

وأعقب قائلًا “لقد أبلغنا مخاوفنا بشأن المستوطنات وزيادة الوحدات الاستيطانية مباشرة إلى الحكومة الإسرائيلية وأعتقد أن بإمكانهم معرفة التداعيات المناسبة”.

وفي وقت سابق وصف وزير الخارجية الأمريكية “أنتوني بلينكين” المستوطنات بأنها “عقبة أمام أفق الأمل الذي نسعى إليه” في خطاب ألقاه أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية وهي من مجموعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في إشارة إلى عدم موافقته.

وقرر البيت الأبيض عدم تحويل الأموال إلى المؤسسات الإسرائيلية لمشاريع أبحاث العلوم والتكنولوجيا في الضفة الغربية المحتلة،حيث أعاد هذا القرار الذاكرة إلى السياسة القديمة التي ألغتها الإدارة المؤيدة للاستيطان للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

من جانبه دعا الاتحاد الأوروبي إسرائيل مرارًا وتكرارًا إلى عدم المضي قدمًا في مثل هذه الخطط ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية.

ويبقى موقف الاتحاد الأوروبي الثابت هو أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي من خلال إضفاء الشرعية على عشرات المستوطنات في الضفة الغربية.
وأعاقت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حلاً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وحققت بهذه الطريقة عائقاً أمام تحقيق حل الدولتين وحلم الشعب الفلسطيني بإنشاء دولة مستقلة ذات سيادة.
في عام 2021، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي “نفتالي بينيت” الذي كان يشغل سابقًا منصب رئيس مجلس الاستيطان اليهودي، بأنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية تحت إشرافه، وسيواصل التوسع في المستوطنات الإسرائيلية القائمة في الأراضي المحتلة.

من جانبه اعتبر رئيس الوزراء السابق “بنيامين نتنياهو” المستوطنات أداة لمنع إنشاء دولة فلسطينية، ووضع خططاً لمواصلة التوسع الاستيطاني المنهجي والاستراتيجي، حيث يعتقد أن استراتيجيته نجحت خلال فترة حكمه السابقة، وسيستمر في تنفيذها خلال فترة حكومته الجديدة المتشددة من الناحية اليمينية أيضاً.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى