قارب الهجوم البري الإسرائيلي على غزة الأسبوعين، بالإضافة إلى أكثر من شهر من الغارات الجوية على القطاع التي أدت إلى مقتل أكثر من 11 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، وذلك ردًا على هجمات حركة حماس على إسرائيل التي أسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص على حد قول الإسرائيليين.
وقد صرح الجيش الإسرائيلي في بداية حربه على غزة بأن هدفه هو تدمير حماس عسكريًا وسياسيًا، فأين وصلت إسرائيل في سعيها لتحقيق أهدافها، وهل يمكن بالفعل تحقيقها؟
إسرائيل: العملية البرية في غزة ستكون طويلة وصعبة
ترى إسرائيل أنه من السابق لأوانه تقييم النتائج، لأنها أكدت مرارًا أن العملية ستكون طويلة وصعبة، وشبّه مسؤول في الجيش الإسرائيلي في حديث لبي بي سي ما يجري بأنه منازلة في الملاكمة فقال: “هذه الجولة الرابعة فقط من أصل 15”.
هذه الجولة الرابعة فقط من أصل 15 مسؤول في الجيش الإسرائيلي
ولا أحد في إسرائيل يقول بالتحديد كم ستستغرق هذه الحرب، ويزعم البعض إلى أن القوات العراقية المدعومة من الغرب لم تتمكن في 2017 من دحر تنظيم الدولة الإسلامية والسيطرة على مدينة الموصل في العراق، إلا بعد 9 أشهر، وربما أرادت إسرائيل الاستمرار في حربها على غزة لأشهر عديدة أخرى، ولكن قد لا يتسنى لها ذلك، لأن الضغوط الدولية تتزايد مطالبة بتعليق القتال مؤقتًا، أو وقف كلي لإطلاق النار.
وقال مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي لبي بي سي: إنه يعتقد أن 10% من هؤلاء المقاتلين قتلوا، ولا يمكن التحقق من صحة هذه الأرقام، ولكن حجم وقوة الضربات الإسرائيلية لا بد أنها أضعفت قدرات حماس القتالية بحسب قوله.
وتقول إسرائيل إن 43 جنديًا من قواتها قتلوا في المعارك البرية، ويقول الخبير الأمني، يوسي كوبرواسر، إن الجيش الإسرائيلي يقود الهجوم البري “بحذر وهدوء” من أجل تجنب خسائر بشرية كبيرة في صفوفه.
ولا أحد يعرف كم بقي من حماس في الشمال وكم من المقاتلين ما زالوا في الأنفاق، وكم منهم انحاز بين السكان المدنيين إلى الجنوب، وتشكل الأنفاق تحديًا كبيرًا للجيش الإسرائيلي وتحاول قواته تفجير أي نفق تعثر عليه بدل خوض معارك تحت الأرض.
حرب الشوارع
ومن المعلوم أن إسرائيل لها اليد العليا فيما يتعلق بالاستخبارات والقوة العسكرية، فبمقدورها الاستماع إلى الاتصالات، أو قطع خدمات النقال والانترنت في غزة، ولها سيطرة تامة على الجو بفضل مقاتلاتها ومسيراتها التي تراقب كل حركة على الأرض، ولكن ليس تحتها.
فقد قال مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي لبي بي سي: إنهم يحددون 100 هدف جديد كل يوم، ولكن القائمة ستتقلص مع تقدم الحرب، وكلما طال عمرها زاد اعتمادها على القوات البرية للبحث عن أي مقاومة والقضاء عليها.
ويرى جاستن كرامب، ضابط سابق في الجيش البريطاني، ومدير شركة سيبيلين المتخصصة في تقييم المخاطر، أن إسرائيل تحقق تقدمًا ملموسًا، ولكن جنودها “مقبلون على مواجهة المناطق الحضرية في المدن”، و القوات الإسرائيلية أكثر تجهيزًا، ولكن حرب الشوارع قد تشكل صعوبة على أعتى الجيوش العصرية.
ولا تزال الاشتباكات المباشرة محدودة حتى الآن، فهي بعيدة كل البعد عن حرب الشوارع الدائرة رحاها بين روسيا وأوكرانيا في مدن مثل باخموت، وأغلب الفيديوهات التي نشرها الجيش الإسرائيلي تظهر عمليات بالدبابات.
وبحسب محللين، فإن إسرائيل لم تدفع بكامل قواتها في الحرب، ويقدر البعض أن لها 30 ألف جندي في غزة حتى الآن، وتقدر أعداد قواتها بشكل كامل بـ 160 ألف جندي عامل، فضلًا عن 360 ألف جندي من جنود الاحتياط.
ويقول جاستن كرامب إن السؤال يُطرح عن عدد المشاة الذين تريد إسرائيل الدفع بهم لتفتيش كل بناية في غزة ومتاهات أنفاقها وهل يمكن لإسرائيل أن تستهدف كل معاقل حماس، ويعتقد أنها ستتجنب الاشتباكات في الشوارع، لأن ذلك سيؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوفها، ويهدد حياة الرهائن والأسرى أيضًا.
خطة ما بعد الاجتياح
والسؤال المطروح أيضًا هو ما إذا كانت أهداف الحرب التي أعلنت عنها إسرائيل بتدمير حماس، قابلة فعلًا للتحقيق، ويعترف كبار المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم بأن تدمير إحدى الأيديولوجيات بالقنابل والرصاص أمر مستحيل.
وبعض قادة الحركة ليسوا موجودين في غزة أصلًا، ويقول كاتز إنه إذا بقي أفراد من حماس فقط على قيد الحياة، يمكنهم أن يقولوا: “بأننا لا زلنا هنا، فإننا انتصرنا في النهاية”.
ولذلك يرى كرامب أن هدف إسرائيل لابد أن يتحول من تدمير حماس إلى معاقبتها، للتأكد من عدم تكرار هجمات 7 أكتوبر، وتتعرض إسرائيل إلى ضغوط متزايدة للإفصاح عما تعتزم القيام به لاحقًا، خاصة من الولايات المتحدة.
وقال مسؤول في الجيش الإسرائيلي، إن ونستون تشرشل لم يفكر في مشروع مارشال لإعادة بناء ألمانيا عندما ساعد في هجوم الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ولكن الانتصار في الحروب نادرًا ما يكون دون خطة ما بعد الاجتياح، وهو أمر غائب تمامًا في العمليات العسكرية الإسرائيلية حتى الآن. بحسب المراقبين.