تصاعد الاشتباكات في أمهرة بين قوات الحكومة الإثيوبية و متمردي فانو
تصاعدت حدة المعارك في منطقة أمهرة الإثيوبية بشكل متسارع خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تواجه الحكومة تمرد ميليشيا فانو الإقليمية بقوة عسكرية هائلة، وقد اندلعت هذه المواجهات بعد سلسلة من الهجمات التي نفذتها فانو على عدة مدن وبلدات في الإقليم، ما دفع الجيش الفيدرالي الإثيوبي إلى شن هجوم شامل في أواخر أيلول/ سبتمبر بهدف سحق الميليشيات وإنهاء التمرد.
حيث أعلنت الحكومة عن تكثيف جهودها العسكرية ضد فانو بعد تجاهل الميليشيات مبادرات السلام، حيث صرح متحدث باسم الجيش الفيدرالي بأن العمليات لن تتوقف حتى يتم القضاء تمامًا على فانو، ووفقًا لمعلومات اطّلعت عليها “بوليتكال كيز | Political Keys” فإنّ نحو 40 ألف جندي قد تم نشرهم في مناطق المواجهة الرئيسية، بما في ذلك غوجام، المعقل الأساسي لفانو، وفي الوقت ذاته، وقعت اشتباكات عنيفة وانفجارات في العاصمة الإقليمية بحر دار، بالإضافة إلى قتال في مناطق جوندار وجنوب وولو.
في ظل هذا التصعيد العسكري، تواجه الحكومة اتهامات باستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، فقد أفادت منظمة العفو الدولية عن حملة واسعة من الاعتقالات التعسفية طالت موظفين حكوميين وصحفيين وأعضاء من الأحزاب السياسية المتعاطفة مع فانو، ونتيجة لهذه الإجراءات القمعية، تشهد أمهرة حالة من التوتر الداخلي المتصاعد، في وقت يعاني فيه الإقليم من غياب الخدمات الأساسية وانقطاع وسائل الاتصال.
بداية التمرد
تعود جذور تمرد فانو إلى تموز/ يوليو 2023، حينما استولت الميليشيات على عدة مدن وبلدات في أمهرة خلال مواجهات عنيفة استمرت أيامًا، وبعد هذا التحرك، انسحب مقاتلو فانو إلى المناطق الريفية والجبلية، حيث تبنوا استراتيجية حرب العصابات وواصلوا شن غارات متكررة على المدن والمراكز الحكومية.
رغم هذه المقاومة المسلحة، تعاني فانو من انقسامات داخلية حادة تعيق توحيد صفوفها تحت قيادة موحدة، وتعد فانو مجموعة غير متجانسة من الميليشيات التي تدعي الدفاع عن حقوق الأمهرة، ثاني أكبر عرقية في إثيوبيا. قاتلت هذه المجموعات إلى جانب الحكومة خلال حرب تيغراي (2020-2022)، لكنها انقلبت على الحكومة بعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار التي اعتبرتها فانو خيانة، حيث لم تضمن السيطرة على الأراضي التي استولت عليها من تيغراي.
وتُظهر هذه الانقسامات الداخلية ضعف التنظيم السياسي والعسكري لميليشيات فانو، ما يزيد من صعوبة التوصل إلى أي تسوية سياسية مستقبلية، ويرى بعض المحللين أن غياب التنسيق بين الفصائل المتنافسة يجعل من المستحيل على أي زعيم في فانو الالتزام علنًا بعملية السلام.
مع تفاقم الأوضاع، تدرس الأمم المتحدة تعليق عمليات الإغاثة في الإقليم الذي يواجه أزمة إنسانية متفاقمة، حيث إن أكثر من مليوني شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، في ظل انهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتزايد حالات النزوح الداخلي.
مستقبل غير واضح لعملية السلام
في ظل تعنت فانو وانقسامها الداخلي، واستمرار الحكومة في استخدام التكتيكات العسكرية القاسية، يبدو أن فرص التوصل إلى حل سلمي للصراع في أمهرة بعيدة المنال، وقد صرحت بعض الشخصيات الدبلوماسية بأن الوساطة الخارجية قد تكون الخيار الوحيد لإحراز تقدم في محادثات السلام، على غرار الدور الذي لعبته الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي في وقف الحرب في تيغراي، إلا أن الحكومة الإثيوبية بقيادة آبي أحمد تبدو غير راغبة في الانخراط في مثل هذه المبادرات الدولية، مفضلة الاحتفاظ بملكية إثيوبية للمفاوضات.
بينما تستمر المعارك على الأرض، يزداد الوضع الإنساني في أمهرة سوءًا، ومع عدم قدرة أي طرف على تحقيق نصر عسكري حاسم، يبقى الشعب الأمهري هو الخاسر الأكبر، حيث يتوقع أن تستمر المعاناة لفترة طويلة في غياب حلول سياسية أو عسكرية فعالة.