ماهو دور اللواء الكونغولي “ندايويل” في إدارة الصراع الاستخباراتي والدبلوماسي بين الكونغو ورواندا؟
أفادت معلومات خاصة اطّلعت عليها “بوليتكال كيز | Political Keys” أنّ اللواء كريستيان ندايويل، رئيس الاستخبارات العسكرية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يؤدي دورًا بارزًا في التعامل مع النزاع المتصاعد مع رواندا حول حركة “23 مارس” المتمردة في المقاطعات الشرقية للكونغو، وفي ظل وضع أمني معقد ونقص في الإمكانيات الاستخباراتية لدى الكونغو، نجح ندايويل في تشكيل فريق من كبار المسؤولين للتفاوض مع رواندا، وذلك ضمن استراتيجية اعتمدتها الحكومة الكونغولية تجمع بين الحل العسكري والدبلوماسي.
الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، الذي يواجه أزمة معقدة بسبب الدعم الرواندي لحركة 23 مارس، تبنّى نهجًا مزدوجًا للتعامل مع التهديدات، فمن ناحية، يسعى إلى اتخاذ إجراءات عسكرية ضد الحركة في المقاطعات الشرقية، ومن ناحية أخرى، يقوم بإجراء محادثات مباشرة مع رواندا بوساطة الرئيس الأنغولي جواو لورينسو نيابة عن الاتحاد الأفريقي.
محادثات ثلاثية وتنسيق استخباراتي
ووفقا للمعلومات، تحت إشراف اللواء ندايويل، اجتمع فريق من الخبراء الاستخباراتيين بقيادة “جوستين إنزون كاكياك”، الذي يتولى رئاسة وكالة الاستخبارات الوطنية (ANR)، لتنسيق الجهود، وبالخبرة والعلاقات التي يتمتع بها ندايويل استطاع التغلب على الخلافات بين الوكالات الأمنية، حيث تمكن من تجاوز التوترات بين وكالة الاستخبارات العسكرية (G2) ووكالة الاستخبارات الوطنية، مما أسهم في تقوية الجبهة التفاوضية الكونغولية.
في هذه الاجتماعات التي عُقدت في غوما في 19 آب/ أغسطس، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي لوقف تمدد حركة 23 مارس، واستنكار احتلال الحركة للمناطق في إقليم روتشورو، وتمثلت الخطة في العمل بالتعاون مع “قوات التحرير الديمقراطية لرواندا” (FDLR) على تحييد المتمردين، بمساعدة من الجانب الأنغولي، وهذا الاتفاق كان يمثل خطوة حاسمة نحو الحد من التصعيد، حيث شهدت الاجتماعات أيضًا دورًا بارزًا لنائب الأمين العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني الرواندي، العميد جان بول نيروبوتاما.
التحديات والصراعات الداخلية
رغم التقدم الذي أحرزته المفاوضات، فإن فريق ندايويل كان يواجه صعوبات هيكلية داخلية في الأجهزة الأمنية، فالأجهزة الاستخباراتية الكونغولية، بما في ذلك وكالة الاستخبارات الوطنية، كانت تعاني من نقص في التجهيزات والمعدات الحديثة مقارنةً بجهاز الاستخبارات الرواندي الأكثر تقدمًا، سواء من ناحية القدرات التكنولوجية أو أدوات التجسس، وهذا النقص أضعف قدرة الكونغو على جمع المعلومات ومعالجتها بشكل فعال، مما أثر على سير العمليات الأمنية والتفاوضية.
ولم تكن هذه التحديات مقصورة على التجهيزات فقط، بل كانت هناك أيضًا صراعات قوة بين المسؤولين في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وقد تعقدت الأوضاع أكثر بعد إقالة فرانسوا بيا كاسونجا، المستشار الأمني السابق للرئيس، في أوائل عام 2022، وأثرت هذه الإقالة على أداء الأجهزة الاستخباراتية، خاصةً بعد تعيين شخصيات جديدة تفتقر إلى الخبرة اللازمة لقيادة تلك الأجهزة.
اتفاقيات وعراقيل
وفي اجتماعهم الأخير في 30 آب/ أغسطس بروبافو، توصل اللواء ندايويل، ونظيره الرواندي نيروبوتاما، إلى اتفاق مبدئي تضمن خطة منسقة لتحييد قوات حركة 23 مارس بالتوازي مع انسحاب القوات الرواندية، لكن هذا الاتفاق تعرض لانتكاسة غير متوقعة عندما فشل وزراء خارجية رواندا والكونغو في التوقيع على النص النهائي خلال اجتماع لواندا، ما أدى إلى تأخير تنفيذ الخطة.
بالرغم من هذا التعثر، فإن المفاوضات لم تتوقف، وأنغولا تخطط لإرسال مبعوثين إلى كينشاسا وكيغالي لمتابعة تنفيذ الاتفاق، لكن على الأرض، الوضع يبقى محفوفًا بالمخاطر مع ازدياد احتمالات تجدد القتال بين القوات الكونغولية وحركة 23 مارس، في ظل وجود وقف إطلاق النار الهش.