خاص | “بوليتكال كيز” تجري حوارًا خاصًا مع المتحدث الرسمي باسم تنسيقية النازحين آدم رجال للحديث عن آخر التطورات الإنسانية والأمنية في دارفور والفاشر
أجرت “بوليتكال كيز | Political Keys”، حوارًا خاصًا مع المتحدث الرسمي باسم تنسيقية النازحين آدم رجال للحديث عن آخر التطورات الإنسانية والأمنية في دارفور والفاشر.
وعن الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه إقليم دارفور بشكل عام قال رجال: “فيما يتعلق بالوضع العام والوضع الإنساني في إقليم دارفور فهو خطير وحرج ويوجد إبادة جماعية، دارفور عاشت خصوصية منذ عشرين عامًا فقد بقينا في مخيمات النزوح واللجوء وعشنا ظروف صعبة ومعقدة، كان وجودنا بظن الناس جيدًا من خلال حصولنا على المعونات والمساعدات الإنسانية لكن هذا غير صحيح، وإنما كانت الظروف التي أجبرتنا نترك قرانا ومناطقنا الأصلية، وكان بقاؤنا ضمن بلادنا أفضل لنا ولبلدنا من الناحية الاقتصادية، إنّ الجيش السوداني وميليشياته هم من قتلونا وألجؤنا للسكن في المخيمات، وبعد انتظارنا ٢٠ سنة جاءت الحرب الكبرى التي قضت على كل شيء، ومنها مؤسسات الدولة والمجتمع، وبذلك انهارت كل سبل الحياة التي كان يعتمد عليها الناس هناك، وخاصة نحن كنازحين في المخيمات كنا نعتمد اعتمادًا كليًا على المنظمات الدولية وبرنامج الغذاء العالمي، وعلى الرغم من عدم كفايته لكنه كان يسد شيئا من ضرورات الحياة والمعيشة”.
وتابع: “كل هذه المنظمات بعد الحرب الأخيرة توقفت عن العمل ورحل الموظفون أيضًا وأدى ذلك لفشل الموسم الزراعي، لجانب قتل المزارعين وتعذيبهم من قبل الميليشيات المنتشرة هناك، وكذلك استهداف النساء بالاغتصاب أو التحرش، الأمر الآخر والأهم أن العمالة الخارجية التي كانت مرادفة لمساعدات المنظمات توقفت حتى في المدن الكبرى بسبب النزوح، وكذلك أصبح هناك شح في المواد الغذائية الرئيسية، وكذلك الانهيار الاقتصادي للبلد عموما أدى لوجود واقع جديد في ظروف إنسانية قاسية جديدة على مستوى البلد، والآن أهالي دارفور دخلوا في حالة المجاعة وهناك حالات وفاة تسببت بها قلة التغذية، كما أن هناك أطفالًا يموتون بشكل يومي بسبب سوء التغذية، ففي مخيم زمزم أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن طفلًا على الأقل يموت كل ساعتين في المخيم بسبب سوء التغذية، وفي اليوم الواحد يموت ١٣ طفلًا، وهذا أمر منتشر في كل مخيمات النزوح في دارفور، كما أنّ النساء الحوامل وكبار السن وكافة فئات المجتمع يعانون من نفس الظروف الصحية والإنسانية الصعبة، ما يمكن معه أن يكون هناك موتًا جماعيًا ضمن تلك المخيمات، وذلك سيكون وصمة عار في جبين العالم والإنسانية”.
وأردف: “هذه ليست المرة الأولى التي يموت فيها الناس بشكل جماعي في دارفور، ففي ٢٠٠٣ ومابعدها هناك أناس تمت إبادتهم إبادة جماعية، وكان هناك أشخاص مطلوبون لمحكمة الجنايات الدولية بارتكاب تلك الفظائع، البرهان وحميدتي اللذان هما طرفا الصراع المفترض أن يحولا لمحكمة العدالة الدولية “آي سي سي” باعتبارهم هم من خلقوا أزمة ومجاعة دارفور وفي السودان عمومًا، وباعتبارهم السبب بمقتل هؤلاء الناس في هذه الحرب الشعواء، التي لم يوقفاها حتى الآن، بل يصران على استمرارها، وكذلك استخدامهما التجويع كسلاح مقابل التجنيد في صفوفهما فذلك أيضا من الجرائم المرتكبة في تلك الحرب، لقوانين الأمم المتحدة تجرم تلك الأفعال وتدعو لمحاسبة مرتكبيها. نعود لنقول إن الوضع الإنساني في المخيمات صعب ومأساوي في دارفور وسنبقى نتحدث عن الواقع هناك كل يوم وكل ساعة، فالوقت وقت أفعال من قبل كل الدول والمنظمات الفاعلة لتوصيل المساعدات الإنسانية في أقرب وقت لإنقاذ ملايين الأرواح الذين هم في قلب المجاعة بشكل حقيقي وفعلي، وكذلك السعي للتأثير على طرفي الصراع لحثهم على بذل كل الجهود لإيصال تلك المساعدات وعدم جعلها وسيلة للابتزاز والتجنيد”.
انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان
أما فيما يتعلق بانتشار حالات الاغتصاب والنهب والسلب في دافور واتهام قوات الدعم السريع والمليشيات المُتحالفة معها بارتكاب تلك الانتهاكات، أكد المتحدث الرسمي باسم تنسيقية النازحين، أنّ “الشيء المهم أن الملايين من الأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة غير قادرين على الحصول على الدواء المطلوب وكذلك مرضى السكري وغيرهم، وذلك يستدعي ضغطًا عاليًا على أطراف النزاع لفتح مسارات في أقرب وقت ممكن، أضف لذلك موضوع المياه، الذي يعاني من نقص كبير وفي بعض المخيمات لايوجد ماء أبدًا، وكثير من المياه ملوثة وغير صالحة للشرب، وكل ذلك يخلق أمراضًا صعبة جدًا، ومع ذلك لايوجد بديل للأهالي هناك، الحاجات الأساسية والتحديات عندنا مع موضوع الوضع الصحي المنهار هي مسألة توطين وإيواء الناس الجدد الذين نزحوا من المدن إلى هذه المخيمات، وهم بحاجة للأمور الأساسية وأدوات الخيم والإيواء، وذلك صعب جدا وحرج في ظل ظروف المخيمات الحالي، وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى هناك، والتي هي حق مكفول بكل القوانين الدولية والشرائع السماوية. نعود للقول أنه لابد من مواصلة الضغط على أطراف النزاع كي لا يستخدموا المساعدات كوسيلة ضغط لإلزام الشباب بالتجنيد في صفوفهم”.
وأوضح: “فيما يتعلق بحالات الاغتصاب والنهب والسلب ليست حالة جديدة، ونحن نعيشها منذ فترة طويلة، ونحن وثقنا عددًا كبيرًا من الحالات، وكل أطراف الصراع ترتكب ذلك السلوك الشنيع، بما في ذلك أيضًا القتل خارج نطاق القانون والنهب والاختطاف مقابل الفدية، وبالنسبة للعيش هناك في تلك المخيمات إنما يعود لعدم وجود بديل لدى العوائل بسبب ظروف الحرب”.
وعن خروج عشرات المستشفيات في دافور عن الخدمة ومدى إمكانية عودة المستشفيات الحكومية والخاصة لتأمين الرعاية الصحية للأهالي، أوضح رجال: “لايوجد حتى الآن بوادر على عودة المستشفيات لممارسة مهامها، لكن نعمل على إيصال الرسائل للمنظمات الدولية للعب دورهم وتقديم الخدمات للمواطنين، فلابد من المساهمة في إيصال الخدمات الأساسية للمحتاجين، بسبب انتشار الأمراض المزمنة والنفسية كالصداع
المستمر والملاريا والإسهال وأمراض أخرى، وذلك حق طبيعي فلابد من التفكير العميق في ذلك”.
وتابع: “في المدن يعاني الأهالي بشكل كبير، فالانتهاكات كبيرة ومع وجود التهديدات من قبل الميليشيات المسلحة تتحفظ الناس عن ذكر تلك الانتهاكات، أما فيما يتعلق بمدينة الجنينة فأغلب المخيمات تم نزعها إلى شرقي تشّاد في مخيمات اللجوء وتمت عملية تهجير قسري للناس الذين كانوا موجودين داخل المدينة، وحتى الانتهاكات وجرائم الإبادة والتهجير القسري كانت لجميع الأهالي دون استثناء، والناس تعاني في المكان الذي توجد فيه حاليًا بسبب حالة الطقس فالحرارة تصل لقرابة الخمسين درجة، فالعيش الآن في ظل الواقع الجديد صعب جدا. وفي المخيمات التي تسيطر عليها الدعم السريع هناك، يوجد انتهاكات ضد النازحين سواء في زالنجي أوالجنينة أو وادي صالح”.
المخيمات تعاني من أوضاع مأساوية
أما فيما يتعلق بالأوضاع في معسكر كلمة، قال المتحدث الرسمي باسم تنسيقية النازحين، “إنّ معسكر كلمة من أكبر المخيمات في دارفور ويحوي حوالي ٨٠٠ ألف شخص يعانون أوضاع إنسانية صعبة وهو مخيم يقع في ولاية جنوب دارفور محلية بليد، وهو من قبل الحرب الأخيؤة يواجه تحديات كبيرة، وهناك أكثر من ٥٠٠ طفل ماتوا بسبب سوء التغذية والرعاية الصحية، ومنذ بداية الحرب الأخيرة تزايد عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية ووصل لأكثر من ١٠٠٠ طفل، وكذلك يعاني من نقص وصول المساعدات الإنسانية والاحتياجات الضرورية، وكذلك أهالي نيالا توجهوا إلى المعسكر وسكنوا المدارس والأمكنة والمخيمات هناك، إضافة لوجود انتهاكات جسيمة تحصل بالقرب من المخيم القريب من نيالا، فقبل أسبوعين تعرض عدد من النساء للاغتصاب وهي ليست الحالة الأولى التي تحصل في الآونة الأخيرة”.
وأردف: “نحن الآن نحتاج لتضافر الجهود لإيصال المساعدات إلى هناك، كما ينتشر في المخيم الأمراض الجلدية والجسمية كالإسهال وسوء التغذية وغيرها، وقبل شهر تقريبًا مات ١٢ طفلًا بسبب سوء التغذية، يوجد في مخيم كلمة ٣ مراكز صحية ويستقبل كل مركز منها بشكل يومي ١٤ إلى ١٨ حالة سوء تغذية ادسريرية أو خبيثة، فضلًا عن وجود أكثر من ٣٦ ألف أسرة لاتستطيع أن تحصل على وجبة غذاء واحدة في اليوم، وهي من المهددات الأساسية داخل المخيم”.
حصار الفاشر
أما عن الحصار المفروض على الفاشر من قبل قوات الدعم السريع، ومدى وجود ملاجئ آمنة للفارين من الحرب هناك، قال رجال: “مدينة الفاشر محاصرة منذ حوالي شهرين من قبل أطراف النزاع، ويتم هناك استخدام المدنيين كدروع بشرية للتقدم داخل المدينة، إضافة لعدم وصول المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية للأهالي هناك، فالناس هناك مهددون بالموت ولاتوجد أماكن آمنة ليذهبوا إليها، فالخروج من المدينة صعب جدا، فهي محاصرة بشكل كامل من قبل الطرفين، ففي آخر المعارك التي حصلت هناك فقدنا أكثر من ٩ قتلى و٣٥ جريح، وقد وصل عدد القتلى منذ بداية الحرب لأكثر من ٢٥٠ شخصًا. الوضع كارثي بمعنى الكلمة وهو يحتاج لحل سريع وإيجاد مخرج للأهالي داخل المدينة”.
وأوضح: “المنطقة التي يمكن أن يلجأ إليها الناس في الوقت الحالي هي منطقة الطويلة فهي أقرب المناطق هناك وذلك مع صعوبة الطرقات ووعورتها، فهناك تهديد بالقتل والسرقة بشكل كبير في مختلف الطرقات، فالناس بين خيارين إما الموت تحت القصف والاقتتال والمجاعة، أو أن يلجأ طرفا الصراع الآن للغة العقل ويتوجهوا للتفاوض ووقف إطلاق النار لإنقاذ الناس”.
وفيما يخص شبح المجاعة الذي يهدد إقليم دارفور والسودان عامة، اعتبر رجال أنّ “حجم المعاناة كبير ففي مخيمات وسط دارفور فقدنا ٢٠ شخص بسبب الجوع وكذلك في باقي المخيمات كزالنجي وكلمة والفاشر وغيرها، الوضع الانساني كارثي وخطير ويحتاج لتحرك عاجل”.
أما عن دور حكومة إقليم دارفور في تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في الإقليم، فذهب رجال إلى أنّ “حكومة الإقليم هي جزء من الأزمة الحالية، فالمواد الغذائية التي كانت تصل للفاشر لايتم توزيعها لمستحقيها من النازحين، بل يتم توزيعها لمعارفهم، وأمر آخر أن مفوضية العون الإنساني في بورسودان أرسلت في وقت سابق موادًا غذائية وأصدرت قرار توزيع في الخرطوم والشمالية، يوجد تفريق بين المحتاجين، وللأسف يتم الاتجار بحقوق الفقراء والمحتاجين في سلوك سيء وخطير للغاية”.
وختم المتحدث الرسمي باسم تنسيقية النازحين كلامه بالقول: “في السودان يوجد حكومة أمر واقع وهم الانقلابيون والذين انقلبوا على السلطة المدنية التي كانت قائمة، وبسبب الخلاف على تقسيم الكعكة حصلت هذه الحرب، فهم لا ينظرون لساكني دارفور على أنهم بشر، فالبرهان وأعوانه جزء أساسي من منفذي الإبادة في دارفور في ٢٠٠٣ و٢٠٠٤، وهو الآن يمثل حكومة الأمر الواقع فلن يكون لديه جديد يقدمه بالنسبة لنا، بل هو لاينظر لنا باعتبارنا جزءًا من شعب السودان”.
وحصلت “بوليتكال كيز | Political Keys”، على صور خاصة تظهر أوضاع النازحين داخل أحد المخيمات في مدينة الفاشر: