أين يقف حزب الله من الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران؟

نفّذت إسرائيل، الجمعة 13 حزيران/ يونيو، عملية “الأسد الصاعد” بقصف واسع استهدف منشآت نووية وعسكرية في إيران، بما في ذلك مقتل قيادات بارزة في الحرس الثوري والعلماء النوويين، في المقابل، ردّت إيران بإطلاق أكثر من 200 صاروخ وعدد من الطائرات المسيّرة على إسرائيل، ما تسبب بمقتل وجرح العشرات من الإسرائيليين، ولاتزال الهجمات الجوية متواصلة حتى الآن.
حزب الله ليس طرفا في الحرب
أطل زعيم حزب الله “نعيم قاسم” بعد الهجوم الإسرائيلي مباشرة ليندد بالهجوم ويصفه بالإرهابي والجريمة الخطيرة، لكنّه أشار بوضوح إلى أن الرد العسكري المباشر غير مطلوب على الجبهة اللبنانية، خاصة أنه تزامن مع اتصالات مع الجيش اللبناني لتجنّب تصعيد شامل، وهذا يعطي دلالة واضحة على الموقف الداخلي للحزب، أنه يقف مع إيران دبلوماسيًا وسياسيًا وإعلاميًا، لكنه لن يكون طرفًا في التصعيد العسكري من الداخل اللبناني خصوصًا بعد الضربات العنيفة التي تلقاها من الجانب الإسرائيلي والتي أفقدته معظم قدراته العسكرية وقادته العسكريين والسياسيين على حد سواء.
كذلك، لا يريد حزب الله أن يستثير الداخل اللبناني مجددًا ضده في المرحلة الحالية، والذي يرى أن ما وصل إليه لبنان كان بسبب محور “المقاومة والممانعة” والعلاقة مع إيران والتي كانت على حساب باقي دول المنطقة، والتي تسببت في نهاية المطاف بحرب كبرى ضد لبنان وبنيته التحتية.
قضية نزع سلاح الحزب
أما فيما يتعلق بموقف حزب الله من قضية نزع السلاح أو تسليمه، فهو سيغدو مرهونًا بنتائج المواجهة الدائرة بين إسرائيل وإيران، إذ إن قيادة الحزب، التي شددت في الآونة الأخيرة على رفض أي حديث عن نزع السلاح، تراهن على استعادة قدراتها العسكرية وتمدّد نفوذها بدعم مباشر من إيران.
وإذا نجحت طهران في إثبات قدرة ردع حقيقية في هذه الحرب، فلن يُبدي حزب الله أي استعداد للتجاوب مع المطالب المطروحة لحصر السلاح بيد الدولة، وسيواصل ربط هذا الملف بحوار أوسع وأطول أمداً.
كان هذا السيناريو الأول، أما السيناريو الثاني، في حال أسفرت المواجهة عن إضعاف إيران أو تراجع نفوذها الإقليمي أكثر، فإن الحزب سيكون في موقع أضعف وأقل قدرة على الصمود أمام ضغوط داخلية وخارجية متزايدة تدعوه إلى تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، وستزداد حساسية هذا الملف بالنظر إلى سلسلة الخسائر التي تعرض لها الحزب وحلفاؤه خلال الأشهر الماضية، بدءًا من اغتيال عدد من قادته، مرورًا بإسقاط نظام الأسد ووصولًا إلى الاستهداف المباشر لإيران، باعتبارها القوة المركزية الداعمة له والمسؤولة عن دعم الفوضى والصراعات في المنطقة.
وعليه، لن يكون ربط ملف السلاح مجددًا بحوار طويل الأمد حول الإستراتيجية الدفاعية مجديًا، إذ يُتوقع أن تبادر قوى وأحزاب سياسية لبنانية إلى رفع وتيرة خطابها، سواء من خلال بياناتها، أو عبر مجلس الوزراء، للمطالبة بوضع جدول زمني واضح وملزم لنزع سلاح الحزب.
كما يتوقع أن توجّه دعوات مباشرة متجددة لرئيس الجمهورية “جوزيف عون” لحسم هذا الملف، وعدم الانخراط في نقاش مبدئي حول فكرة تسليم السلاح، بل الانتقال مباشرة إلى بحث آليات وإجراءات التنفيذ، وقد صرح “عون” مرارًا أن موضوع نزع السلاح ليس كلامًا عابرًا بل خيار وقرار قد اتخذ ولا تراجع عنه.
وفي السياق، كانت قوى سياسية لبنانية قد أعربت عن خشيتها الشديدة من احتمال دخول حزب الله مباشرة في المواجهة بين إيران وإسرائيل، وكان التيار الوطني الحر، الحليف السابق للحزب، أول من بادر إلى توجيه رسالة واضحة مفادها ضرورة تحييد لبنان عن الصراع، وأعلن التيار صراحة أن لبنان لا يمكن أن يكون طرفًا في هذه الحرب، مطالبًا بفصله عن أي تدخل أو تورط في المواجهة.
بدوره، تبنّى “الحزب التقدمي الاشتراكي” موقفًا مشابهًا، داعيًا إلى تغليب المصلحة الوطنية وعدم زجّ البلاد في أزمات تفوق قدراتها على الاحتمال