كيف تؤثر الحرب بين إيران وإسرائيل على العراق؟

دعت بغداد، الجمعة 13 حزيران/ يونيو، إلى اتخاذ خطوات رادعة لإيقاف اعتداء إسرائيل على إيران، وطالبت مجلس الأمن الدولي بالانعقاد الفوري، بينما أدان زعيم التيار الوطني الشيعي “مقتدى الصدر” استخدام الأجواء العراقية من قبل إسرائيل، مطالبا الحكومة بمعاقبة إسرائيل بالطرق المعمول بها دوليا لضمان عدم تكرار هذا الخرق.
ومع الساعات الأولى لبدء العمليات العسكرية الإسرائيلية على إيران، أعلنت بغداد أنها أوقفت حركة الطيران في المطارات العراقية وباشرت إخلاء الأجواء من الطائرات المقبلة والمغادرة والعابرة إلى حين إشعار آخر، مما دفع بعثة الحج العراقية إلى الإعلان عن قرارها بإعادة الحجاج برًا إلى البلاد، وفي الوقت نفسه نفذت إسرائيل هجمات عسكرية صاروخية على إيران، وبدأ الهجوم على منشأة “نطنز” النووية، واتسع مداه ليشمل 12 محافظة منها كرمانشاه ولرستان وخنداب، وأعلنت طهران بعدها مقتل قيادات مهمة في الحرس الثوري وستة علماء نوويين.
بغداد تدين الهجوم الإسرائيلي على إيران
من جانبها، أعلنت الحكومة العراقية إدانتها لهذه الهجمات، قائلة ضمن بيان، إن “الاعتداء العسكري الذي شنه الكيان الصهيوني على الأراضي الإيرانية يمثل انتهاكا صارخا للمبادئ الأساس للقانون الدولي، ويشكل تهديدا للأمن والسلام الدوليين، خصوصا أنه وقع أثناء فترة التفاوض الأمريكي-الإيراني”.
من الملاحظ جدًا وقوف العراق بجانب حليفتها إيران ضد التصعيد الإسرائيلي الحاصل، حيث صرح رئيس تيار الحكمة “عمار الحكيم” أن هذه الهجمات تصعيد خطر ومقصود يهدف إلى جر المنطقة نحو مزيد من التوتر والعنف، أما زعيم التيار الوطني الشيعي “مقتدى الصدر”، فأشار في بيان له إلى أن “المهم أن يكون العراق بعيدا من هذا التصعيد، المهم وجل المهم أن تكون أرض المعصومين ومقدساتهم في العراق بعيدة من تلك الحرب، فإن العراق وشعبه ليس في حاجة إلى حروب جديدة، وندعو إلى كتم الأصوات الفردية والإصغاء إلى صوت الحكمة”.
تأجيل انعقاد ملتقى العراق للاستثمار
يبدو أن ملامح تداعيات الهجوم بدأت تنكشف تدريجيا في العراق، إذ أعلن المجلس الاقتصادي العراقي تأجيل انعقاد ملتقى العراق للاستثمار إلى إشعار آخر، وألغى الحشد الشعبي جميع الفعاليات الخاصة بالاحتفال بذكرى تأسيس الحشد، حيث يعتبر العراق هو الخاصرة والحلقة الأضعف داخل المنطقة إذا ما تطورت الأمور صوب الانفجار الأمني والعسكري.
الفرق بين موقف العراق الرسمي وموقف عراق الميليشيات
يبدو أن الفصائل المسلحة في العراق تعلمت من دروس بقية الساحات التي كانت مرتبطة بها، حيث لا تلتزم بقرار الدولة ومؤسساتها الدستورية، كون سلاحها وولائها تابع إلى المرشد الإيراني، بحسب تصريحاتها الرسمية المعلنة ومصالح المرشد لا تتطابق مع مصالح العراق في هذه الأزمة على وجه التحديد.
ومن الملاحظ أن العراق كدولة يحرص على النأي بنفسه عن التصعيد ويتجنب الانخراط في المواجهة لمعرفته بالخسارة العظمى التي ستلحق به، حيث يسير موقف العراق في اتجاهين، الأول هو الرسمي الذي سيحاول أن ينأى بنفسه عن الهجوم ويبتعد من أي تدخل من الممكن أن يحسب أمام أمريكا وإسرائيل بأنها وقفة دعم ومساندة لإيران، والثاني هو موقف الفصائل التي تدين بالولاء لطهران.
ومن المرجح أن الموقف الأول سيتحرك دبلوماسيا وسياسيا لإدانة الهجمات، إذ سيبذل العراق الرسمي جهده لضبط الإيقاع بالتنسيق مع الفصائل التي تشكل حكومة الإطار، وسيدعم ويساند دبلوماسيًا وعبر المحافل الدولية لإدانة هذه الهجمات كما هي الحال في مواقف الدول الإقليمية.
أما عن عراق الفصائل، فمن المحتمل أنه سيساند إيران عبر المواقف والتصريحات أو ربما عبر الجهد الساند والداعم لإيران وللحرس الثوري، وهناك تقارير غربية نشرت قبل أسبوع أشارت إلى تزويد إيران للفصائل بسلاح أو ترسانة باليستية بعيدة المدى أو طائرات مسيرة.
ومن المتوقع مشاركة الفصائل ودعمها الموقف الإيراني بزخم معين، بحسب زخم الهجوم وخطورة الموقف، ومن الممكن أن تناور ولا تكشف عن هذا الشيء ولا تعلن عنه بصورة رسمية كموقف دائم، وإذا تدخلت الفصائل في الهجمات فإن ذلك سيحرج الحكومة العراقية ولن تتمكن الأجهزة الرسمية من إيقاف هذه المساندة والحد منها، فالفصائل لها قوتها وهيمنتها على مفاصل البلد الأمنية