خاص | للحديث عن آخر تطورات الملف السوداني… بوليتكال كيز تجري حوارًا مع الناطق باسم حركة جيش تحرير السودان
أجرت “بوليتكال كيز | Political Keys”، الخميس 22 آب/ أغسطس، حوارًا خاصًّا مع الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان، محمد عبد الرحمن الناير.
وعند سؤاله عن زيارة الوفد الحكومي السوداني إلى مصر، قال الناير: “بصراحة لا أعتقد أن من مهام الوفد الحكومي وزيارته المتكررة بين جدة والقاهرة أو من أهدافه إيقاف الحرب، بل هدفه شراء الوقت وإيجاد الأعذار والمبررات للماطلة والتسويف”، بحد تعبيره.
وأضاف الناير أنهم “إذا كانوا يريدون وقف الحرب فعلًا لذهبوا إلى جنيف مباشرة دون لف أو دوران، وناقشوا الآليات والوسائل والضمانات الكفيلة بتحقيق ما ورد في تفاهمات جدة بين القوات المسلحة والدعم السريع”.
وعند سؤاله عن سبب رفضهم نتائج اجتماعات أديس أبابا بين مجموعة تقدم التي تقود جهود حل الأزمة السودانية في البلاد وموقفهم من شروطها، قال الناير إن “اجتماع أديس أبابا كان جيدًا من حيث الحضور والقضايا التي تمت مناقشتها ولكن اختلافنا مع المجموعة التي حضرت كان حول قضايا جوهرية لا يمكن إغفالها أو القفز حولها، وهي تتعلق أولًا بالتفاوض، إذ ترفض الحركة مقترح التفاوض بين القوى السياسية والعسكر، بحيث أن أي تفاوض ينتج عنه محاصصة بين العسكر والمدنيين، وهذا سيعيد إنتاج الأزمة من جديد كما كانت بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري 2019، وتتعلق ثانيًا بالجبهة المدنية، فالجبهة المدنية لإيقاف وإنهاء الحرب التي يراد تكوينها من خلال المشاورات، يجب أن تشمل جميع القوى السياسية والمدنية وحركات الكفاح المسلح والشباب والنساء والنازحين واللاجئين والزعامات الأهلية والدينية، وكل مكونات السودان الشريفة عدا المؤتمر الوطني وواجهاته أو من يرفض الحضور”.
وتابع: “ثالثًا، إلزامية المشاورات، إن المشاورات والمداولات التي أدرناها فيما بيننا في أديس أبابا يجب ألا تكون ملزمة للشعب السوداني والقوى الأخري التي لم تشارك فيها، ولهم الحق في قبولها أو تعديلها أو رفضها، لجهة أن ما سيكون ملزمًا للجميع هي مخرجات ومقررات الحوار السوداني السوداني الذي سيخاطب جذور الأزمة التاريخية، ويؤسس لسلام حقيقي وتحول مدني ديمقراطي كامل، وتكوين حكومة انتقالية مدنية بالكامل من شخصيات مستقلة وليس حكومة محاصصات”.
وفيما يتعلق بزيارة عبد الواحد إلى كينيا لبحث سبل السلام، قال الناير إن “هدف لقاء الرفيق عبد الواحد بفخامة الرئيس الكيني د. وليم روتو، هو إطلاعه عن الأوضاع الإنسانية المزرية التي يعيشها ملايين السودانيين وكارثة السيول والفيضانات التي اجتاحت العديد من المناطق مما فاقم من فداحة الأوضاع الإنسانية، وطلب تدخل القيادة الكينية وكافة القادة الأفارقة وقادة العالم الحر لإجبار أطراف الصراع على فتح المسارات الإنسانية فورًا دون قيد أو شرط، وأن تكون هنالك عمليات شريان حياة وجسر جوي لإسقاط الطعام والدواء ووسائل الإيواء لتخفيف وطأة كارثة المجاعة على المواطنين، وقدم له تنويرًا شاملًا عن مبادرة نداء الفاشر التي أعلنتها الحركة، التي وجدت تجاوبًا كبيرًا من بنات وأبناء السودان الشرفاء، وقد أصبحت المبادرة ملكًا للشعب السوداني والمؤمنين والمؤيدين لها، وقد تم تكوين آلية وطنية للمبادرة من شخصيات مشهود لهم بالوطنية والوقوف بصلابة مع قضايا الشعب، وأن الآلية بعثت بخطابات إلى قيادتي الجيش والدعم السريع لقبول المبادرة ووقف الحرب بالفاشر وتنتظر منهما الرد”.
وتابع: “كذلك أطلع رئيس الحركة فخامة الرئيس الكيني على جهود الحركة مع بقية القوى السودانية لإيقاف وإنهاء الحرب بالسودان وفتح المسارات الإنسانية وإيصال الإغاثة لكافة المنكوبين بالسودان، وتكوين أكبر جبهة وطنية لتحقيق هذا الهدف ومن ثم عقد حوار سوداني سوداني يخاطب جذور الأزمة التأريخية، وتكوين حكومة انتقالية مدنية بالكامل من شخصيات مستقلة، وتحقيق سلام شامل بالسودان، وإعادة هيكلة جميع مؤسسات الدولة وفق أسس قومية، وبناء جيش قومي واحد بعقيدة عسكرية جديدة، وكتابة دستور دائم للسودان، وصولًا لتحول مدني ديمقراطي كامل، وإجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية”.
وعند الحديث عن الأوضاع الإنسانية في مدنية الفاشر، قال الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان إن “الحركة أعلنت مبادرة نداء الفاشر، ووجدت قبولًا وترحيبًا من عدد كبير من بنات وأبناء السودان الشرفاء، وتم تكوين آلية وطنية لهذه المبادرة، وتواصلت هذه الآلية مع قيادتي القوات المسلحة والدعم السريع عبر خطابات رسمية، تدعوهما لقبول المبادرة ووقف الحرب وحصار الفاشر على النحو الذي أشارت إليه مسودة المبادرة، ونأمل أن يكون ردهما إيجابيًا لوضع حد لمعاناة أهلنا في الفاشر وما حولها، وتكون الفاشر منطقة منزوعة السلاح ومركزًا للإغاثة والعمليات الإنسانية إلى كافة مناطق دارفور وكردفان والنيل الأبيض والجزيرة وغيرها، وهذه المبادرة تعني طرفي الحرب وحلفائهما من الحركات والمستنفرين وما يسمى بالمقاومة الشعبية”.
وعن دور الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، قال الناير إن “السعودية قوة إقليمية لا يستهان بها، ولها علاقات مع طرفي الحرب وكثير من القوى السودانية، أما الولايات المتحدة الأمريكية فهي القوى العظمى في العالم، وهاتان الدولتان لديهما كروت عديدة يمكن أن تدفعان بها لتحقيق هدف إيقاف وإنهاء الحرب بالسودان وخلق توافق بين القوى السودانية المختلفة في إطار الحل السياسي الشامل بعد إنهاء الحرب، ولكن حتى اللحظة لا أرى أن هنالك جهود كبيرة تبذل في هذا الاتجاه، ومطلوب منهما لعب دور أكبر وممارسة أقصى الضغوط الممكنة لحمل الأطراف الممانعة للجلوس في طاولة الحوار والتوصل لاتفاق حول وقف الحرب وفتح المسارات الإنسانية لإيصال الإغاثة بصورة عاجلة وتنفيذ اتفاق جدة بحيث يفي كل طرف من الأطراف بالتزاماته دون تسويف ومماطلة”.
وبحسب الناير، فإنه “في ظل التعنت والإصرار على الحرب، لابد أن يقوم المجتمع الإقليمي والدولي وقبلهما الشعب السوداني ومكوناته الحية بممارسة ضغوط على أطراف الصراع وإجبارهم على وقف الحرب والحلول السلمية عبر الحوار، وهنالك ضرورة قصوى إلى تكوين أكبر جبهة وطنية لإيقاف وإنهاء الحرب بالسودان، تكون بديلًا لكل التحالفات القائمة التي تعبر عن فئات صفوية صغيرة هدفها العودة إلى الشراكة مع العسكر وليس معالجة جذور الأزمة التأريخية عبر أسس ووسائل جديدة والتأسيس لبناء وطن”.
ووفقًا للناير، فلا بد أن “يقوم المجتمع الدولي بفرض عقوبات صارمة على أي طرف يرفض الحلول السلمية ويستمر في العدوان والتحشيد بما فيه التدخل العسكري المباشر، لأن إنقاذ حياة الملايين من شعبنا أهم من التساهل مع فئة سلطوية تريد تدمير كل السودان كي تعود للسلطة، فالمجتمع الدولي معنى بحفظ الأمن والسلم الدوليين وحماية المدنيين في أي مكان في العالم”.
وأشار الناير إلى أن “الحديث عن تنفيذ اتفاق جدة يجب أن يكون شاملًا وليس انتقائيًا، فكلا الطرفين (الجيش والدعم السريع) لديهما التزامات وتعهدات ويجب أن ينفذ كل طرف ما عليه، وتفاهمات جدة تنقصها آليات التنفيذ والمراقبة، ويجب أن يشكل المجتمع الدولي آلية خاصة بمراقبة وتقييم تنفيذ التزامات أي طرف من الأطراف، وكما نشاهد فإن الطرفين يستغلان منازل المواطنين والأعيان المدنية في حربهما ويجب عليهما الخروج وفق ترتيبات وضمانات ومراقبة إقليمية ودولية”.
وعند سؤاله عن مستقبل السودان بعد الحرب، قال الناير: “لقد تعرض السودان إلى تدمير كبير، وفقد معظم بنيته التحتية ومرافقه العامة، وحدث شرخ كبير في النسيج الاجتماعي بفعل هذه الحرب والحروب السابقة، ولكنه دولة ذات موارد ضخمة تستطيع تعويض ما خسرته في فترة وجيزة إذا كانت هنالك مخاطبة حقيقية للجذور التاريخية للأزمة الوطنية، وتحقيق سلام عادل وشامل ومستدام”.
وأضاف: “إذا استفاد السودانيون من دروس وعبر هذه الحرب، ستكون آخر الحروب في السودان، ولن يكرروا تجارب الحلول الأمنية والعسكرية للخلافات، أما إذا لم يغيروا عقلية التعامل مع الأزمات ونهجهم السابق الذي قاد إلى ذهاب جنوب السودان، سوف ينقسم السودان إلى دويلات مفككة ومحتربة، وعلى الأقل لن ينعم بالاستقرار قريبًا، فالطريقة والوسيلة التي تقف عبرها الحرب هي التي تحدد مستقبل السودان”.
وفي وقت سابق، أكدت مصادر خاصة لمنصة “بوليتكال كيز | Political Keys”، أن “الجيش السوداني استلم شحنات طائرات عسكرية جديدة”، وتعليقا على هذا الخبر، قال الناير: “معلوماتي أن الجيش حصل على 6 طائرات حربية، ولكن مهما كان حجم الطائرات والأسلحة التي يستلمها لا يغير كثيرًا في معادلة الحرب، فالجيش لديه مشكلة بنيوية يصعب حلها في المدى المنظور، قبل الحرب كانت لدي القوات المسلحة عشرات الطائرات المقاتلة، فهل حسمت الحرب أم حققت نصرًا استراتيجيًا حتى الآن؟”.
وختم الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان، محمد عبد الرحمن الناير، حواره الخاص مع “بوليتكال كيز | Political Keys” بالقول إن “الوضع في السودان يحتاج إلى إرادة وشجاعة لتحقيق السلام عبر الوسائل السلمية وليس فوهة البندقية التي جربناها منذ عام 1955 وانتهت بتقسيم السودان، واستمراره في دوامة الحروب والعنف وعدم الاستقرار السياسي، إذا انتصر الجيش أو الدعم السريع في نهاية المطاف لن يستطيعوا الحكم دون إدارة حوار مع السودانيين، فالبندقية الطويلة لا تعطي شرعية لأي طرف، يجب إدخار موارد السودان واستثمارها في التنمية وإغاثة الضحايا وإشاعة روح السلام والمحبة بدلًا عن شراء آلات الموت والدمار، فالقاتل سوداني والمقتول سوداني، والمفجوع هو الوطن”.