قالت القيادة المركزية الأميركية، اليوم الخميس 14 كانون الأول/ ديسمبر، إنّ إحدى مدمراتها استجابت لنداء استغاثة من ناقلة ترفع علم جزر مارشال في البحر الأحمر، أمس الأربعاء، يفيد بتعرضها لهجوم من الحوثيين، لكن الهجوم فشل وأسقطت السفينة الأميركية طائرة مسيرة استهدفتها.
وأضافت القيادة المركزية في بيان بحسابها على منصة “إكس” (تويتر سابقا) أن مقاتلين من الحوثيين حاولوا الصعود على متن الناقلة عبر زوراق لكنهم فشلوا في ذلك.
وأوضح البيان أنه بعد فشلهم في السيطرة على السفينة، أطلق الحوثيون صاروخين من مناطق سيطرتهم في اليمن على الناقلة لكنهم لم يتمكنوا من إصابتها.
وأسقطت المدمرة “يو.إس.إس. ميسون” طائرة مسيرة انطلقت من مناطق سيطرة الحوثيين نحوها أثناء الاستجابة لنداء الاستغاثة “دفاعًا عن النفس”، ولم تقع أي إصابات كما لم تتعرض أي سفن لتلفيات، على حد قول القيادة المركزية الأميركية.
الهجمات في البحر الأحمر تعزز مكانة “الحوثيين” الإقليمية
يقول محللون إن الحوثيين اليمنيين، الذي يطلقون صواريخ باتجاه إسرائيل ويهاجمون السفن التي تبحر عبر البحر الأحمر، يحاولون اكتساب شعبية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وبناء نفوذ إقليمي يمكن أن يساعد في توسيع قوتهم في الداخل.
وفي تصعيد كبير لأعمال الحوثيين ضد إسرائيل، ضربت الميليشيا المدعومة من إيران ناقلة نرويجية يوم الاثنين بصاروخ كروز – وهي واحدة من أولى ضرباتها الناجحة بعد أسابيع من التهديدات، على الرغم من عدم الإبلاغ عن وقوع إصابات.
وحاول الحوثيون أيضًا شن هجمات صاروخية وطائرات بدون طيار على جنوب إسرائيل، لكن تم إحباطها. وفي الشهر الماضي، اختطفوا سفينة تجارية.
وقد وصفوا هجماتهم الأخيرة بأنها حملة تضامن مع 2.2 مليون فلسطيني يعيشون تحت الحصار الإسرائيلي والقصف على غزة، والتي تم إطلاقها ردًا على معركة “طوفان الأقصى” في الـ 7 من أكتوبر التي شنتها حركة حماس.
وقال يوئيل جوزانسكي، وهو باحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، إن تلك الحملة حولت الحوثيين من قوة محلية وإقليمية إلى قوة ذات تأثير عالمي.
وأضاف جوزانسكي، وهو مسؤول إسرائيلي سابق: “في نهاية المطاف، ما يريدونه حقًا هو حصة أكبر في اليمن، وربما يريدون القيام بذلك من خلال التحول إلى مشكلة عالمية”.
وقال فارع المسلمي، وهو باحث يمني في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، مجموعة الأبحاث التي يوجد مقرها في لندن. “على وجه الخصوص، الآن، عندما يكون الحوثيون على وشك التوصل إلى اتفاق سلام مع المملكة العربية السعودية من شأنه أن يعترف بسيطرتهم على شمال اليمن، فإن الحرب في غزة هي فرصة هائلة بالنسبة لهم للحصول على الشرعية في المنطقة”.
وتابغ: “في الوقت الحالي، يخلط كل من في المنطقة بين اليمنيين والحوثيين، وبالنسبة للحوثيين، هذا أفضل شيء يمكن أن يحدث”.
وفي البيانات التي أعلنوا فيها عن هجماتهم، أطلق الحوثيون على أنفسهم اسم “القوات المسلحة اليمنية” متجاهلين وجود حكومة معترف بها دوليًا وجماعات مسلحة أخرى متمركزة في جنوب البلاد.
هل استطاع الحوثيون التأثير في الرأي العام العربي؟
ويقول أحمد ناجي، أحد كبار محللي الشؤون اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية، إنّ الناس يشعرون بسعادة غامرة عندما يعلمون أنه من اليمن، وسرعان ما يبدأون في “الحديث عن الحوثيين ومدى شجاعتهم”.
وأضاف ناجي: “هذا انعكاس عميق جدًا للآراء العامة في جميع أنحاء الدول العربية في هذه اللحظة”. وأعرب عن قلقه من أن الناس قد يعتقدون بشكل متزايد أنهم لا يستطيعون الثقة في الجهات الحكومية، وأن الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل الحوثيين هي أملهم الوحيد في تحدي ما يعتبرونه هيمنة غربية.
ولطالما كان دعم القضية الفلسطينية والعداء تجاه إسرائيل أحد ركائز خطاب الحوثيين “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل” هو شعار الجماعة. وأوضح ناجي أن جزءًا من الطريقة التي يضعون بها أنفسهم هو معارضة الزعماء العرب المدعومين من الولايات المتحدة، والذين يعتبرونهم “مجرد مرتزقة للغرب”.
“الحكومات العربية التي خاضت ذات يوم حربًا مع إسرائيل وقادت حظرًا نفطيًا لمعاقبة داعميها الغربيين، كان رد فعلها على الحرب في غزة في الغالب هو الإدانات العامة وحملات المساعدات والجهود الدبلوماسية للضغط من أجل وقف إطلاق النار، مما عزز الشعور بالعجز بين أوساطها وبعض مواطنيهم الذين يفضلون رؤيتهم يقطعون العلاقات مع إسرائيل أو يتخذون إجراءات أخرى أكثر قوة”. وفقًا لناجي.
وأشار إلى إن استخدام القوة العسكرية ضد إسرائيل يساعد الحوثيين أيضًا على تجنب التحديات على الجبهة الداخلية. وأضاف أنه مع انتقال الحرب الأهلية في اليمن إلى مرحلة جديدة، فإنهم يواجهون ضغوطًا من الناس الذين يطالبون بالخدمات العامة الأساسية أو دفع رواتبهم التي تأخرت طويلًا كموظفين حكوميين.
وأضاف ناجي إنه على الرغم من أن هذا ليس السبب الوحيد وراء هجماتهم، إلا أن “هذا هو المخرج من تلك المعضلة”. وتابع إن الرسالة الآن هي في الأساس: “لا تتحدث عن أي شيء، لأننا في حرب”.