آسيا

بحثًا عن شراكات واستثمارات.. فرنسا تروّج لصناعاتها الفضائية في الإمارات

في خطوة محسوبة تعكس تقاطع المصالح بين الدبلوماسية والتكنولوجيا والاستخبارات، تتحرك باريس بصمت نحو تسويق قطاعها الفضائي الناشئ من أبوظبي.

فعالية خاصة ينظمها السفير الفرنسي لدى الإمارات، نيكولا نيمتشينو، وهو الذي يحمل في خلفيته المهنية تجربة رفيعة في التخطيط الاستراتيجي ضمن وكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية، تمثل أكثر من مجرد تظاهرة علاقات عامة.

فاختيار الثامن من أيار/ مايو، وهو عطلة رسمية فرنسية، لإقامة فعالية كوكتيل مغلقة، موجّهة بعناية إلى نخبة محددة من رجال الأعمال وصناع القرار الإماراتيين، يكشف عن رغبة باريس في اختراق ناعم للمشهد الفضائي المتصاعد في الخليج، من خلال أدوات اقتصادية ذات غطاء دبلوماسي.

الحضور الفرنسي لا يقتصر على الأسماء الكبيرة المعروفة مثل إيرباص وتاليس، بل يمتد إلى شركات صغيرة تحمل طموحات تقنية عالية، لكن تفتقر إلى التمويل، مثل إكسوتريل، ألدوريا، جيوفليكس، كايلابس، ولوفت أوربيتال، وكلها تتطلع إلى استثمارات إماراتية قد تمنحها فرصة النجاة في مناخ تنافسي متقلّب.

الحدث، الذي يوصف بأنه “تواصل فضائي جديد”، لا يخفي رهانه على سيولة خليجية تسد فراغا تمويليا تعاني منه هذه الشركات في الداخل الفرنسي، في ظل تراجع شهية رأس المال المحلي للمغامرات التقنية.

من الجانب الإماراتي، تعوّل باريس على الحضور النوعي لممثلين عن مؤسسات سيادية حساسة، مثل شركة سبيس 42 الوليدة عن دمج “ياه سات” و”بيانات”، ومجموعة فادا التابعة لتكتل إيدج الدفاعي، ومركز محمد بن راشد للفضاء، إلى جانب ضباط من مركز الاستطلاع الفضائي، الجهة الأكثر غموضا في المشهد الفضائي الإماراتي، والمُشغّلة لأقمار فالكون آي الاستخباراتية التي سبق أن حصلت عليها من فرنسا.

هذا المزج بين الفاعلين الاقتصاديين والعسكريين يمنح الحدث بعدًا استخباريًا غير مباشر، حيث تبدو فرنسا وكأنها تعرض تقنياتها في قاعة خلفية تتقاطع فيها المصالح الدفاعية مع الطموحات التجارية.

وسط هذا السياق، تتولى كريستيل أستورج-ليبين، المبعوثة حديثا من المركز الوطني الفرنسي لأبحاث الفضاء إلى السفارة الفرنسية في أبوظبي، دور التنسيق الفعلي لهذا الانخراط الفرنسي المتصاعد في البنية التحتية الفضائية الإماراتية.

مهمتها تتجاوز التنسيق التقني إلى هندسة علاقة ثنائية تمتد من الفضاء إلى الذكاء الاصطناعي، خاصة بعد إعلان الإمارات عن نيتها ضخ ما يصل إلى 50 مليار دولار في قطاع الذكاء الاصطناعي الفرنسي.

على خلفية كل ذلك، تتحول أبوظبي إلى ساحة اختبار للتكنولوجيا الفرنسية، فيما تستخدم باريس أدواتها الناعمة والمركّبة لتأمين حضور طويل الأمد داخل مشروع طموح تقوده دولة تبحث عن نفوذ تقني سيادي عابر للغلاف الجوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى