ربط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الجمعة تصديق تركيا على طلب السويد المتوقف لعضوية الناتو بموافقة الكونجرس الأمريكي “في نفس الوقت” على طلب أنقرة الحصول على طائرات مقاتلة من طراز F-16.
وقال أردوغان للصحفيين في إشارة إلى الولايات المتحدة: “أنتم تقولون إنكم ستتخذون خطوات بشأن مسألة طائرات إف-16 بعد تمريرها في الكونجرس، لكن لدي أيضًا برلمان”.
وتابع: إذا كنا دولتين حليفتين في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، فيمكنكم القيام بدوركم في وقت واحد، من أجل التضامن، وسوف يقوم برلماننا بدوره… هذا هو الشيء”.
حاجة القوات الجوية التركية للطائرات
وعانت القوات الجوية التركية المتقادمة بعد إزاحة أنقرة من برنامج المقاتلات الهجومية المشتركة F-35 بقيادة الولايات المتحدة في عام 2019.
واتخذت واشنطن هذه الخطوة ردًا على “قرار أردوغان بالحصول على نظام دفاع صاروخي روسي متقدم (S400) اعتبره الناتو تهديدًا أمنيًا تشغيليًا.
وقد وعدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مرارًا وتكرارًا بالمضي قدمًا في بيع طائرات F-16 بقيمة 20 مليار دولار.
لكن الموافقة عليه قوبلت بمقاومة من زعماء الكونجرس الذين أعربوا عن قلقهم بشأن سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان والمواجهات السابقة مع اليونان العضو في حلف شمال الأطلسي.
ما الأسباب التي تجعل تركيا تصر على شراء طائرات إف-16 الأميركية؟
هذا السؤال أجاب عنه -في تحليل لوكالة الأناضول- رفعت أونجل الباحث في شؤون الدفاع بمركز “سيتا” التركي للأبحاث والدراسات.
والذي قال إنّ المقاتلات الأميركية إف-16 تعد العنصر الرئيسي في سلاح الجو التركي، فهي القوة الرئيسية الضاربة التي تستخدمها قواته، إذ اشترت أنقرة بين عامي 1987 و2012 ما مجموعه 270 طائرة إف-16 من واشنطن.
حاليًا، تعد تركيا الدولة الثالثة التي تمتلك أكبر عدد من طائرات إف-16 بعد الولايات المتحدة وإسرائيل، لتصبح من أكثر المستخدمين الفعليين لهذا الطراز من الطائرات المقاتلة.
وتعتمد أنقرة على الطائرة بسبب المشكلات الأمنية، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما يعني أن قواتها المسلحة امتلكت خبرات تشغيلية مهمة لهذه الطائرة المقاتلة، التي أصبحت الخيار الأكثر منطقية بالنسبة لقيادة القوات الجوية.
من ناحية أخرى، تتطلع تركيا إلى استيراد مجموعة طائرات جديدة من طراز إف-16 لتحديث وتجديد مخزونها الحربي، لا سيما أن معظم أسطولها من هذه المقاتلات دخل الخدمة بين عامي 1987 و1995.
وهذا يعني أن تطوير وتحديث القوات الجوية التركية بات ضرورة بالنسبة لوزارة الدفاع التي تعمل على جلب أحدث طراز للمقاتلة التي تحتوي على بعض ميزات طائرات الجيل الخامس (قدرات تقنية وقتالية أعلى).
إضافة إلى ذلك، فإن للصناعات الدفاعية التركية تاريخا طويلا مع مقاتلة إف-16، إذ نفّذت عليها شركات تركية برامج تحديث هيكلي وإلكتروني خلال السنوات الأخيرة.
وبهذه الطريقة، جرى تمديد العمر الافتراضي لطائرات إف-16 في تركيا وتجهيزها بمعدات أكثر حداثة، إضافة إلى أن 160 من الطائرات التي اشترتها أنقرة بين عامي 1987 و1995 أُنتجت في تركيا.
كما أن طائرات إف-16 الـ46 التي صُدرت إلى مصر بين عامي 1993 و1995 أنتجت أيضًا في تركيا، إضافة إلى تحديث أنقرة طائرات إف-16 الباكستانية والأردنية خلال السنوات العشرين الماضية.
لهذه الأسباب وغيرها، تسعى تركيا لاستيراد 79 مجموعة تحديث لطائرات إف-16، بالإضافة إلى الطائرات الجديدة الأحدث من الطراز نفسه، من أجل تحديث أسطولها من المقاتلات الأميركية.
صفقة إف-16 تتعقد بسبب حرب غزة
تعقدت صفقة طائرات إف-16 بسبب تباين موقف الطرفين من الحرب في غزة، كما عبرت تركيا عن غضبها من واشنطن بسبب دعمها لإسرائيل في حرب غزة. وقال أردوغان الجمعة إنه لا ينوي الاجتماع مع الرئيس الأميركي بايدن في أي وقت قريب.
وأضاف أنّ الاجتماع مع الرئيس بايدن ليس على جدول أعمالنا. مردفًا: “موقفهم من غزة معروف لكم جميعًا… إذا اتصل بنا، فسنلتقي به ونتحدث عن أي قضايا نحتاج إلى التحدث عنها”.
من جانبه، قال وزير الخارجية السويدي الأسبوع الماضي إن نظيره التركي وعده بأن أنقرة ستوافق على عضوية ستوكهولم “في غضون أسابيع”. لكن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي لم تحدد بعد موعدًا لجلسة استماع بشأن العرض.
يذكر أنّ السويد وفنلندا تخلتا عن عقود من عدم الانحياز العسكري وسعتا إلى الحصول على الحماية النووية التي توفرها منظمة الدفاع التي تقودها الولايات المتحدة ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي.
وحصلت طلباتهم على موافقة سريعة من جميع أعضاء الناتو باستثناء تركيا والمجر. وفي النهاية قبلت الدولتان انضمام فنلندا إلى “الناتو” هذا العام.
وكان أردوغان رفع في تموز/ يوليو اعتراضاته على عضوية السويد بعد أن اتخذت ستوكهولم خطوات تهدف إلى قمع “الجماعات الكردية” التي تعتبرها أنقرة إرهابية. لكن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي أخرت الشهر الماضي تقديم طلب للتصويت من قبل المجلس بكامل هيئته.