تحوّل استراتيجي في ميزان القوى البحرية.. تركيا تقترب من إنتاج أول غواصة نووية

ترصد التقارير الاستخبارية التي اطلعت عليها “بوليتكال كيز | Political Keys” مؤشرات متسارعة تدل على نية تركيا الانضمام إلى نادي الدول المصنعة للغواصات النووية، في خطوة تُعد تحولًا نوعيًّا في موازين القوة البحرية الإقليمية.
هذه النية جاءت على لسان قائد القوات البحرية التركية، الذي كشف عن نوايا بلاده تطوير غواصات تعمل بالطاقة النووية، تزامنًا مع استمرار تنفيذ مشروع غواصات “فئة رَيْس”، إلى جانب تطوير مشروع “ميلْدين” للغواصة الوطنية، الذي يشير إلى توجه تركي متصاعد نحو تقليل الاعتماد على الخارج وامتلاك منصة بحرية تلبي الاحتياجات العملياتية الذاتية.
في خلفية هذا التوجه، تبرز العقلية الصناعية الديناميكية التركية، التي استطاعت خلال سنوات قليلة الانتقال من نماذج بدائية إلى مراكز ريادة عالمية في تقنيات مثل الطائرات المسيّرة.
المصادر التي اطلعت عليها “بوليتكال كيز | Political Keys” تشير إلى أن هذا المسار سيتكرر في المجال البحري، وأن أنقرة تسعى إلى توطين تكنولوجيا الغواصات النووية عبر شراكات محتملة مع قوى تمتلك هذا النوع من التقنية، وعلى رأسها روسيا، التي تتعاون معها تركيا في مشاريع حيوية مثل محطة “آق قويو” النووية.
المتابعون للشأن التركي يعتبرون أن توجه أنقرة نحو الغواصات النووية ليس مجرد طموح تكنولوجي، بل استجابة لحسابات أمنية استراتيجية في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة.
المشروع يهدف إلى تجاوز معوقات الغواصات التقليدية، كضيق المساحات الداخلية ومتطلبات دعم الحياة في أعماق البحر، كما يُقرأ ضمن سياق استعدادات تركية لما يُشبه حربًا عالمية غير معلنة، تعيد تشكيل الخرائط العسكرية والتحالفات في المنطقة.
ما يعزز من جدية هذا المشروع هو الخبرات التراكمية التي راكمتها أنقرة من خلال التعاون مع دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، إلى جانب روسيا، هذا التراكم التقني والسياسي قد يتيح لتركيا، وفق تقديرات ميدانية، امتلاك أول غواصة نووية محلية بحلول عام 2035، مما يضعها في مصاف القوى البحرية الكبرى.
في شرق المتوسط، المشروع لا يمكن فصله عن الصراع على النفوذ والموارد، لا سيما الغاز الطبيعي، فامتلاك تركيا لمنصات بحرية نووية سيمنحها هامش مناورة أوسع في مواجهة اليونان وقبرص الجنوبية، ويعزز من جاهزيتها لأي سيناريو مفاجئ في تلك البقعة الجيوسياسية المتوترة.