أجرت “بوليتكال كيز | Political keys”، حوارًا مع الكاتب والباحث المصري المختص بالشأن الافريقي “صفوت سليم” للحديث عن مفاوضات “جدة” ودورها في إنهاء الصراع في السودان.
قال الباحث المصري، إنه “في الحقيقة أن استضافة حوار جدة، الهدف منه إنهاء حالة الحرب والصراع بالسودان الذي ألقى بظلاله على الأوضاع الإنسانية في البلاد، وتسبب في حالة من الفقر المدقع، ما يعني أن الحوار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ، يجب أن يصل في أقرب وقت للتوقف حقنًا للدماء وحفاظًا على مقدرات الشعب السوادني، وبما يكفل انطلاق عملية سياسية جامعة في البلاد، يشارك فيها جميع الأطراف الفاعلة، للوصول لحل ينجي البلاد من ويلات الحرب ويفضي إلى عودة الأمن والاستقرار إلى السودان”. وكان بيان الخارجية السعودية أكد رعايتها لبدء مفاوضات بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والسعي لوجود اتقاف في بداية الشهر القادم لوقف إطلاق نار قصير الأمد بين الطرفين.
وتابع: “وللأسف الشديد اتفق الطرفان خلال القمة السابقة على الالتزام بسيادة السودان والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، والالتزام بضمان حماية المدنيين السودانيين في جميع الأوقات، والسماح بمرور آمن للمدنيين، ولكن تلك الاتفاقات لم تجد سبيلًا للتنفيذ وعادت الخروقات مرة أخرى، ولم يتم الالتزام بها، ما يكشف أن الرغبة الحقيقة في وقف إطلاق النار ووجود حوار جاد لوقف الدمار في السودان، يتطلب من الطرفان إعلاء مصلحة البلاد فوق كل شيء”.
ماهو الدور الذي لعبته مصر في سبيل حل الأزمة السودانية؟
وعن الدور الذي لعبته مصر منذ بداية الحرب في السودان والتي جرت للمنطقة بأكملها ويلات الحرب، أكد “الباحث المصري”، أنّ “مصر منذ بداية الأزمة في السودان، تؤكد أنها تسعى لرأب الصدع بين الطرفين، بشكل يصل إلى وجود حلول فاعلة، تحمل السودان من بؤرة الصراع إلى الاستقرار، حيث يأتي ذلك انطلاقًا من دور مصر الفاعل في الإقليم وسياسة مصر الخارجية التي تدعم الاستقرار في الإقليم ككل، ومنع حدوث حرب أهلية وتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، وهو ما ظهر جليًا في قمة دول الجوار في شهر يوليو الماضي، والتي دعا إليها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الأطراف المتحاربة لوقف نزيف الدم السوداني، وإطلاق حوار وطني جامع يهدف إلى الوصول لحل سياسي شامل، وينجي البلاد من صراع ممتد قد يذهب بالبلاد نحو المجهول”.
لماذا يبعد الجيش السوداني الأطراف المدنية عن المفاوضات؟
وعن تعمد الجيش السوداني إبعاد الأطراف السودانية عن المحادثات التي يمكن أن تصل لحل للأزمة، اعتبر “سليم” أنّ “الأزمة في السودان، في حقيقتها معقدة ولا تتطلب دخول أطراف متعددة في المفاوضات بل يجب أن يكون التفاوض في أضيق الحدود بالتشاور مع القوى السياسية الفاعلة، خاصة وأنه إذا اشترك جميع الأطراف في المفاوضات لن نصل إلى حل ينهي الصراع، فالآراء كثيرة ومتشابكة ومن المستحيل أن نصل لرؤية توافقية، تضع البلاد في طريق الاستقرار، لذا وجب أن تكون المفاوضات بين طرفي النزاع، مع وجود وساطات دولية من شأنها رعاية المفاوضات حتى تصل بالبلاد نحو الأمن والأمان”.
قمة “القاهرة” ودورها في حل الأزمة السودانية
واعتبر الباحث المصري أنّ قمة دول الجوار التي انعقدت في “القاهرة” قبل مدة “لم تكن كرت ضغط بالمعنى المتعارف عليه، بل انطلاقًا من دور القاهرة المحوري في الوصول لحلول ناجعة ترمي إلى وجود توافق بين الأطراف المتصارعة، في وقت يتطلب الاستقرار ليس للسودان وحسب بل للمنطقة كلها، لذلك القاهرة تدعم الاستقرار في السودان، وتسضيف القمم المختلفة، وتوجه الدعوات للأطراف المتصارعة، بغية وقف النزاع وإيجاد حلول تضمن عدم حدوث نزاع مستقبلي”.
وأردف “سليم”: “لذلك عقب انتهاء القمة، شكر مجلس السيادة الانتقالي الرئيس عبدالفتاح السيسي على استضافة هذه القمة، كما كشف عن استعداد القوات المسلحة السودانية لوقف العمليات العسكرية فورًا إذا التزمت الدعم السريع بالتوقف عن مهاجمة المساكن والأحياء، كما رحبت قوات الدعم السريع، بالبيان الختامي لقمة دول جوار السودان والتي جاءت متسقة مع الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لوقف الحرب في السودان”.
ماهي النتائج الأولية لمفاوضات جدة؟
وعن مدى نجاح المفاوضات في جدة وعن النتائج المتوقعة من بدء الجلسات الأولية هناك، قال الباحث المصري، إنّ “استئناف المحادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة جدة، لوقف إطلاق النار قصير الأمد الذي تم توقيعه في 20 مايو، ويعد الحل الوحيد لإنهاء الصراع الدائر في الداخل السوداني، ما يعني أن المفاوضات هي الطريق الوحيد للوصول لحلول ترضي الطرفين، اللذين لم يصلا بشكل واضح إلى نهاية الحرب المشتعلة، وهو ما يؤكد ضرورة إنهاء الحرب عبر آليات الحوار ومناضد التفاوض، لاسيما أن الحرب رغم اندلاعها منذ فترة كبيرة، لم نجد منتصر منها، بل الجميع خسر”.
وتابع: “وظهر ذلك جليًا في الدمار والخراب والتهجير القسري لآلاف من الشعب السوداني، وهو ما يلزم طرفي النزاع، بتبني إرادة حقيقية للتوصل لحلول مرضية تعيد للشعب السوادني حياته الكريمة وتنهي مآسيه المتفاقمة، وينعم بالاستقرار مثل باقي الشعوب، خاصة الصراع أدى إلى مقتل نحو 10 آلاف شخص، وتشريد أكثر من 6 ملايين، وإحداث خسائر اقتصادية بعشرات المليارات من الدولارات، لذا وبصراحة شديدة نجاح محادثات جدة يتوقف على مسؤولية الأطراف بمستقبل الشعب السوادني، وإعلاء مصلحة البلاد عالية بعيدًا عن أي تجاذبات سياسية، من شأنها إغراق البلاد في آتون حرب عبثة لا منتصر فيها”.
وعن جدوى الدور الإفريقي في حل الأزمة السودانية وأهمية وجوده في مفاوضات “جدة”، أكد “سليم”، أن الاتحاد الإفريقي تقع عليه مسؤولية في المشاركة في إيجاد حلول ومناقشتها في الوساطات المختلفة، ولكن هل هو قادر على إرغام طرفي النزاع على الجلوس على طاولة المفاوضات؟ في الحقيقة لا؛ لأن هناك العديد من الصراعات التي نشبت سابقًا في إفريقيا ولم يستطع الإتحاد الإفريقي القدرة على وجود حلول ناجعة لها، ما يعني أن مشاركته لا تتخطى سوى الحضور ومتابعة ما يتم من اتفاقات لتشجع الأطراف على تنفيذه، والتركيز مع الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا إيجاد، على وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين”.
ماهو مستقبل العلاقات السودانية المصرية ما بعد الحرب في الخرطوم؟
وذكر الباحث المصري حديثه بأنّ “العلاقات المصرية – السوادنية، ضاربة بجذور في عمق التاريخ وعلى مدار عقود وهناك حالة من التوافق بين البلدين في العديد من القضايا، وهناك رغبة ملحة من القاهرة، في إيجاد حلول ناجعة للصراع الدائر في السوادان، ومنذ 1820، هناك تاريخ مشترك بين البلدين، والقاهرة لن تتغير رؤيتاها تجاه السوادان، فهي دائمًا داعمة للاستقرار والتنمية في الداخل السوادني”.
وعن مدى التزام الجيش السوداني بتسليم السلطة لحكومة مدنية منذ الاتفاق الإطاري في البلاد، قال “سليم”، “بالطبع ذلك… فرئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، يؤكد مرارًا وتكرارًا على ذلك، ويحدث ذلك من خلال عملية سياسية في البلاد، تصل إلى تسليم السلطة لحكومة مدنية، ولكن يجب عند تسليم السلطة للمدنيين، يتم إبعاد جميع من تلوثت يده بدماء الشعب السوداني، سواء كانوا من النظام البائد، أو أطراف أخرى لا ترغب في استقرار السودان”.