بـ “التزامن مع الإعلان عن استئناف المفاوضات بينهم”… معارك عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في نيالا
احتدمت المعارك العنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع، أمس الثلاثاء 25 تشرين الأول/ أكتوبر، في مدينة نيالا، بجنوب دارفور، وسط تدهور الأوضاع الإنسانية للمدنيين، فيما تعيش الخرطوم على وقع هدوء حذر وانكماش للعمليات العسكرية، بينما يستمر القصف المدفعي من جانب الجيش على غرب مدينة أم درمان، وأم درمان القديمة، في حين قالت تقارير إنه بعد مرور ستة أشهر من الحرب دمّر ما لا يقل عن 33 ألف مبنى في العاصمة الخرطوم.
وقال “مراقبون”: إن قوات الدعم السريع شنت، أمس الثلاثاء، هجومًا عنيفًا على مقر الفرقة 16، وهو امتداد لهجوم بدأته، أمس الأول الإثنين، في محاولة لإسقاط مقر قيادة الجيش المحاصرة منذ أكثر من شهر.
وأكد “المراقبون” استخدام الطرفين للقصف المدفعي بصورة كثيفة ما أدى لتصاعد أصوات دوي الانفجارات، مشيرين إلى مقتل امرأتين، على الأقل، جراء القصف العشوائي.
وقال مصدر عسكري: إن قوات الدعم السريع طوقت مقر قيادة الجيش من جهتي الشمال والشرق، بعد أن سيطرت على مستودعات الفرقة 16 والسلاح الطبي، من الناحية الشمالية، كما سيطرت على منزل الوالي، ومقر الإذاعة من الناحية الشرقية لقيادة الجيش.
عمليات تمشيط واسعة يجريها الجيش
وأكد الجيش أن قواته نفذت عملية تمشيط واسعة في أحياء أم درمان القديمة، حيث تتمركز قوات الدعم السريع في بعض الجيوب،
واتهمت لجان مقاومة “الفتيحاب”, قوات الدعم السريع بإطلاق قذيفة مدفعية، أمس، سقطت قرب بئر يستخدمها المواطنون للحصول على المياه، ما تسبب في مقتل طفل، وإصابة 6 أطفال آخرين.
إلى ذلك، قال متحدث باسم الحكومة، إنه وبعد مرور ستة أشهر من الحرب لا توجد إحصائية دقيقة حول الخسائر الاقتصادية والمادية، في مقابل تأكيدات مصدر عسكري تدمير ما لا يقل عن 33 ألف مبنى في العاصمة.
وكشف ضابط يتبع للاستخبارات العسكرية عن تقديرات رصدتها جهات عسكرية توضح أن 33 ألف مبنى في الخرطوم شهدت دمارًا، كليًا وجزئيًا، وتبين إحصاءات تقديرية بُنيت على مشاهدات من مقاطع فيديو، تدمير مباني القصر الرئاسي بشكل كبير، والمتحف الملحق به، بجانب 29 من مباني الوزارات، بينها مواقع أثرية وتاريخية شيدت إبان حقبتي الحكم، التركي والانجليزي، خلال القرن الماضي.
المسؤولون السودانيون تدمير 29 مقرًا حكوميًا
وقال مسؤولون إن 29 مقرًا حكوميًا دمر بالكامل في الخرطوم، إضافة إلى نحو 82 موقعاً آخر تعرض لتدمير جزئي، وأكدوا تدمير 28 من فروع البنوك التجارية، بجانب أجزاء من مبنى بنك السودان المركزي، وتدمير 19 رئاسة بنك وحرق مبان ومجمعات كبيرة، بينها برجا الفيحاء والتضامن، وعفراء مول والبنك الأهلي المصري ودار الشرطة ببري، ومقر وزارة العدل، وعدد من المحاكم، ودمرت نحو 6 محطات مياه كبيرة، وأكثر من 158 سوقًا رئيسيًا، و835 مصنعًا.
استعادة المسار المدني
على صعيد آخر، توقع جعفر حسن، المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي، نجاح الجهات المجتمعة في أديس أبابا في تشكيل اللجنة التي ستدعو للمؤتمر العام للجبهة المدنية.
وقال حسن أمس الثلاثاء، إن الجهات المختلفة ستعمل على إيجاد تصورات مبدئية للتأسيس الدستوري ، مضيفًا “لا نريد أن نستبق الأحداث، لكن هذه قضايا شبه متفق عليها”، وأوضح، أن التأخير في تشكيل الجبهة المدنية المناهضة للحرب يعود بصورة جزئية، إلى أن الجهات المؤمنة بهذه الخطوة والمشاركة في الاجتماع التأسيسي حاليًا في أديس ابابا، لا يجمعها كيان واحد.
وأضاف حسن، “هناك جهات متعددة، وكان لا بد أن تحدث بينها نقاشات لتقريب وجهات النظر”.
وتابع قائلًا “لكن المهم في الأمر أن الجميع متفقون على الهدف الاستراتيجي وهو إيقاف الحرب واستعادة المسار المدني”.
الولايات المتحدة الأمريكية تطلب من الدعم السريع الكف عن القصف المدفعي
وكانت الولايات المتحدة قد دعت في الأسبوع الماضي قوات الدعم السريع إلى الكف عن القصف المدفعي الذي يستهدف الأحياء السكنية في جنوب دارفور ومناطق أخرى من العاصمة الخرطوم، وقالت: إنها على علم بتقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع تحاصر مدينة نيالا تمهيدًا لشن هجوم يدفع السكان للفرار إلى بر الأمان، وإن هناك معارك تدور بين الطرفين داخل المدينة.
ودرجت قوات الدعم السريع منذ نشوب الحرب، منتصف نيسان/ أبريل الماضي، على مهاجمة الفرقة “16” التي تعد من أكبر القواعد العسكرية للجيش السوداني في إقليم دارفور.
وخلال الأشهر الماضية، شهدت مدينة نيالا مواجهات عنيفة بين الجيش والدعم السريع خلفت مئات القتلى والجرحى وموجات نزوح تقدر بالآلاف إلى خارج الولاية.
تصاعد وتيرة القتال و مفاوضات جدة قائمة
وتصاعدت وتيرة القتال في اليومين الماضيين لتشمل مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، بالتزامن مع الإعلان عن استئناف المفاوضات بين الطرفين، الخميس، في إطار “منبر جدة”، برعاية من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية.
ويسود جو حذر من نتائج المفاوضات، في ظل إصرار كل طرف على مواقفه، في انتظار تحقيق تقدم كبير على الأرض، ونظر السودانيون بكثير من الريبة في حدوث انفراج سياسي يؤدي إلى وقف للنار، لكن “مراقبين” يرون بصيص أمل في أن تكون هذه الجولة من المفاوضات حاسمة، خاصة بعد فشل كل من الطرفين المتقاتلين في حسم المعارك الدائرة في العاصمة أو دارفور.
وفي سياق متصل، قالت نائبة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، كليمنتاين نيكوتا سلامي، بمناسبة يوم الأمم المتحدة، إن “السودان يواجه واحدة من أسرع الأزمات نموًا في العالم، في ظل احتياجات غير مسبوقة”.
وأضافت في بيان نُشر على موقع البعثة الأممية في موقع فيسبوك: “بالنيابة عن أسرة الأمم المتحدة في السودان، أدعو جميع الأطراف إلى وقف القتال والالتزام بوقف دائم للأعمال العدائية”، ودعت سلامي الطرفين إلى التقيد بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان لحماية المدنيين. وشددت سلامي على أنه “كلما طال أمد القتال أصبح تأثيره أكبر تدميرًا”.
وقالت المسؤولة الأممية، إن بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونتاميس) ثابتة في سعيها لحماية حقوق الإنسان، ومستمرة في تسجيل ورصد الانتهاكات.