سالم عبد الهادي يكتب في “بوليتكال كيز | Political Keys”: بعد “طوفان الأقصى”… هل ستقتحم إسرائيل غزة برّيًّا؟
أربكت عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة باتجاه الأراضي المحتلة، السبت 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، الكيان الصهيوني بكامله، وسببت له صدمة لم تتراجع مع الوقت، كما قيدت خياراته في الرد بسبب مجموعة من العوامل الجيواستراتيجية.
بدأت عملية “طوفان الأقصى” بتسلل حوالي ألف مقاتل من المقاومة الفلسطينية في غزة إلى المستوطنات في غلاف القطاع، وهي زيكيم، وإيرز، وسظ بيروت، وكفر عزة، وناحل عوز، ونتيفوت، وبئيري، وأوفاكيم، وماغين، وصوفة، وكرم أبوسالم، وكان طول الجبهة المفتوحة أكثر من 55 كم وعمقها أكثر من 20 كم، وحققت اختراقًا ناجحًا داخل الأراضي المحتلة، وتساقطت أمامها الدفاعات الإسرائيلية خلال ساعات، لتعلن إسرائيل والولايات المتحدة صدمتهما من عدم حصولهما على معلومات استخباراتية سابقة تفيد بأن فصائل المقاومة الفلسطينية تخطط لشن هكذا عملية.
في المقابل، ورغم كونها في حالة صدمة، أطلقت إسرائيل عملية “السيوف الحديدية”، وشنت هجومًا جويًّا مكثفًا على غزة، كما تحاول استعادة السيطرة على المناطق التي توغلت فيها المقاومة الفلسطينية وإعادة التوازن، وقد وقع الكابينت الإسرائيلي بالفعل رسميا على أن “إسرائيل في حالة حرب”، وهو ما لم يحدث منذ عام 1973.
وتشير الإحصائيات حتى اللحظة، إلى أن هناك أكثر من 600 قتيل إسرائيلي، وأكثر من 2000 مصاب والمئات منهم في حالة حرجة، بالإضافة إلى أكثر من 100 أسير وقعوا في يد مقاتلي غزة، وربما سوف يعتمد مصير الأحداث القادمة مستقبلا عليهم، وعلى الجهة الأخرى، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد أكثر من 370 وإصابة أكثر من 2200 نتيجة القصف الإسرائيلي الكثيف والمتواصل على غزة.
السؤال الذي يطرح نفسه، هل ستقوم إسرائيل باقتحام غزة بريًّا إذا هي سيطرت على الأوضاع داخل الأراضي المحتلة؟
لقد شهدت إسرائيل بالفعل دعوات من داخل الحكومة تنادي باقتحام غزة بريًّا، وسابقًا تباهت إسرائيل كثيرًا بأن بإمكانها احتلال غزة في بضع ساعات، لكن يبدو أن المشهد على أرض الواقع مختلف، والأمور أعقد من ذلك بكثير، فبالرغم من القدرات العسكرية المتفوقة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي على حساب فصائل المقاومة الفلسطينية، إلا أن الأخيرة تمتلك مجموعة من التحالفات من خارج القطاع بإمكانها الضغط على إسرائيل في حال حاولت اقتحام القطاع.
سابقًا تباهت إسرائيل كثيرًا بأن بإمكانها احتلال غزة في بضع ساعات، لكن يبدو أن المشهد على أرض الواقع مختلف، والأمور أعقد من ذلك بكثير، فبالرغم من القدرات العسكرية المتفوقة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي على حساب فصائل المقاومة الفلسطينية، إلا أن الأخيرة تمتلك مجموعة من التحالفات من خارج القطاع بإمكانها الضغط على إسرائيل في حال حاولت اقتحام القطاع. سالم عبد الهادي – باحث سوري ومحرر في بوليتكال كيز
أبرز الحلفاء الخارجيين هو حزب الله اللبناني الذي يقبع شمال إسرائيل، وقد بدأت التوترات بين لبنان وإسرائيل بالفعل، حيث قاما بتبادل القصف بشكل خفيف على الحدود، كما صرح حزب الله اللبناني أنه “لا يقف على الحياد”، وأنه سيدخل المعركة رسميًّا في حال قامت إسرائيل باقتحام غزة بريًّا.
كما قالت رويترز إن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أعرب عن دعمه لعملية طوفان الأقصى، في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر من حماس أن إيران دعمت العملية قبل بدايتها.
كل هذه العوامل تصعب على إسرائيل عملية اقتحام غزة بريا، أضف إليها قدرات فصائل المقاومة الفلسطينية التي لا يستهان بها والتي صدمت إسرائيل صدمة لن تنساها في تاريخها، وجيشها يعاني بالفعل في قتال حوالي ألف مقاتل داخل المستوطنات، فكيف به إذا دخل إلى أراض جديدة عليه تعتبر العرين الأوحد لفصائل المقاومة، وهو ما سيكبد إسرائيل قتلى وخسائر كبيرة جدًّا لو فعلت ذلك، وسيهز ثقة الشعب الإسرائيلي أكثر وأكثر، حيث قال هذا الشعب “لماذا كان علينا تكبد 3 آلاف قتيل في أكتوبر 1973”.
أما العامل الأبرز والأهم، والذي يعتبر بمثابة ورقة رابحة في يد المقاومة الفلسطينية، فهم الأسرى والرهائن الإسرائيليون الذين تم تأمينهم في غزة للمفاوضة عليهم لاحقًا، وبحسب تقديرات إسرائيلية فإن عددهم حوالي 100 وبينهم ضباط في الجيش الإسرائيلي وجنود ومدنيون، لكن المتحدث باسم كتائب القسام أكد أن عدد الأسرى والرهائن الإسرائيليين يفوق ما يتصوره نتنياهو، دون أن يكشف عن عددهم حاليا.
العامل الأبرز والأهم، والذي يعتبر بمثابة ورقة رابحة في يد المقاومة الفلسطينية، فهم الأسرى والرهائن الإسرائيليون الذين تم تأمينهم في غزة للمفاوضة عليهم لاحقًا، وبحسب تقديرات إسرائيلية فإن عددهم حوالي 100 وبينهم ضباط في الجيش الإسرائيلي وجنود ومدنيون. سالم عبد الهادي – باحث سوري ومحرر في بوليتكال كيز
لذلك، يبدو مما سبق، أن خيارات إسرائيل في الرد على عملية “طوفان الأقصى” محدودة، ومن المرجح أن تكتفي حاليا بإعادة السيطرة على المستوطنات والمناطق التي توغل فيها مقاتلو المقاومة، وتوجيه ضربات عنيفة ومكثفة جوية على قطاع غزة، حيث صرح نتنياهو أن إسرائيل “ستدمر قدرات حماس والجهاد الإسلامي”، لكن القصف الإسرائيلي سيتوقف بصفقة تبادل أسرى تتوسط فيها أطراف دولية فاعلة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.