ترجمات

هل نجحت قمة مجموعة العشرين في نيودلهي؟

بقلم: سوميت جانجولي

المصدر: فورن بوليسي

ترجمة: بوليتكال كيز

اُختُتم الاجتماع السنوي لمجموعة العشرين، الذي يجمع بشكل فضفاض الاقتصادات الرائدة في العالم، في نيودلهي في نهاية الأسبوع الماضي.

عندما تأسست المجموعة في عام 1999، كانت تهدف إلى العمل كمنتدى للمناقشة والتنسيق حول النمو الاقتصادي العالمي والاستقرار المالي، ومنذ ذلك الحين توسعت أجندتها بشكل كبير، لتشمل قضايا مثل التجارة، وتغير المناخ، والهجرة الدولية، لكن التعاون حول هذه القضايا عانى من اضطرابات خلال إدارة ترامب، حيث لم تكن الولايات المتحدة في ذلك الوقت مهتمة بالدبلوماسية المتعددة الأطراف.

وباعتبارها زعيمة لمجموعة العشرين هذا العام، كانت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عازمة على تحقيق الاستفادة القصوى من القمة.

كان لدى مودي جمهوران مختلفان في ذهنه لهذا الحدث، جمهور محلي وجمهور خارجي، يقترب الزعيم الهندي وحزبه الحاكم بهاراتيا جاناتا بثقة من إجراء انتخابات وطنية في العام المقبل، نظرا لحالة المعارضة السياسية الهزيلة في البلاد.

لكن مودي أراد الاستفادة من ضجة مجموعة العشرين بحضور بعض أقوى زعماء العالم في نيودلهي لتسليط الضوء على أهمية الهند في النظام العالمي الناشئ، وكان عازمًا أيضًا على ترسيخ ما يعتبره هو وغيره من الزعماء الهنود مكانة الهند كزعيم للجنوب العالمي.

ترى القيادة الهندية أن قمة نيودلهي كانت ناجحة لأنها وجهت الأعضاء نحو الإجماع حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك زيادة التمويل للبنك الدولي الذي يستهدف الجنوب العالمي، وفي أعقاب هبوط الهند الأخير على سطح القمر، كان الاجتماع بمثابة انتصار آخر للقوة الناعمة لنيودلهي.

ولكن على الرغم من المزاج الاحتفالي بين المسؤولين الهنود، فإن مجموعة العشرين لا تزال عند نقطة تحول، في البداية، غاب كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ عن القمة.

ومن المرجح أن بوتين اختار عدم حضوره بسبب الإحراج الذي يفرضه عليه لقاء نظرائه الأوروبيين، ناهيك عن الرئيس الأمريكي جو بايدن، ومن ناحية أخرى، بدا أن الرئيس الصيني “شي” يبتعد عن مودي، حيث إن الصين والهند كانتا على خلاف منذ الاشتباك العسكري المميت على حدودهما المتنازع عليها في عام 2020، ومن غير المرجح أن تنحسر هذه التوترات بسهولة قريبا.

وعلى صعيد آخر، لا تظهر حرب روسيا في أوكرانيا أي علامات على نهايتها، وقد ثبت في الأغلب أن أمل بوتين في تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا كان خاطئا.

بالمقابل، بقيت العلاقات بين الصين والهند مضطربة للغاية، وهو ليس من المرجح أن يستمر في المستقبل المنظور.

يدعو هذان الشرخان الرئيسيان إلى التشكيك في قدرة مجموعة العشرين على تعزيز التعاون في مواجهة التحديات العالمية، من معالجة تغير المناخ إلى تعزيز التجارة العالمية.

وحتى في غياب مثل هذه الانقسامات، فقد أحرزت الكتلة تقدمًا محدودًا في العديد من أهدافها المعلنة، ويبدو أن احتمال تحقيق خططها السامية أصبح الآن أكثر هشاشة من أي وقت مضى.

ورغم أن أعضاء مجموعة العشرين تمكنوا من صياغة إعلان توافقي في القمة التي عقدت في نيودلهي، إلا أن ذلك غطى على العديد من الخلافات.

قالت الوثيقة النهائية إنه يتعين على الدول “الامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها سعيًا للاستيلاء على الأراضي”، لكن لم تكن هناك حتى الآن إدانة صريحة للغزو الروسي لأوكرانيا.

كان هذا بلا شك بمثابة حل وسط بين الأطراف ذات وجهات النظر المختلفة حول الحرب، ويتناقض هذا مع الإعلان الذي صدر في بالي بإندونيسيا العام الماضي، عندما وافقت الصين وروسيا على بيان القادة الذي تضمن إدانة صريحة للغزو.

ربما بناءً على طلب من الهند، تضمن البيان أيضًا لغة حول تخفيف ضعف الديون في الجنوب العالمي وشدد على الحاجة إلى تعزيز استراتيجيات التنمية المستدامة وتحقيق الأهداف المناخية التي حددها اتفاق باريس لعام 2015.

وأكدت الوثيقة على الأهداف المتفق عليها سابقا وحثت الأعضاء على تخصيص شريحة أولية قدرها 100 مليار دولار لهذا المسعى؛ كما حددت هدفًا يتمثل في تحقيق صافي انبعاثات صِفر بحلول عام 2050.

وبطبيعة الحال، بشرت القيادة السياسية في الهند بهذه التطورات كدليل على مكانتها الجديدة كقائد على المسرح العالمي.

وبمبادرة من الولايات المتحدة، وقع أعضاء مجموعة العشرين مذكرة تفاهم لمتابعة الممر الاقتصادي الطموح بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

إذا تحقق هذا المشروع، فسيشمل المشروع الذي يمتد على القارة كابلات تحت البحر لتسهيل الاتصالات وإنشاء شبكات طاقة نظيفة وضمان روابط إنترنت آمنة.

وعلى نفس القدر من النطاق، كان اقتراح الشراكة العالمية المصممة للاستفادة من رأس المال العام لتعبئة استثمارات القطاع الخاص في البنية التحتية عالية الجودة.

وبالنظر إلى تركيز كل من هذه المشاريع، يبدو أنها تمثل مجتمعة جهدا لتقديم بديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

إن هذه الأهداف والمشاريع جديرة بالثناء، ولكن أيًّا منها لا يرقى إلى مستوى التزامات ملزمة، كما لم يوضح البيان أي مسارات محتملة نحو تنفيذ أهدافه، بما في ذلك قضايا التخفيف من آثار تغير المناخ.

ومع ذلك، ليس هناك شك في أن حكومة مودي سوف تستفيد انتخابيا من النجاح الواضح الذي حققته القمة، ومن المرجح أيضًا أن يضيف هذا بعض البريق إلى مكانة الهند العالمية، وهو هدف طويل الأمد يشمل الطيف السياسي في البلاد.

ومع ذلك، فمن غير الواضح على الإطلاق ما إذا كان مبلغ 120 مليون دولار الذي خصصته الخزانة الهندية لاستضافة هذا الحدث سيؤدي إلى تخفيف المشاكل السياسية التي لا تزال تعاني منها الهند.

وعلى الرغم من التزام مودي العلني بـ”رؤية الشمولية”، فإن حكومته مسؤولة عن ملاحقة سياسات مثيرة للخلاف في الداخل، مما يؤدي إلى تهميش الأقلية المسلمة التي يبلغ تعدادها 200 مليون نسمة في البلاد.

وبينما تقوم الهند بتسليم رئاسة مجموعة العشرين إلى البرازيل، فإن العديد من الأهداف التي تم تسليط الضوء عليها في قمة نهاية الأسبوع الماضي سوف يتم التأكيد عليها من جديد بل وحتى توسيع نطاقها، ولكن نظرا للاختلافات الهيكلية الدائمة التي تزعج الكتلة، فإن أي قدر من التفاهات والضجة لن يغطي على إنجازاتها الملموسة المحدودة.

بواسطة
بواسطة
المصدر
المصدر

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى