القوى العظمى تتصارع على “الموانئ الفضائية” في شرق أفريقيا
شهد شرق أفريقيا اهتمامًا متزايدًا من القوى العالمية التي تسعى للاستفادة من المزايا الجغرافية للمنطقة لبناء مواقع لإطلاق الصواريخ، ورغم انتشار مشاريع الفضاء، لا تزال هناك تساؤلات حول نجاح هذه الخطط.
أعلنت وكالة الفضاء الكينية في أيار/ مايو عن خطتها الإستراتيجية للفترة 2023-2027، التي تتضمن بناء ميناء فضائي كهدف رئيسي، وتأمل في تحقيق 80% من المشروع بحلول عام 2027، وتسعى الوكالة للحصول على تمويل من الميزانيات الوطنية المقبلة، وتعمل حاليًا بميزانية متواضعة تبلغ 1.5 مليون دولار سنويًا، لكنها تخطط لزيادة هذه الميزانية إلى 51 مليون دولار في السنة المالية 2024-2025.
تتعاون كينيا مع إيطاليا في قطاع الفضاء منذ عام 1964، وتسعى الآن لبناء موقع إطلاق جديد بعد توقف إطلاق الصواريخ من القاعدة الإيطالية في ماليندي عام 1988 كما أطلقت أول قمر صناعي لها في 2023 من كاليفورنيا بمساعدة Space X.
ووفقًا لمعلومات حصلت عليها “بوليتكال كيز | Political Keys”، فإنّ السعودية تسعى لتعزيز دورها الفضائي من خلال صياغة إطار تنظيمي واستخدام استشارات خارجية لإجراء دراسة جدوى لبناء ميناء فضائي، مع خطط لإتمام الدراسة في العام المقبل.
وفي خطتها، تتصور المملكة العربية السعودية، التي تعمل حاليًا بميزانية سنوية متواضعة تبلغ 200 مليون شلن (1.5 مليون دولار)، أن يكون لديها مبلغ أكبر بكثير يبلغ 51 مليون دولار للعمل به في السنة المالية 2024-2025، وقد دفعها هذا الطموح إلى تكثيف شراكاتها الدولية، ولا سيما مع وكالة الفضاء الحكومية الأوكرانية في شهر شباط/ فبراير.
تشكل منطقة شرق أفريقيا، بقربها من خط الاستواء والمحيط الهندي، فرصة استراتيجية للقوى الفضائية الكبرى التي تسعى لتعزيز قوتها الناعمة وتحقيق مصالح تجارية، في إطار تعزيز هذه الجهود، تستعد نيروبي لاستضافة معرض ومؤتمر كينيا الفضائي الثاني في حزيران/ يونيو، بعد استضافة لواندا لمؤتمر NewSpace Africa الثالث في نيسان/ أبريل.
تتجه الأنظار إلى شرق أفريقيا كمنطقة محورية في سباق الفضاء العالمي، وسط تحالفات دولية ومشاريع طموحة قد تعيد تشكيل مستقبل الفضاء في القارة.
مواجهة النفوذ الصيني والروسي في القارة السمراء
في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الكيني ويليام روتو لتعزيز علاقات بلاده مع الولايات المتحدة، تظهر مشاريع فضائية طموحة في المنطقة، فقد قامت سيدة الأعمال الأمريكية سيلينا هايز وشركتها Hayes Group International باقتراح بناء ميناء فضائي في لامو، كينيا، بتكلفة تصل إلى ملياري دولار، ويستهدف المشروع، الذي يُنظر إليه كشراكة بين القطاعين العام والخاص، تعزيز التعاون الفضائي لمواجهة النفوذ الروسي والصيني في إفريقيا.
وكانت أنجولا أطلقت قمرها الصناعي الثاني من روسيا في 2022، مما يعكس التعاون الفضائي الوثيق بين الدول الإفريقية وروسيا، وفي الوقت نفسه، تهدف جيبوتي، بدعم من الصين، إلى أن تصبح مركزًا فضائيًا، ورغم توقيع مذكرة تفاهم مع شركات صينية في 2022 لبناء ميناء فضائي، لا تزال المفاوضات متعثرة.
تسعى جيبوتي أيضًا لإطلاق قمرها الصناعي النانوي الثاني، جيبوتي-1بي، لكن المشروع تأخر بسبب صعوبات مالية لدى شركة مومينتوس الأمريكية الناشئة، ومن المتوقع أن يتم الإطلاق عبر مهمة Transporter-12 وصاروخ Falcon-9 من Space X.
وتشارك دول أخرى في المنطقة في سباق الفضاء، فقد أعلنت تنزانيا عن خطط لإنشاء وكالة فضاء وإطلاق قمر صناعي، كذلك أطلقت أوغندا قمرها الصناعي PearlAfricaSat-1 من الولايات المتحدة في 2022، بينما أرسلت رواندا قمرها الأول عبر صاروخ روسي في 2019، وأطلقت إثيوبيا قمرها الأول في 2019، وتسعى لتعزيز التعاون الفضائي مع روسيا.
يعكس هذا السباق الفضائي الطموح المتزايد لدول شرق أفريقيا في تعزيز قدراتها الفضائية وتوسيع شراكاتها الدولية، وسط منافسة قوية بين القوى العالمية على النفوذ في المنطقة.