رئيس مجلس السيادة السوداني ورئيس جمهورية إفريقيا الوسطى يتقاربان “بسرية”… على حساب من؟
وفقًا لمعلومات خاصة حصلت عليها “بوليتكال كيز | Political Keys”، أجريت اتصالات سرية في الأسابيع الأخيرة بين حاشية رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى ورئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، اللذين يأملان في التغلب على العقبات المتبقية والاجتماع قريبا.
وبحسب ما اطلعت عليه “بوليتكال كيز | Political Keys”، يسعى رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، فوستين أرشانج تواديرا، إلى توثيق العلاقات مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في الخرطوم.
وأفادت مصادر “بوليتكال كيز | Political Keys” أنه قد عُقدت عدة اجتماعات غير رسمية في بروكسل والخرطوم ودبي في الأسابيع الأخيرة بين كبار أعضاء جهاز المخابرات العامة السوداني وتواديرا وبعض مستشاريه.
وتحدث رؤساء المخابرات السودانية بصراحة خلال المحادثات عن روابط تواديرا السابقة مع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، وهو قائد قوات الدعم السريع (RSF) وقد انخرط في حرب أهلية مع القوات المسلحة السودانية (SAF) منذ نيسان/ أبريل الماضي.
وأشار تواديرا بدوره إلى دعم الخرطوم لنور الدين آدم، أحد القادة الرئيسيين للجماعات المسلحة النشطة في شمال جمهورية إفريقيا الوسطى، بالقرب من حدودها مع السودان.
ويأمل البرهان إجراء المزيد من المحادثات مع تواديرا لاتخاذ قرار بشأن شكل اتفاقهما الجديد، الأمر الذي قد يؤدي إلى عزل حميدتي في المنطقة.
تحييد نور الدين آدم
وتقول معلومات “بوليتكال كيز | Political Keys” إن بانغي (عاصمة إفريقيا الوسطى) تريد من البرهان تسليم آدم، رئيس الجبهة الشعبية لنهضة إفريقيا الوسطى (FPRC) والمطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية (ICC) بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ويواصل رجال ميليشياته تنفيذ هجمات في منطقة الحدود الثلاثية، التي يزورها بشكل متكرر خلال موسم الجفاف، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في شمال جمهورية إفريقيا الوسطى.
لكن يجب على تواديرا أولًا إقناع البرهان بفوائد النأي بنفسه عن آدم، العدو المعلن لحميدتي والذي تعد قواته أفضل استعدادًا لاتخاذ إجراءات ضد قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي من القوات المسلحة لإفريقيا الوسطى (FACA) التي تم تدريبها جزئيًا على يد مدربين من القوات شبه العسكرية الروسية، مجموعة فاغنر، ولكنهم يظلون يفتقرون إلى الخبرة وهم سيئو التجهيز إلى حد كبير.
وقد يرى البرهان أن الروابط بين وزير الثروة الحيوانية في جمهورية إفريقيا الوسطى، حسن بوبا، الذي تولى منصبه لفترة طويلة، وقوات الدعم السريع تمثل عقبة إضافية.
بوبا، وهو مجرم حرب مزعوم آخر، هو زعيم من قبيلة الفولانيين ويسيطر على العديد من الفصائل المسلحة في المناطق النائية من البلاد، وخاصة في الشمال الشرقي بالقرب من السودان، مما يمنحه دورًا مهيمنًا في جهاز تواديرا الأمني.
تجديد العلاقات الغربية
ويعد التغيير التدريجي لاستراتيجية بانغي مع السودان جزءًا من محاولة مستمرة لإعادة التوازن إلى علاقاتها الدبلوماسية، ولا يزال تواديرا يتعرض لضغوط من روسيا وفاغنر، وبالتالي يريد تجديد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول الغربية، بدءًا بالولايات المتحدة وفرنسا.
وكجزء من هذا التقارب، وقعت بانغي صفقة مع شركة التشغيل الأمريكية بانكروفت لتوفير المدربين والدعم لجيش إفريقيا الوسطى مقابل الحصول على تصاريح التعدين الرئيسية، وتريد واشنطن عرقلة خطة فاغنر لإقامة محور مع حميدتي في السودان، وتنشط بشكل خاص في محاولة احتواء نفوذ موسكو في كل من بانغي والخرطوم.
ولاحظت بانغي أيضًا ما يبدو أنه دعم متزايد للبرهان من القوى الإقليمية، فضلًا عن اللاعبين الرئيسيين الآخرين في مجموعة البريكس+، مثل إيران، التي أعاد البرهان إقامة العلاقات الدبلوماسية معها في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ويخطط الجنرال السوداني قريبا لزيارة طهران، التي سلمت مؤخرا عدة شحنات من المعدات العسكرية.
تنسيق مبادرات السلام
وتسعى بانغي إلى إقامة علاقات أوثق على وجه الخصوص مع الجزائر، التي يبدو أنها تؤيد البرهان مع الحفاظ على ما يشبه الحياد، ويود تواديرا مناقشة الوضع في السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
الجزائر شريك مميز لروسيا والولايات المتحدة وإيران وتريد المساعدة في حل الصراع المستمر منذ عام تقريبًا في السودان.
في تشرين الثاني/ نوفمبر، عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة مبعوثًا شخصيًا له إلى السودان.
بصفته رئيسًا لجامعة الدول العربية، حاول تبون في عام 2023 إطلاق وتنسيق مبادرة سلام في السودان تحت رعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، لكن البرهان يشتبه في تدخل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) وسعى إلى إضعافها، حيث قام بتعليق علاقات السودان مع الكتلة في 16 كانون الثاني/ يناير بسبب محاولة الوساطة، وبعد عشرة أيام فقط، قام البرهان بزيارة رسمية إلى الجزائر حيث استقبله تبون، الذي قال إنه مستعد لاستخدام ولايته في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاقتراح وساطة داخلية خالية من أي تدخل أجنبي.
وحضر المحادثات بين الزعيمين رؤساء المخابرات الأجنبية في البلدين، ورئيس المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي في الجزائر، الجنرال مهنا جبار، ورئيس المخابرات العامة السودانية، أحمد مفضل.