“بيزنس إنسايدر”: السعودية تختبر سفنها الحربية الجديدة بمهام حقيقية بعد بناء قواتها البحرية
قال موقع “بيزنس إنسايدر” في تقريره الذي ترجمته “بوليتكال كيز | Political keys”: إنّ القوات البحرية السعودية قطعت شوطًا طويلًا في السنوات الأخيرة، حيث حصلت الرياض على سفن حربية أكثر تقدمًا وأبدت استعدادًا متزايدًا للمشاركة في قوات المهام البحرية في الخليج العربي وحتى قيادتها.
وأضاف الموقع أنّ هذا الأمر يعكس التغيير الاستثمار السعودي في جيشها ردًا على مجموعة متزايدة من التهديدات في المنطقة، فضلًا عن رغبة الرياض في تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة للدفاع عن الأراضي والمصالح السعودية.
وقد ابتعدت القوات البحرية الملكية السعودية عن “سمعتها التي استمرت لعقود من الزمن كقوة بحرية مترددة” من خلال تولي قيادة فرقتي عمل بحريتين في المنطقة – تنتميان إلى القوات البحرية المشتركة وهيئة الأمن البحري الدولي، على التوالي – في أواخر آب/ أغسطس والتي أظهرت “تحولًا كبيرًا” في “التفكير البحري” للرياض، كما كتب ليوناردو جاكوبو ماريا مازوكو، المحلل في شركة جلف ستيت أناليتيكس، لمركز ستيمسون في تشرين الأول/ أكتوبر.
السعودية تسعى لتقليل الاعتماد على أمريكا في الدفاع عن مصالحها
وأوضح “بيزنس إنسايدر” أنّ المملكة اعتمدت منذ فترة طويلة على الحماية الأمريكية والدعم العسكري، حيث ركز الجيش السعودي في المقام الأول على مواجهة التهديدات الجوية والبرية إلا أنه افتقر إلى الأفراد المدربين جيدًا.
وتابع: لكن مع تزايد التهديدات غير المتكافئة التي تواجه المملكة العربية السعودية من منافسين مثل إيران و”المتمردين” الحوثيين في اليمن، أثبتت الرياض استعدادها بشكل متزايد لتقليل اعتمادها على واشنطن كضامن لأمنها.
من جانبها، أشارت “ليوناردو جاكوبو ماريا مازوكو” وهي باحثة متخصصة في الشؤون الأمنية لمنطقة الخليج. أيضًا محللة في (GSA) إلى أن المملكة العربية السعودية تتخذ خطوات ملموسة لتحديث أسطولها وإظهار قدراتها على استخدام سفنها الحربية الجديدة في “سيناريوهات العالم الحقيقي”، والتي تشمل “زيادة مساهماتها في تحالفات الأمن البحري التي تقودها الولايات المتحدة” واتخاذ “المزيد من الأدوار البارزة” في حماية الطرق البحرية على طول سواحلها الطويلة.
ففي السنوات الأخيرة، كانت البحرية السعودية تتألف بشكل أساسي من فرقاطات من طراز “المدينة” و”الرياض”، بالإضافة إلى “طرادات” من طراز “بدر” وسفن دورية من طراز الصديق، والتي تم تشغيل العديد منها في الثمانينيات.
الرياض تقوم بتحديث أسطولها البحري
كما تقوم الرياض، وفقًا للموقع، بتحديث هذا الأسطول بخمس طرادات جديدة من طراز “Avante 2200″، تم طلبها من إسبانيا في عام 2018 بموجب عقد بقيمة 1.79 مليار دولار. وتأتي هذه السفن الحربية مجهزة بطوربيدات وصواريخ Harpoon المضادة للسفن وصواريخ RIM-162 للدفاع الجوي ومدفع 76 ملم قادر على الاشتباك مع الأهداف الجوية والسطحية.
وقد وصلت أولى الطرادات الإسبانية الصنع، الجبيل، إلى القاعدة البحرية السعودية في جدة في أغسطس 2022. وتتوقع الرياض أن تستقبل جميع السفن الخمس بحلول عام 2024. وستنضم إلى الأسطول الغربي السعودي، المسؤول عن حماية البحر الأحمر الشاسع في المملكة العربية السعودية. حيث هدد الحوثيون المتمركزون في اليمن مرارًا وتكرارًا الشحن الدولي والسفن الحربية الأجنبية. بحسب “بيزنس إنسايدر”.
كما يتوقع الأسطول الشرقي السعودي أن يبدأ في استلام السفن القتالية السطحية متعددة المهام الأربع التي طلبها كجزء من عقد بقيمة 1.96 مليار دولار مُنح لشركة لوكهيد مارتن في عام 2019. وتعتمد تلك السفن على السفينة القتالية الساحلية من فئة Freedom وستكون السفن الأكثر تطورًا في الأسطول الشرقي عندما تدخل الخدمة في النصف الثاني من هذا العقد.
وأشار الموقع إلى إن شراء مثل هذه السفن الحربية وأخذ زمام المبادرة في فرق العمل البحرية المتعددة الأطراف يدل على التزام الرياض بالبقاء قوة بحرية هائلة في المنطقة.
في السبعينيات، قامت إدارة نيكسون بالاستعانة بمصادر خارجية لتوفير الأمن في الخليج العربي لإيران في عهد الشاه الأخير، الذي بنى أقوى قوة بحرية في المنطقة وسيطر على هذا المسطح المائي الصغير ولكن المهم استراتيجيًا، بشكل أساسي بفرقاطات تم الحصول عليها من المملكة المتحدة. قبل سقوط نظامه في عام 1979، تصور الشاه أن السفن الحربية الإيرانية ستقوم بدوريات على طول شرق إفريقيا، وفي نهاية المطاف، المحيط الهندي.
القوة البحرية الإيرانية تضاءلت خلال فترة ثمانينات القرن الماضي
وقد تضاءلت القوة البحرية الإيرانية بشكل كبير خلال الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات. وخلال ذلك العقد، أطلقت المملكة العربية السعودية أول برنامج لتعزيز البحرية السعودية، والذي جهز قواتها البحرية بسفن حربية أمريكية وفرنسية وبريطانية حديثة.
ويعد التعزيز الحالي، الذي يسمى برنامج تعزيز البحرية السعودية II، أو SNEP II، هو الأهم منذ ذلك الحين.
وعلى الجانب الآخر من الخليج، تستثمر إيران في قوتها شبه العسكرية القوية التابعة للحرس الثوري الإيراني أكثر من استثماراتها في قواتها المسلحة النظامية.
على عكس البحرية التقليدية الإيرانية، التي لديها أسطول قياسي من الفرقاطات والطرادات، تستخدم بحرية الحرس الثوري الإيراني الزوارق السريعة والقطارات في المقام الأول لعمليات الكر والفر ضد خصوم أكبر وأفضل تجهيزًا.
ماهو هدف المملكة من التوسع التدريجي لقواتها البحرية؟
ويهدف التوسع التدريجي للمملكة العربية السعودية وتحديث قواتها البحرية في إطار برنامج “SNEP II” إلى تحسين قدرتها على مراقبة المياه المحيطة بها ودورياتها والدفاع ضد الهجمات المحتملة من قبل إيران أووكلائها.
ولا يعني هذا الحشد أن المملكة العربية السعودية تتوقع أو تسعى إلى حرب مع إيران أو أنها تتطلع إلى الفوز في سباق تسلح وإزاحة القوة البحرية الإيرانية. ما تشير إليه استثمارات الرياض ودورها النشط المتزايد في المنطقة هو الرغبة في أن تكون مجهزة ومستعدة للرد على الأزمات أو التهديدات أو الصراعات دون الحاجة إلى انتظار سلاح الفرسان الأمريكي لنجدتها.