المفتاح الاستخباراتي

تحليل استخباراتي “عميق” يكشف كيف تمكنت إسرائيل من اختراق حزب الله

تطور وتنوع المعلومات الاستخباراتية مكّن القوات الإسرائيلية من تحقيق تفوق في مواجهاتها مع حزب الله اللبناني، وقد قامت ”بوليتكال كيز | Political Keys” بجمع وتحليل المعلومات لهذه العمل الأمني.

خلال حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، حاولت إسرائيل اغتيال حسن نصر الله ثلاث مرات دون نجاح، في إحدى المحاولات، أخطأت الضربات الجوية الهدف بعد مغادرة نصر الله الموقع قبل الهجوم، بينما فشلت محاولات أخرى في اختراق التحصينات الخرسانية العميقة التي كان يتحصن بها.

ولكن في عملية نوعية حديثة، تمكن الجيش الإسرائيلي من تصحيح هذه الأخطاء عبر تتبع نصر الله إلى ملجأ عميق تحت مجمع سكني في جنوب بيروت، وأسقطت طائرة من طراز F-15 ما يصل إلى 80 قنبلة لتدمير الموقع المستهدف، حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية.

هذا النجاح العسكري الأخير، والذي ترافق مع ضربات مدمرة ضد حزب الله في الأشهر الماضية، يخفي حقيقة مهمةفإسرائيل لم تحقق هذا التفوق إلا بعد ما يقارب أربعة عقود من الصراع، ويعود الفضل في هذه التغيرات إلى التطور الكبير في نوعية وعمق المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها إسرائيل عن حزب الله، بدءًا من اغتيال فؤاد شكر، أحد قيادات الحزب، في تموز/ يوليو 2024.

والمسؤولون يشيرون إلى تحول استراتيجي كبير في جمع المعلومات الاستخباراتية بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها خلال حرب 2006، فوحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200 ومديرية الاستخبارات العسكرية “أمان” تمكنتا من جمع كميات هائلة من البيانات، ما سمح لإسرائيل بفهم أعمق للميليشيات.

وتذكر، ميري إيسين، ضابطة استخبارات سابقة، أن إسرائيل اضطرت إلى تغيير جذري في طريقة تفكيرها تجاه حزب الله، ليشمل ليس فقط جناحه العسكري، بل أيضًا طموحاته السياسية وصلاته بالحرس الثوري الإيراني والرئيس السوري بشار الأسد، لقد وصفت الاستخبارات الإسرائيلية حزب الله لقرابة عقد بأنه “جيش إرهابي”، وليس مجرد جماعة إرهابية، مما دفع إسرائيل لدراسته بعمق كما تفعل مع الجيوش النظامية.

ومع نمو قوة حزب الله، بما في ذلك تدخله في سوريا عام 2012 لدعم الأسد، حصلت إسرائيل على فرصة لجمع “صورة استخباراتية” شاملة حول قادته وأنشطته، وفي المقابل، اكتسب مقاتلو حزب الله خبرة قتالية في سوريا، لكن ذلك جعلهم أكثر عرضة للاختراق من قبل الاستخبارات الإسرائيلية.

فالحرب في سوريا وفرت كميات ضخمة من البيانات العلنية، مثل “نعوات الشهداء”، التي استخدمتها إسرائيل لتحليل أصول المقاتلين وأنشطتهم، كما أن جنازات القادة البارزين كانت تكشف وجوهًا جديدة.

وقال بعض المحللين: إن توسع حزب الله في سوريا أضعف رقابته الداخلية وفتح الباب أمام تسلل الاستخبارات، ومن جهته، وأشار إلى أن حزب الله بدأ يفقد انضباطه السابق وأصبح أكثر عرضة للاختراق بسبب الغرور والرضا عن الذات.

واستخدمت إسرائيل تقنيات متقدمة، مثل الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار، لاختراق تحركات حزب الله، وجمعت معلومات حول قادته عبر تحليل الروتين اليومي لعناصره، مما ساعدها في تعقب الفرق المقاتلة واستعدادات الهجمات.

إسرائيل بنت بنك الأهداف خلال سنوات

لكن كل عملية من هذه العمليات تحتاج إلى الوقت والصبر للتطور، وخلال سنوات، تمكنت الاستخبارات الإسرائيلية من بناء بنك أهداف ضخم، حيث حاولت الطائرات الحربية في الأيام الثلاثة الأولى من الحملة تدمير ما لا يقل عن 3000 هدف لحزب الله، وفقًا لتصريحات الجيش الإسرائيلي.

وقال مسؤول سابق: “كانت لدينا الكثير من القدرات والمعلومات الاستخباراتية الجاهزة، وكان بإمكاننا استخدامها منذ وقت أطول، لكننا لم نفعل”، وعلى مدار عشرة أشهر، تبادلت إسرائيل وحزب الله إطلاق النار عبر الحدود، وقتلت إسرائيل مئات من عناصر حزب الله، أغلبهم في منطقة صراع تتوسع ببطء شمال الحدود.

خُدع نصر الله باعتقاده أن الخصمين دخلا في سياسة حافة الهاوية، بانتظار اتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، ليجد حزب الله “مخرجاً” يسمح له بوقف إطلاق النار أيضًا. وبدأ حزب الله إطلاق النار في 8 تشرين الأول/ أكتوبر، تضامنًا مع حماس، محاولاً إبقاء بعض القوة الإسرائيلية محصورة على الحدود الشمالية.

ويقول أحد المحللين: “شعر حزب الله بأنه مضطر للمشاركة، لكنه لم يكن ينوي التصعيد”، ومع ذلك، كان التهديد بشن غارات حدودية، مثل تلك التي نفذتها حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كافياً لإجلاء 60 ألف إسرائيلي من الحدود مع لبنان.

وبحسب مسؤولين، أطلق نتنياهو العنان لأحدث القدرات الهجومية لإسرائيل، وشمل ذلك تفجير آلاف الأجهزة المفخخة التي أُصيب بها أعضاء حزب الله، وبلغت الأحداث ذروتها باغتيال نصر الله، الذي كان هدفاً منذ 2006.

وفي الأيام التي تلت 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كانت هناك محاولة لقتل نصر الله، لكن الغارة ألغيت بطلب من البيت الأبيض، ويوم الجمعة، حددت الاستخبارات الإسرائيلية موقعه في “مخبأ القيادة والسيطرة”، حيث كان يحضر اجتماعًا مع قادة حزب الله وقائد إيراني، وأثناء وجوده في نيويورك، أُبلغ نتنياهو بعملية قتل نصر الله قبل إلقاء خطابه في الأمم المتحدة، وأعطى الموافقة وتمت العملية.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى