المفتاح الاستخباراتي

ابتعاد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط عن الساحة السياسية وسط تصاعد التوترات في ليبيا

تشهد ليبيا توترات سياسية واقتصادية كبيرة منذ منتصف آب/ أغسطس 2024، حيث غاب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات عمر بن قدارة، عن الساحة المحلية وانتقل إلى الولايات المتحدة، وهذه الخطوة جاءت في أعقاب الإطاحة بمحافظ البنك المركزي الليبي وتعيين محافظ جديد من قبل رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، وهذا التطور أدى إلى تعطيل إنتاج النفط في بعض الحقول الحيوية، مما أثار قلقًا كبيرًا في الأوساط المحلية والدولية.

فرحات عمر بن قدارة، الذي شغل منصب محافظ بنك ليبيا المركزي من 2006 إلى 2011، يتمتع بتاريخ طويل في العمل السياسي والاقتصادي في ليبيا، وبعد تعيينه رئيسًا للمؤسسة الوطنية للنفط في عام 2022 بدعم من رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، أصبح بن قدارة أحد الشخصيات المحورية في إدارة موارد النفط الحيوية للبلاد، إلا أن قربه من خليفة حفتر، أثار انتقادات من الدبيبة، خاصة في ظل الأزمات المتفاقمة في قطاع الطاقة، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي الكبير الذي تعاني منه البلاد.

بعد تعيين عبد الفتاح عبد الغفار كمحافظ جديد للبنك المركزي، اختفى بن قدارة عن الأنظار، وانتقل إلى دبي ومنها إلى الولايات المتحدة، ورغم غيابه الجسدي عن ليبيا، إلا أن بن قدارة لا يزال يتمتع بنفوذ كبير، ويُحتمل أن يكون له دور في صياغة مستقبل البلاد السياسي، خاصة فيما يتعلق بالصراع الدائر حول السيطرة على المؤسسة الوطنية للنفط.

الأزمة في قطاع النفط

المؤسسة الوطنية للنفط تُعد العمود الفقري للاقتصاد الليبي ومصدرًا رئيسيًا للإيرادات العامة، ومع غياب بن قدارة، تولى مسعود سليمان، عضو مجلس إدارة المؤسسة، تمثيلها في المحافل الرسمية، ولكن هذا الغياب تسبب في اضطراب كبير داخل المؤسسة، وفي 26 آب/ أغسطس 2024، أعلن رئيس الوزراء في الشرق، أسامة حمد، تعليق إنتاج النفط في عدة حقول رئيسية، بما في ذلك حقل الفيل، وبرر حمد هذا القرار بحالة “القوة القاهرة”، وهي خطوة تهدف إلى الضغط على حكومة الوحدة الوطنية والمجتمع الدولي لمنع تعيين إدارة جديدة للمؤسسة الوطنية للنفط.

رغم أن بعض الحقول استمرت في الإنتاج، إلا أن الأضرار كانت كبيرة على شركات النفط الكبرى، مثل شركة “أكاكوس” للعمليات النفطية، التي تدير حقل الشرارة، أحد أكبر حقول النفط في البلاد، وعلى العكس، تمكنت بعض الشركات مثل “نفوسة للعمليات النفطية”، العاملة في الشرق الليبي، من الحفاظ على تدفقاتها النقدية.

هذا الوضع المعقد وضع المؤسسة الوطنية للنفط في قلب الصراع بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والسلطات المنافسة في الشرق، وبن قدارة، الذي يُعتبر ضامنًا لاستقرار إنتاج النفط في ليبيا، يستطيع من خلال هذا الدور تقديم نفسه للمجتمع الدولي كلاعب أساسي في حل الأزمة.

التوترات بين حكومة الوحدة الوطنية وحفتر

تفاقمت الأزمة السياسية في ليبيا مع تصاعد التوترات بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وحفتر، الذي يدعم حكومة أسامة حمد في الشرق، وكان الدبيبة قد أيد تعيين بن قدارة رئيسًا للمؤسسة الوطنية للنفط، إلا أن علاقتهما توترت مؤخرًا بسبب اتهامات بن قدارة بالتقرب من حفتر وتحميله مسؤولية الأزمات المتفاقمة في قطاع الكهرباء والنفط.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى