خاص | للحديث عن آخر التطورات السياسية في الشأن السوداني… حوار مع الكاتب والباحث المصري “صفوت سليم”
أجرت “بوليتكال كيز | Political keys”، حوارًا خاصًا مع مع الكاتب والباحث المصري المختص بالشأن الافريقي “صفوت سليم” للحديث عن آخر التطورات في الشأن السوداني في ظل انسداد الأفق السياسي في الآونة الأخيرة.
وعن رأيه في مسار الأمور في السودان في ظل انسداد الأفق السياسي، قال الباحث المصري، إنه “في ظل حالة الضبابية التي نشهدها في المشهد السوداني، ومع دخول البلاد في الفوضى جراء الحرب الحامية الوطيس بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وبين ميليشيا الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو، ينذر بكارثة حقيقية لا يستطيع أحد تصور مداها على السودان، وليس مستبعدًا أن نستفيق في ذات صباح على تقسيم البلاد وتفتيتها إلى أجزاء صغيرة، وهو السيناريو الأقرب للحدوث، عند استمرار الحرب أكثر من ذلك”.
وتابع: “الواضح من المشهد الحالي للأزمة السودانية، أن الوسطات الجارية فشلت في تحقيق تقدم يفضي لجلوس البرهان وحميدتي على مائدة حوار واحدة جامعة ترفع شعار السودان أولًا، ومن وجهة نظري أن لقاء الطرفين لن يتم في ظل اختلاف الرؤى ووجهات النظر من جانب، ومن جانب آخر، مساندة قطاع كبير السودانين للجيش السوداني، وتخليهم عن حميدتي قائد ميليشيا الدعم السريع، وهي القوات التي يوجد إجماع على حلها، خاصة أن تاريخها يحمل سجل إجرامي في انتهاك حقوق الإنسان والتصفية العنصرية في دارفور، فكيف سيقبل الجيش أن يضع يده، ويشارك من تلطخت يده بالدماء؟”
وأضاف سليم، أما عن “السيناريوهات المتوقعة إجمالًا، يمكن القول أن الأزمة السودانية، ستطول وليس هناك بوادر لحلها في القريب العاجل؛ لأن الحلول مرهونة بانسحاب أحد طرفي النزاع من المشهد، فهل يتم ذلك؟ أو هل نشهد تخلي ميلشليا الدعم السريع عما حققته من نفوذ خلال السنوات الماضية، والانصهار في الجيش السوداني ويكون هناك جيش نظامي موحد، هدا الأمر المستبعد تمامًا”.
هل تقدم الجيش السوداني على حساب الدعم السريع يساعده في مسالة المفاوضات؟
أما عن تقدم الجيش السوداني في عدد من المناطق ومدى تأثير ذلك على المفاوضات بين طرفي النزاع في البلاد، فاعتبر الباحث المصري، أنّ الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مواقع وجبهات عدة داخل العاصمة السودانية الخرطوم وخارجها، تشير إلى تفوق الجيش في عدة مناطق، وبالطبع اليد العليا في المفاوضات لمن يحقق تقدمًا على حساب الآخر، وهو ما يؤكد أن موقف الجيش عند التفاوض سيكون أقوى من قوات الدعم السريع، لاسيما أن الحرب مهما طال أمدها سيكون النصر للجيش على حساب قوات الدعم السريع”.
هل تكون الأمم المتحدة بديلًا ناجحًا للتوسط في حل الازمة السودانية؟
وفيما تمثله زيارة المبعوث الأممي رمطان العمامرة إلى السودان، وعن دور الأمم المتحدة كوسيط بديل لحل الأزمة السودانية، أوضح “سليم”، أنّ “حل الأزمة في السودان أكرر مرهون بجلوس طرفي النزاع على طاولة الحوار، وما يحدث من جولة رمطان لعمامرة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لحل الأزمة، يمكن وصفه عبارة عن سعي المجتمع الدولي في تحمل جزء من مسؤوليته، وبعيدًا عن تفاؤل بتلك الزيارة، لايمكن أن تحقق تلك الزيارة أي تقدم ملموس مادام هناك حالة استقطاب شديدة، وعدم وجود بوادر تلوح في الأفق تشير إلى وجود توافق في الرؤى في القريب العاجل، وفي حال استمرار ذلك سينزلق السودان إلى حرب أهلية فوضوية”.
وعن رأيه في زيارة حميدتي إلى عدد من الدول الأفريقية، ومدى كون تلك الزيارات تجعله أقوى من ذي قبل، فأشار الباحث المصري إلى أنّ” جولة قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، تعكس الحرص على رسم واقع أنه ما زال يتمتع بدعم من دول الجوار، لتحقيق نصر ولو ظاهريًا على حساب عبد الفتاح البرهان، وذلك رغبة في تعويض الظهير الشعبي الذي تراجع بشكل ملحوظ في الداخل السوداني، ويبعث رسائل مفادها أنها مازال فاعلًا في الشأن السوداني العام، ومن ثم الحصول على الدعم السياسي من دول الجوار، لاسيما دول الهيئة الحكومية للتنمية إيجاد”.
وأردف: “أيضًا من جانب آخر ، تشويه صورة البرهان أمام المجتمع الدولي، خاصة وأن حميدتي أبدى استعداد لمدنية الدولة، بما يظهر الجيش غير حريص على مستقبل البلاد، ويرفض المصالحة لتحقيق مصالحه الشخصية، وهو مغاير للواقع، وتلك الزيارة تؤكد أن حميدتي يتحرك كل خطوة ضمن حساباتها، ويسعى إلى تشويه صورة الجيش، ومن ثم امتطاء المشهد السياسي في السودان، وتحقيق جميع أهدافه”.
أما عن تأكيد الحكومة السودانية في بيان رسمي عدم تعاملها مع الهئية الحكومية إيغاد وتجميد نشاطات السودان داخل المنظمة، وهل قرارها يبدو صائبًا في هذا الوقت لحل جهود الأزمة وعن مدى تأثير هذا القرار على مستوى البلاد، فأكد “سليم” أنّ “ما حدث هو تأكيد على وحدة السودان، وردة فعل طبيعية عقب دعوة قائد قوات الدعم السريع حمدان دقلو لحضور قمة في أوغندا، وهو ما اعتبر اعترفًا رسميًا بتك الميليشيا التي أهلكت الزرع والضرع في السودان، ومن جانب آخر يعبر ذلك عن مدى الرفض القاطع من الجيش السوداني إجراء مصالحة مع تلك القوات”.
وفيما يخص اعتذار إثيوبيا عن الحضور للاجتماعات وكون موقفهم جاء بسبب التطورات بين أديس أبابا ومقديشو بشأن الحدود وترسيم الأراضية الصومالية، فأوضح “سليم”، “إثيويبا بتلك الاتفاقات تسعى إلى إيجاد منفذ على البحر الأحمر، ولكن تلك الخطوة تنذر باندلاع أزمة في القرن الأفريقي، لأن تحقيق ذلك الطموح على حساب الصومال يضعنا على مشارف حرب وشيكة بين أديس أبابا والصومال والذي يتهمه بأنه يسعى للانقضاض على سيادته والهيمنة على موارده، فبالتالي أثيوبيا منغمسة في صراعات متعددة، ولا تنشغل بالأزمة السوادنية في الوقت الحالي رغم أهميتها”