ترامب يُعيد أزمة سد النهضة للواجهة: هل من حل وشيك؟

عادت أزمة سد النهضة الإثيوبي، التي تُعد من أكثر القضايا الجيوسياسية حساسية في أفريقيا حيث تهدد الأمن المائي لمصر والسودان، لتتصدر العناوين مجددًا بتصريحات لافتة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، أدلى ترامب بملاحظات جديدة حول القضية، مُشيرًا إلى احتمالية التوصل لحل قريب، ومُعيدًا بذلك تسليط الضوء على دوره السابق في هذه الأزمة المعقدة.
ترامب وتسليط الضوء على القضية مجددًا
صرح ترامب بأن سد النهضة تم تمويله جزئيًا من الولايات المتحدة، مُتسائلاً عن جدوى هذا التمويل. وقد وصف السد بأنه السبب الرئيسي في التوتر القائم بين مصر وإثيوبيا. هذه التصريحات تُثير تساؤلات حول طبيعة “الحل القريب” الذي أشار إليه، وتُعيد للأذهان المحاولات الدبلوماسية التي قادها خلال فترة رئاسته.
دور ترامب السابق في أزمة السد
في عامي 2019 و2020، لعبت الولايات المتحدة دور الوسيط الرئيسي في مفاوضات استضافتها واشنطن بين مصر وإثيوبيا والسودان، برعاية وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي. انتهت تلك المحادثات باتفاق أولي وقّعت عليه مصر، لكن إثيوبيا رفضته، ما دفع ترامب حينها إلى انتقاد أديس أبابا واتهامها بـ”انتهاك الاتفاق”.
وفي تصريحات أثارت جدلاً واسعًا آنذاك، قال ترامب إن “مصر قد تلجأ إلى تفجير السد لأنها لا تستطيع العيش بهذه الطريقة”، وهو ما عكس حجم التوتر الذي كانت تشهده المفاوضات.
سيناريوهات مستقبل الأزمة: أربعة احتمالات رئيسية
تُظهر التحليلات الراهنة أربعة سيناريوهات رئيسية لمستقبل أزمة سد النهضة:
- المواجهة العسكرية أو العمل المحدود: يُعد هذا الخيار الأكثر خطورة، حيث يُتوقع أن تتدخل مصر عسكريًا إذا ما استمرت إثيوبيا في خطواتها الأحادية دون اتفاق. يتضمن السيناريو ضربات جوية محدودة أو عمليات استخباراتية لإيقاف تشغيل السد، خاصة في فترات التعبئة الحرجة، وهو ما قد يقود إلى فوضى إقليمية.
- الحل التفاوضي بقيادة الاتحاد الإفريقي: يدعو هذا السيناريو إلى العودة إلى طاولة المفاوضات تحت مظلة إفريقية، مع تعزيز دور مؤسسات مثل “مبادرة حوض النيل”. ويركز على حلول شاملة تأخذ بعين الاعتبار أبعاد التنمية والمناخ لجميع الأطراف.
- تقاسم الموارد والربط الإقليمي: يركز هذا السيناريو على الحلول الفنية المشتركة، مثل تقنين الملء في سنوات الجفاف، والربط الكهربائي بين الدول الثلاث. يُعتبر هذا الخيار بمثابة حل “رابح للجميع”، حيث يضمن توليد الكهرباء لإثيوبيا دون الإضرار بحصة المياه لمصر والسودان.
- التدويل المنسّق للأزمة: يتضمن هذا السيناريو مشاركة أطراف دولية وازنة مثل الصين والاتحاد الأوروبي في رعاية مفاوضات جديدة. يهدف هذا النهج إلى إعادة بناء الثقة من خلال إشراف دولي وتقني على مراحل تعبئة وتشغيل السد، بعيدًا عن التدخل السياسي المباشر.
عوامل مؤثرة وتحديات قائمة
على الرغم من أن التدخل الأمريكي، سواء السابق أو المحتمل، يُعد عاملًا مؤثرًا، إلا أنه لم يكن حاسمًا في ظل فشل المحاولات السابقة. يزيد الانقسام الإقليمي وتداخل المصالح الدولية، خاصة مع تنامي النفوذ الصيني والإسرائيلي في المنطقة، من تعقيد الأزمة. تبقى التطورات المستقبلية مرهونة بتوازن هذه القوى والقدرة على التوصل إلى تفاهمات شاملة تُراعي مصالح جميع الأطراف.
المصدر: بوليتكال كيز